تجد في هذه المقالة:
مدارس النقد الأدبي الحديث
النقد الأدبي: هو عملية يتم فيها تمييز النصوص الجيدة من الرديئة عن طريق اتباع منهج معين في عملية النقد، ويكون النقد في الشعر والنثر على حد سواء، فمنذ القدم كانت تتم عملية النقد في الأسواق كسوق عكاظ مثلا، فكان النقاد ومتذوقو الشعر يتناولون النصوص الأدبية بالنقد والتحليل والمفاضلة بين الشعراء على أساسها.
فالأدب ونقده ذوق وفن، قبل أن يكون معرفة وعلما وإن كانت المعرفة تعين صاحب الحس المرهف والذوق السليم والطبع الموهوب.
حركة النقد الأدبي عند العرب
نستطيع أن نقسم حركة النقد الأدبي عند العرب إلى فترتين:
– الفترة الأولى: وتمتد من العصر الجاهلي إلى بداية عصر النهضة في القرن التاسع ففي هذه لم يكن التدوين قد انتشر وكان الاعتماد على الرواية الشفوية عشر(من العصر الجاهلي إلى مطلع العصر العباسي)
– الفترة الثانية مرحلة التدوين: وهي فترة النقد الحديث والذي يمتد إلى اليوم. ولهذا التقسيم سبب واضح، وفي هذه المرحلة فقد عرف التدوين الذي أسهم في تطوير كثير من العلوم والفنون. (من العصر العباسي إلى العصر الحديث)
أهم مدارس النقد الأدبي الحديثة
1- المدرسة الواقعية:
هي المدرسة التي تفسر النص الأدبي باعتباره تعبيرا عن الواقع، سواء أكان الواقع تاريخيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا، ومنه انطلق المنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي.
ويتم تحليل النص الأدبي وفق هذه الظروف، وتحليل استخدامه للأوجه البيانية، وبعض الكلمات اللغوية أو المصطلحات التعبيرية وفق بيئته التي عاش فيها، فاستخدام الكلمات السهلة تعبر عن العصر الحديث مثلا والصعبة تعبر عن الجاهلي وهكذا.
2- المدرسة الرومانسية:
هي المدرسة التي تدعو الكتاب والشعراء إلى التعبير عن المكنونات في أنفسهم بطريقة عفوية، وترفع شعارات الحرية والتعبير الكامل عن النفس، ولا تهتم بالشعر القديم أبدا، وإنما تعالج موضوعات جديدة، ويبرز فيها العنصر الذاتي والوجداني، ويجب أن تتحد الذات الإنسانية مع الطبيعة ويبرز فيها عنصر الحركة بروزا واضحا،
على عكس الكلاسيكية التي تدعو إلى الثبات، وتدعو لاستخدام مفردات بسيطة ولكن مع ذلك يجب ان تكون فصيحة، ويمكن تعريفها بأنها المدرسة التي تركز على الأحاسيس والمشاعر والعاطفة بشكل كبير، وتهتم بالعفوية بشكل أكبر، ومن أبرز الجماعات التي اتجهت إلى الاتجاه الرومانسي: جماعة أبولو، ومدرسة الديوان.
3- المدرسة النفسية:
هي المدرسة التي توظف علم النفس في تحليل النص الأدبي، فالنص الأدبي عند أصحابها عبارة عن نتاج وتعبير عن نفسية صاحبه، وحالاته الشعورية، وانفعالاته، وعقده النفسية، والمراحل التي مر بها حتى وصل لهذا الحال،
يعد سيغموند فرويد رائد هذا المنهج، فقد استثمر علم النفس في تحليل النص الأدبي، وقد تطور هذا المنهج على أيدي من جاؤوا بعده، أمثال كارل يونغ من الغرب، والعقاد من العرب. ويؤخذ على هذا المنهج أنه يهتم بنفسية الكاتب فقط مما يجعله يغفل عن الجماليات اللغوية والمحسنات البديعية في النص، فتتساوى جميع النصوص الأدبية لغويا في هذا المنهج.
4- المدرسة البنيوية:
هي المدرسة التي تحلل النص وفق بنيته، فلا تهتم بالظروف الخارجية كحياة الكاتب، أو ظروفه المختلفة من اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية، وإنما تحلل النص وفق التركيب اللغوي له، وهذا المنهج هو أكثر المناهج اهتماما باللغة وشاعريتها وجمالها وتشكل العبارة فيها، وهي لا تهتم بالمضمون كاهتمامها بالشكل، ويمكن اعتبار رومان ياكبسون رائد هذه المدرسة من الغرب، ومن العرب عبد السلام المسدي.
5- المدرسة التاريخية:
يقوم النقاد في هذه المدرسة بدراسة الأديب ومراحل حياته منذ الولادة مرورا بمراحل تطوره ونموه، وبعد دراسة الأديب من هذه الناحية تتم عملية نقد نصه، وبيان العلاقة بين الأديب ومجتمعه وكيف تأثر به
ويمكن بيان فائدة هذه المدرسة في قدرتها على ربط جيل كامل بنصوصهم الأدبية وبيان كيف أثرت الحياة عليهم.
6-المدرسة الاجتماعية:
هي المدرسة التي تدرس الظاهرة الأدبية باعتبارها ظاهرة اجتماعية، بحيث لا يمكن دراسة النص الأدبي في معزل عن المجتمع، وإنما هو حاصل الظروف الاجتماعية التي حدثت في مجتمع ما. وتكمن أهمية هذا المنهج، في قدرته على توثيق الظروف الاجتماعية التي حدثت في مجتمع ما
وعملية المفاضلة بين النصوص الأدبية في هذه الحالة تكمن في قدرة الكاتب على نقل ظروف مجتمعه عن طريق اللغة، والنص هو وسيلة لتوصيل رسالة اجتماعية.