قصة مثل: جوع كلبك يتبعك
المَثَل هو العبارة المُقتطعة من الكلام، المنقولة -عمّن وردت عنه- إلى حالةٍ مشابهةٍ دون تغييرٍ أو تبديل، وتُطلق كلمة “مثل” على الأسطورة المحكيَّة على لسان الحيوان أو الجماد أو الإنسان، والجمع من كلمة مَثَل هو أمثال،
ومن بين الأمثال المتواترة على ألسنة النَّاس قولهم “جوّع كلبك يتبعك”، وله رواية أخرى هي أجِع كلبك، وهو مثلٌ عربيٌّ قديم يُذكر في القوم اللئام في كيفية الطَّريقة التي يجب أن يُعاملوا بها، ويستعمله النَّاس في الوقت الحاليِّ لنفس الغرض تقريبًا.
وقد كان أوَّل من قالها ملكٌ من ملوك حِمير كان غليظًا فظًّا على رعيّته يجوّعهم ويسلبهم ما في أيديهم من المال وغيره، وقد أخبره بعض الكهنة أنّ رعيّته ستقتله يومًا، ولكنّه لم يكن يهتمّ لكلامهم،
وقد حذّرته زوجته منهم؛ ذلك أنّ الرّعيّة كانت تعيش في شظفٍ من الحياة وهو وأسرته كانوا يعيشون حياة رغيدة، فكان يقول لها: “جوّع كلبك يتبعك”، وقد صارت مثلًا منذ أن قالها.
وذات يوم أرسل قومه إلى غزوة ولم يعطِهِم من الغنائم شيئًا، فلمّا خرج قومه من عنده ولم ينالوا شيئًا من الغنائم حرّضوا أخاه على قتله قائلين له إنّ المُلك لا يكون إلّا في أسرته، ولكنّ ذلك الملك قد ظلمهم بما فيه الكفاية، فاقترحوا على أخيه أن يعينهم على قتله
وكان أخوه يعلم مقدار ظلم أخيه لرعيّته، فأعانهم عليه فوثبوا عليه جميعًا فقتلوه وأردوه جثّة هامدة، وأجلسوا أخيه مكانه على كرسي الملك، ومرّ بالملك وهو مقتول عامر بن جذيمة وقد كان سمع قول الملك قبلًا “جوّع كلبك يتبعك”، فقال له: “ربما أكل الكلب مؤدِّبه إذا لم ينل شبعه”، فصار هذا الكلام مثلًا أيضًا منذ قاله عامر بن جذيمة.