أوّل من لُقِّب بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن

تُطلَق صفة الحرمَيْن الشريفَيْن على الحرم المكيّ حيث وُجِد البيت العتيق، والحرم المدنيّ حيث كان مثوى الرسول الكريم عليه الصّلاة والسّلام، أمّا لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن فقد أطلقه السّلاطين المسلمون على أنفسهم منذ العهد الأيوبيّ، واستمرّوا في إطلاقه على أنفسهم واعتباره من ألقاب الملك حتّى نهاية العهد العثمانيّ

وكان أوّل من حمل هذا اللقب هو صلاح الدين الأيوبيّ؛ إذ أشار من خلاله إلى بسط نفوذه على العالم الإسلامي، وفي عصر المماليك لُقِّب السُّلطان المملوكي الأشرف أبو نصر برسباي بلقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، أمّا في العهد العثماني فكان السُّلطان الأول الذي لُقِّب بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن هو السُّلطان العثماني سليم الأول، وحديثاً أطلق ملك المملكة العربيّة السعوديّة لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن على نفسه، وعدّه أحد ألقاب المُلك الرسميّة خاصّته.

 وفي المملكة العربية السعودية كان الملك فيصل أوّل من اقترح استخدام لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، ولكنّه لم يفضّل أن يُنادى به، فعندما قدّم كسوة الكعبة أثناء فترة حُكمه، قال إنّه لا يريد أن يُكتَب اسمه عليها، وإنّما اكتفى بأن يُكتَب أنّها قُدِّمت أثناء عهد خادم الحرمَيْن الشريفَيْن دون ذكر اسمه،

ولم يستخدم اللقبَ من بعده الملكُ خالد أيضاً، وإنّما لُقِّب به الملك فهد عندما استلم الحكم عام 1982م، وبعد وفاته تسلّم الحكم الملك عبد الله في عام 2005م ولُقِّب هو أيضاً بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن، أمّا الملك الثالث الذي لُقِّب بهذا اللقب بعد الملكين فهد وعبد الله فهو الملك سلمان.

صلاح الدين الأيوبيّ خادم الحرمَيْن الشريفَيْن

تابع صلاح الدين الأيوبيّ القيام بالمهمّات التي كان نور الدين زنكي قائماً عليها قبله، لا سيّما توحيد القوى الإسلاميّة لقتال الصليبيّين؛ وذلك عن طريق إحياء الخلافة العباسيّة، ومن المهام التي قام عليها كذلك رعاية الحُجّاج وتأمين طُرق الحجّ لهم

 ومن مظاهر رعايته للحرمَيْن الشريفَيْن أنّه أمر بإلغاء الضرائب التي جُمِعت من المسافرين القادمين عبر البحر الأحمر إلى جدّة، كما قدّم لحاكم مكّة المكرمة تعويضاتٍ تُقدَّر بثمانية آلاف مكيال من القمح سنوياً تُجلَب عن طريق البحر، وثمانية ألاف أخرى ليتمّ توزيعها على المرضى في مستشفى مكّة المكرمة.

 وكانت رعاية صلاح الدّين للحُجّاج عن طريق تخصيص أوقاف خاصّة بهم؛ لينفقوا على حاجاتهم أثناء أدائهم الحج، كما خصّص إقطاعاتٍ من الأراضي لأمير المدينة في مصر واليمن

 بالإضافة إلى إقطاعاتٍ خاصّة لأمير المدينة المنورة وأبنائه المُقيمين في مصر، أمّا الضرائب غير المشروعة التي يجمعها التجار من الحُجّاج فقد أمر صلاح الدين الأيوبيّ بإلغائها أيضاً، الأمر الذي جعل الطُّرق أكثر أماناً للحُجّاج.

 وكان لصلاح الدين تأثير كبير على العالم الإسلامي، حتى إنّ الحُجّاج كانوا يذكرونه في دعائهم بعد الخليفة العباسيّ وأمير مكة؛ وذلك لما قدّمه لهم من رعاية، ومن إلغاء للضرائب التي كانت تشقّ عليهم، وقد قال ابن جبير عنه: إنّه اعتنى كثيراً بالحجاج، وقام بذلك بنفسه دون الاتّكال على الخَدَم أو المسؤولين الآخرين، وكان يُسهّل عليهم، ويمنع وقوع أيّ عدوان ضدّهم، وهذا ما منح صلاح الدين لقب خادم وحامي الحرمَيْن الشريفَيْن، الذي يُعدّ من أهمّ مظاهر القيادة السياسيّة في العالم الإسلامي.

أول من لقب بخادم الحرمين
  • تم النشر في:

    أول من (أوائل)

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=17793

اقرأ في الموقع