الكهرباء ووحدات قياسها
يمكن تعريف الكهرباء بأنّها الظاهرة الناشئة عن وجود شحنات كهربائيّة، حيث تعتمد الوحدة الأساسيّة للشحنة الكهربائيّة على البروتون، أو الإلكترون، وتُمثِّل شحنة البروتون الشحنة الموجبة، أمّا شحنة الإلكترون فهي تُمثِّل الشحنة السالبة
وقد تبيَّن أنّ معظم الجُسَيمات الأوّلية للمادّة تمتلك شحنة، سواء كانت شحنة موجبة، أو سالبة، حيث تتنافر الشحنات المُتشابهة، وتتجاذب الشحنات المُختلفة، وتُعَدّ قوّة التجاذُب الكهربائيّة بين الشحنات أكبر بكثير من قوّة الجاذبيّة بين الجُسَيمات
وعند تساوي أعداد الإلكترونات والبروتونات، تكون الذرَّة مُحايدة كهربيّاً، وإذا زادت أعداد الإلكترونات عن البروتونات، فإنّ الذرَّة حينها تُمثِّل أيوناً سالباً، أمّا إذا قلّ عدد الإلكترونات عن عدد البروتونات، فإنّ الذرَّة تكون أيوناً مُوجباً، وتختلف الموادّ في مقدرتها على السماح بتدفُّق الشحنة الكهربائيّة من خلالها؛ حيث تُسمَّى الموادّ التي تسمح بمرور الشحنة الكهربائيّة من خلالها بسهولة “المُوصِلات”، وتُسمَّى الموادّ التي لا تَسمح بمرور الشحنة الكهربائيّة من خلالها ب “الموادّ العازلة”
كما يوجد نوع ثالث من الموادّ، وهي “أشباه المُوصِلات”، والتي قد تسمح بمرور الشحنة من خلالها في ظروف مُحدَّدة
وهناك ثلاثة أنظمة أساسيّة من الوحدات المُستخدَمة لقياس الكمّيات الكهربائيّة، وأكثر الوحدات شيوعاً هي وحدة الأمبير وهي وحدة القياس المُستخدَمة في الوقت الحالي، ووحدة الكولوم ؛ وهي وحدة قياس الشحنة، ووحدة الفولت ؛ وهي وحدة قياس القوّة الدافعة الكهربائيّة، ووحدة الأوم ؛ وهي وحدة قياس المُقاوَمة.
بداية اختراع الكهرباء
بدأ اختراع الكهرباء في القرن التاسع عشر، عندما اخترعَ العالِم الأمريكيّ توماس إديسون المصباح الكهربائي، والذي يُعَدّ واحداً من أعظم الاختراعات الكهربائيّة في التاريخ، كما طوَّر إديسون أوّل محطّة كهربائيّة تجاريّة، تُعرَف باسم (محطّة بيرل ستريت)
وقد استخدم في محطّته دينامو مُشغِّل الطاقة الجامبو، والذي كان يتمّ تشغيله بواسطة حَرْق الفَحْم، وينتج هذا الدينامو في البداية 100 كيلو واط من الطاقة التي تُغذِّي 25 منزلاً، بواسطة كابلات يصل طولها إلى 15 ميل، وقد تمّ تطوير الدينامو فيما بعد ليخدمَ ما يُقارب 400 عميل بالكهرباء اللازمة لإنارة 10000 مصباح كهربائيّ، بواسطة التيّار المُباشر (DC)
وأدّى اكتشاف إديسون للمصباح الكهربائيّ، والإضاءة منخفضة التكلفة وعالية الجودة، إلى وَضْع حَجَر الأساس في صناعة الكهرباء، وتشييد محطّات توليد الكهرباء
حيث استخدمَ العالِم الكرواتيّ نيكولا تيسلا التيّار المُتناوِب (AC)؛ لنَقْل الكهرباء عَبْر مسافة طويلة، وأدّى هذا الاكتشاف إلى خَفْض مبيعات إديسون، والتوجُّه إلى استخدام التيّار المُتناوِب، ممّا أثار العداوة بين إديسون، ومُوظَّفه السابق تيسلا
حيث شنَّ إديسون حملة تشويه فعّالة أدّت إلى مَسْح اسم نيكولا تيسلا من العديد من كُتُب التاريخ، وعلى الرغم من ذلك، أصبح التيّار المُتناوِب هو التيّار الكهربائيّ الشائع في جميع أنحاء العالَم. .
بعد اكتشاف تيسلا للتيّار المُتناوِب، واستخدامه في إنارة معرض كولومبيا العالميّ في شيكاغو عام 1885، طبَّقَ جورج ويستينغهاوس نظام التيّار المُتناوِب بشكل تجاريّ في شركته، كما تمّ إنشاء محطّة الطاقة الكهربائيّة المائيّة “شلّالات نياجارا” عام 1883، والتي تمّ من خلالها توليد كهرباء منخفضة التكلفة، وذات فاعليّة أكبر؛ إذ ساهمت المحطّة في إلغاء السِّكَك الحديديّة التي تُشكِّل البُنية التحتيّة الأساسيّة التي كان يتمّ نَقْل وتوزيع الفَحْم من خلالها
بعد ذلك، صمَّم المهندس السويديّ جوستاف دي لافال في أواخر القرن التاسع عشر، مُحرِّكاً بُخاريّاً يستخلصُ الطاقة الحراريّة من البُخار المضغوط، وحوَّله إلى حركة دوّارة، وأَطلقَ على هذا الاكتشاف اسم “المُحرِّك التوربينيّ”، وعلى الرغم من ذلك، لم يحظَ هذا المُحرِّك التوربينيّ بنجاح تجاريّ، إلّا أنّه ساهم بشكل كبير في دَفْع عجلة التكنولوجيا نحو الأمام، حيث ابتكرَ المهندس البريطانيّ تشارلز بارسونز أوّل مُولِّد توربينيّ في عام 1884، إذ كان يُولِّد 7.5 كيلو واط فقط، وبقدرة تحويل منخفضة، واستمرَّ في تطوير اختراعه؛ ليتمكَّن من اختراع أوّل توربين مُكثّف
كما أنشأ في عام 1900م، أوّل محطّة لتوليد الكهرباء بقوّة 1 ميجا واط، واستمرَّت التوربينات التي تعمل بالبُخار في توليد معظم الكهرباء التي يتمّ إنتاجها في جميع أنحاء العالَم.
تاريخ اكتشاف الكهرباء
في الحقيقة، لم يتم اختراع الكهرباء؛ كونها شكلاً من أشكال الطاقة الموجودة في الطبيعة، لكن الإغريق القدماء في حوالي سنة 600 ق.م، اكتشفوا أن فرك الفراء على العنبر يتسبب في جاذبية بين الاثنين، وهذا نوع من الكهرباء
وفي عام 1930م اكتشف الباحثون من علماء الآثار وجود صفائح من النحاس، يُعتقَد أنها ربما كانت بطاريات قديمة تهدف إلى إنتاج الضوء في المواقع الرومانية القديمة، وقد تم العثور على أجهزة مماثلة في الحفريات الأثرية بالقرب من بغداد، مما يعني أن الفرس القدامى ربما استخدموا أيضاً شكلاً مبتكراً من البطاريات.
كل ما عُرِف في البداية عن الكهرباء هو أن فرك العنبر والطائرة يجذبان الأشياء، وما يأتي يبين بداية تاريخ الكهرباء:
•في عام 1600م، كان الطبيب الإنجليزي ويليام جيلبرت أول من صاغ مصطلح الكهرباء في كتابه الشهير حيث تحدث فيه عن تجاربه في الكهرباء والمغناطيسية.
•في عام 1660م، اخترع العالم الألماني أوتو فون جيريك أول مولد كهربائي لإنتاج الكهرباء الساكنة.
•في عام 1729م، اكتشف العالم الإنجليزي ستيفن جراي مبدأ توصيل الكهرباء.
•في عام 1933م، اكتشف العالم الفرنسي تشارليز فرانس دو فاي أن الكهرباء تأتي على شكلين؛ سالب وموجب، أطلق على الشكل الأول اسم راتينجى وهو يُعرَف الآن باسم سالب أما الشكل الثاني فأطلق عليه اسم زجاجي وهو يُعرَف الآن باسم موجب
•في عام 1745م، اخترع كل من العالم الفيزيائي الهولندي بيتر فات موشنبروك ، ورجل الدين الألماني العالم إيوالد كريستيان فون كلايست في الوقت نفسه تقريباً، أول مكثف كهربائي سُمّي جرة ليدن، وهو جهاز يخزن ويصدر شحنة كهربائية. في ذلك الوقت كانت الكهرباء تعتبر السائل أو القوة الغامضة التي توجد داخلها، وكانت التسمية بجرة ليدن نسبة إلى مسقط رأس العالم موشنبروك وجامعة ليدن.
•في عام 1747م، كان العالم الإنجليزي هنري كافندشي أول من قام بقياس الموصلية ، وهي قدرة المواد المختلفة على توصيل التيار الكهربائي.
•في عام 1752م، كان أول تطبيق عملي للكهرباء هو مانعة الصواعق التي صممها العالم بن فرانكلين ، حيث اكتشف أن الكهرباء والبرق متماثلان.
•في عام 1786م، عرّض الطبيب الإيطالي لوجي غالفاني عضلات الضفدع لشحنة كهربائية أدت إلى ارتجاجها، وهذا ما يُعرَف الآن بالأساس الكهربائي لنبضات الأعصاب