مفهوم النخيل في القرآن
النخل جمع نخلة: سميت بهذا الاسم لأنها شجر ذوات جذوع أو سيقان منخولة من الداخل، يمكننا إفراغ جذوع سيقانها ،
يقول تعالى (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة) ، أي فارغة من الداخل.
شكل النخلة في القرآن هي باسقة الطول لا تتفرع إلى سيقان فرعية وطلعها نضيد، أي منسق ومرتب.
يقول تعالى (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيد) ، هنا يصف الله شكل النخيل ، قوله (بَاسِقَاتٍ) تعني ساقها طويل لا يتفرع إلى سيقان فرعية ، وأما قوله (لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيد) ، أي أن الثمار التي تطلع عليها من الأعلى تكون بشكل مرتب ومنسق ، وقولنا ( نضد الأثاث) تعني : نسّقه، رتّبه، وقولنا : نضد الكتب : أي نسقها وجمعها بشكل مرتب على الرفوف، وقولك : أسنان منضدة : تعني مرتبة .
لفظة “النخل” في القرآن تأتي بصفة عامة لأنواع كثيرة من الأشجار وأهمها ( التمور- الموز – البابايا …الخ ، طلعها يكون رطب دائما جاهز للهضم وهو في قوله تعالى (وزوع ونخل طلعها هضيم) ، قوله: هضيم يعني ثمار رطبة مهضومة جاهزة للأكل ، لا تحتاج معه المعدة إلى طاقة كبيرة لهضمه وإحراقه.
النخل في القرآن نوعان بصريح القرآن :
النوع الأول : نخيل طلعها قنوان مثل شجرة التمر لقوله تعالى (وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ) ، لاحظوا معي وجود (من) التبعيضية في قوله تعالى (ومن النخل) ، أي أن هناك الكثير من أشجار النخيل بأنواعها المختلفة، لكن هناك نوعا واحدا منها يكون طلعها قنوان ، وقوله (قِنْوَانٌ): يعني العذق يحمل رطب مجموع ببعضه بشكل متراص . قنوان من جذر “قنو” وتعني الجمع ، قولك :قنينة ماء ، أي قارورة تجمع فيها الماء ، وقولك : ( قنا المال ) : أي جمعه لنفسه . وقولك : اقتنيت الأشياء : أي حصلت عليها وجمعتها ، وقولك : قناة تلفزيونية : أي محطة جامعة لبرامج متنوعة فيها ، وقولك : قناة السويس ، أي ممر يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض ، يجتمع مياة البحرين بداخلها. وغصن القنا : أي أغصان تجتمع الثمار وتتكدس عليها فيكون الغصن مثقل بالثمار.
النوع الثاني: النخيل ذات الأكمام لقوله تعالى (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَام): وهي أشجار تشبه نخيل التمر في الشكل والبنية مثل (شجر الموز – البابايا) وهي تنتج ثمار مكممة أي مغطاة بقشرة : يقول تعالى : (وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا) أما الكم فهو معروف باللسان العربي : نقول في اللغة : كّم الإناء : أي غطاه وستره ، وسمي الأكمة بهذا الاسم : لأنه يولد بأعين مغطاة لا تبصر شيئا ، يقول تعالى عن عيسى (وأبرىء الأكمه) أي المولود بأعين تغطت عنه الرؤية. وكم السبع : غشاء يغطي مخالبه ،ومن هذا الجذر جاءت لفظة ” كمين” وتعني : قوم يستخفون – يتغطون في مكمن أو مخبأ يرقبون مرور عدوّ ليهاجموه في غفلة منه.
ومنه جاءت لفظة ” الكم”، وسميت اللكمة بهذا الاسم من هذا القبيل : كأن يقوم الملاكم بتغطية شيء في يده والقبض عليها فيضرب بها وكمّ السّقاء : غطّاه وستره وأخفاه.
وعليه: فإن أكمام الثمار هي قشورها التي تغطي الثمرة بداخلها مثل ( الموز – البابايا ) وغيرها.
إن النخيل ذات الأكمام في القرآن محصورة على أشجار بعينها ساقها خاوي من الداخل وما يطلع عليها من ثمار تكون مكممة رطبة مهضومة ،طلعها هضيم ، أي رطب لا يحتاج إلى الهضم.
يقول تعالى عن مريم:( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) قطعا لا يمكن لمريم أن تهز جذع نخلة من النوع الأول، أي التي طلعها قنوان كالتمر ، جذوع شجرة التمر عريضة فلا يمكن لرجل بالغ أن يحدث فيها أي إهتزاز ،فما بالك بامراة للتو خرجت من ولادتها.؟
منقول بتصرف