أجمل قصائد الرثاء بالفصحى في الشعر العربي
يعتبر الرثاء فنا من فنون الشعر الغنائي يعبر فيه الشاعر عن آلامه وأحزانه لفقدان القريب والحبيب ، ولقد عُرف هذا الفن في الشعر العربي منذ بزوغه في العصر الجاهلي ، وفي هذا الموضوع سنترككم مع روائع من أجمل قصائد الرثاء في الشعر العربي .
حسان بن ثابت يرثي خير الخلق
بطيبة َ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ * * * * * * منيرٌ، وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمة * * * * * * بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ
ووَاضِحُ آياتٍ وَبَاقي مَعَالِمٍ * * * * * * وربعٌ لهُ فيهِ مصلى ً ومسجدُ
معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها * * * * * * أتَاهَا البِلَى ، فالآيُ منها تَجَدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ * * * * * * وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ
ظللتُ بها أبكي الرسولَ فأسعدتْ * * * * * * عُيون وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ
تذكرُ آلاءَ الرسولِ وما أرى * * * * * * لهَا مُحصِياً نَفْسي فنَفسي تبلَّدُ
مفجعة ٌ قدْ شفها فقدُ أحمد * * * * * * فظلتْ لآلاء الرسولِ تعددُ
فَبُورِكتَ يا قبرَ الرّسولِ وبورِكتْ * * * * * * بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ
—
المهلهل يرثي أخاه كليبا
أَهَاجَ قَذَاءَ عَيْنِي الإِذِّكَارُ * * * * * هُدُوّاً فَالدُّمُوعُ لَهَا انْحِدَارُ
وَصَارَ اللَّيْلُ مُشْتَمِلاً عَلَيْنَا * * * * * كأنَّ الليلَ ليسَ لهُ نهارُ
وَبِتُّ أُرَاقِبُ الْجَوْزَاءَ حَتَّى * * * * * تقاربَ منْ أوائلها انحدارُ
أُصَرِّفُ مُقْلَتِي فِي إِثْرِ قَوْمٍ * * * * * تَبَايَنَتِ الْبِلاَدُ بِهِمْ فَغَارُوا
وَ أبكي وَ النجومُ مطلعاتٌ * * * * * كأنْ لمْ تحوها عني البحارُ
عَلَى مَنْ لَوْ نُعيت وَكَانَ حَيّاً * * * * * لَقَادَ الخَيْلَ يَحْجُبُهَا الغُبَارُ
دَعَوْتُكَ يَا كُلَيْبُ فَلَمْ تُجِبْنِي * * * * * وَ كيفَ يجيبني البلدُ القفارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمٌّ * * * * * ضنيناتُ النفوسِ لها مزارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمُّ * * * * * لقدْ فجعتْ بفارسها نزارُ
سقاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثاً * * * * * وَيُسْراً حِينَ يُلْتَمَسُ الْيَسَارُ
أَبَتْ عَيْنَايَ بَعْدَكَ أَنْ تَكُفَّا * * * * * كَأَنَّ غَضَا الْقَتَادِ لَهَا شِفَارُ
—
الخنساء ترثي أخاها صخر
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي * * * * * * فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ * * * * * * ليَوْمِ كَريهَة ٍ وطِعانِ حِلْسِ
وللخصمِ الالدِّ اذا تعدَّى * * * * * * ليأخُذَ حَقّ مَظْلُومٍ بقِنسِ
فلمْ ارَ مثلهُ رزءًا لجنٍ * * * * * * ولم أرَ مِثْلَهُ رُزْءاً لإنْسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً * * * * * * وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي * * * * * * على اخوانهمْ لقتلتُ نفسي
فلا واللهِ لا انساكَ حتَّى * * * * * * افارقَ مهجتي ويشقَّ رمسي
–
وقالت أيضا :
قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ * * * * * * امْ ذرَّفتْ أذْخلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ * * * * * * فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ * * * * * * وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ * * * * * * لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا * * * * * * اذْ رابهَا الدَّهرُ انَّ الدَّهرَ ضرَّارُ
لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ * * * * * * وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَاطوارُ
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا * * * * * * وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا * * * * * * وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ * * * * * * كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
—
جرير يرثي زوجته :
لَولا الحَياءُ لَعادَني اِستِعبارُ * * * * * * وَلَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ
وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظرَةٍ * * * * * * في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ
فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظرَةً * * * * * * وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ
وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَبرَةٌ * * * * * * وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ
أَرعى النُجومَ وَقَد مَضَت غَورِيَّةً * * * * * * عُصَبُ النُجومِ كَأَنَّهُنَّ صِوارُ
عَمِرَت مُكَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت * * * * * * ما مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ
فَسَقى صَدى جَدَثٍ بِبُرقَةِ ضاحِكٍ * * * * * * هَزِمٌ أَجَشُّ وَديمَةٌ مِدرارُ
—
أبو حفصة يرثي حكيم العرب معن بن زائدة
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى * * * * * * مَكارِمَ لَنْ تَبِيدَ ولَنْ تُنَالاَ
كأنَّ الشَّمْسَ يَوْمَ أُصِيبَ مَعْنٌ * * * * * * من الإظلام ملبسة ٌ جلالاَ
هُو الجَبَلُ الذي كَانَتْ نِزَارٌ * * * * * * تهد منَ العدو به الجبالاَ
وعطلتِ الثغور لفقد وأرثتها * * * * * * مصيبتهُ المجللة ُ اختلالا
أصاب الموت يومَ اصابَ معنا * * * * * * مِنَ الأحْياءِ أكْرَمَهُمْ فَعَالاَ
وكانَ الناسُ كلهم لمعنٍ * * * * * * إلى أن زار حفرتهُ عيالا
ولم يكُ طالٌ للعرف ينوي * * * * * * إلَى غَيرِ ابنِ زَائِدَة َ ارْتِحَالاَ
مَضَى مَنْ كَانَ يَحْملُ كُلَّ ثِقْلٍ * * * * * * ويسبق فضل نائله السؤلا