دعاء القنوت في الوتر
يُعرَّف دعاء الوتر في اصطلاح العلماء بأنّه: الدعاء الذي يدعو به المُصلّي عند قيامه من الركوع في آخر ركعة فرديّة من صلاة الوتر.
ويُطلَق على الدعاء في صلاة الوتر (دعاء القنوت)، ويكون بعد القيام من الركوع في صلاة الوتر -كما ذُكِر سابقاً- على ما صحّ من أقوال العلماء، أمّا بالنسبة إلى صِيَغ دعاء الوتر، فإنّ له عدّة صِيَغ وردت في السنّة، ومنها:
حُكم دعاء الوتر
يختصّ دعاء صلاة الوتر بأحكام ذكرها الفقهاء في كُتبهم، وهم في ذلك على عدّة أقوال، على النحو الآتي:
المالكيّة: يُكرَه عندهم الإتيان بدعاء القنوت في صلاة الوتر على المشهور في مذهبهم.
الشافعية: يُسَنّ عندهم في النصف الثاني من شهر رمضان، أمّا في غير ذلك فهو مكروه، وذهب الإمام النوويّ من فقهاء الشافعية إلى أنّه مَسنون طيلة أيّام السنة.
الحنابلة: يُسَنّ القنوت في الوتر في كلّ ليلة على المشهور في المذهب عندهم.
الحنفية: يُعَدّ القنوت في صلاة الوتر سُنّة، واستدلّوا على ذلك بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما علّم الحسن بن عليّ – رضي الله عنه- دعاء الوتر، فقال: (علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَلِماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ).
ترك دعاء الوتر
اختلف الفقهاء في حُكم من نَسِي القنوت في صلاة الوتر على آراء، وبيان ذلك على النحو الآتي:
الحنابلة: يرون إباحة سجود السهو لمَن ترك دعاء القنوت، وعدم وجوبه، وإن سجد فلا بأس، ودليلهم أنّ القنوت ليس بفرض، وأنّ تَرك المُصلّي له لا يُبطِل صلاتَه ولو عمداً؛ لأنّ القنوت لا يُعَدّ من أركان الصلاة.
الحنفية: يرون أنّ القنوت جزء من صلاة الوتر؛ ولذلك يجب على من نَسِيه أن يسجدَ سجود السهو.
الشافعية والمالكية: يرون أنّه لا سجود على من نَسِي القنوت، ودليلهم على ذلك أنّ القنوت ليس رُكناً من الصلاة، ولا جزءاً منها، وإنّما هو من الهيئات؛ والمقصود بذلك: أنّها من السُّنَن التي لا تُجبَر بالنقص؛ لعدم ورود جُبرانها به.
أدعية صلاة الوتر
• عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يقولُ في وترِهِ اللهم إِنَّي أعوذُ برضاكَ من سخَطِكَ وأعوذُ بمعافاتِكَ من عقوبَتِكَ وأعوذُ بك منكَ لا أُحْصي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ).
• عن عبدالرحمن بن أبزى -رضي الله عنه- حين قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ صلاةَ الصُّبحِ فَسَمِعْتُهُ يقولُ بعدَ القِراءةِ قبلَ الرُّكوعِ : اللَّهمَّ إيَّاكَ نَعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسعَى ونَحفِدُ، نَرجو رَحمتَكَ، ونَخشَى عذابَكَ، إنَّ عذابَكَ بالكافِرينَ مُلحِقٌ، اللَّهمَّ إنَّا نَستعينُكَ ونَستغفِرُكَ، ونُثني عَليكَ الخيرَ، ولا نَكْفرُكَ، ونؤمنُ بِكَ، ونخضَعُ لَكَ، ونَخلَعُ مَن يَكْفرُكَ).
• عن الحسن بن عليّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (علَّمَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كلِماتٍ أقولُهنَّ في الوِترِ في القنوتِ: اللَّهمَّ اهدِني فيمَن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).
وقت مشروعيّة الدعاء في الوتر
دعاء الوتر يختصّ بوقت مُعيَّن يُستحَبّ للمسلم أن يدعو به، وقد وردت عدّة أقوال للعلماء في ذلك، على النحو الآتي:
الحنفية والحنابلة: يرون أنّ الدعاء مشروع في أيّام السنة جميعها، ودليلهم على ذلك أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- علّم الحسن بن علي -رضي الله عنه- دعاء يدعو به في قنوت الوتر -كما سبق القول-.
الشافعية: يرون أنّ الدعاء في الوتر مشروع في النصف الأخير من رمضان فقط، كما يرون أنّه لا قنوت في الصلوات إلّا في صلاة الفجر على كلّ حال، أمّا القنوت في غير صلاة الفجر فهو مخصوص بحالة نزول نازلة بالمسلمين، وأدلّتهم على أنّ الوتر مشروع في النصف الأخير من رمضان ما يأتي:
المالكية: يرون أنّه لا قنوت في الوتر مُطلقاً، وهذا على المشهور في مذهبهم.
ما ورد عن أنّ عمر وعليّاً وأُبَيّ بن كعب كانوا لا يقنتون إلّا في النصف الآخر من رمضان.
ويرى الإمام ابن باز أنّ قنوت الوتر مشروع، ومُستحَبّ؛ سواء أكان في أوّل الليل، أم في وسطه، أم آخره؛ لأنّ دعاء الوتر مُتعلِّق بأداء الوتر، ووقت الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بحيث يدعو المُصلّي في وتره ما يشاء في أيّ وقت من الليل، دون تخصيصه بوقت مُعيَّن، وإن ترك دعاء القنوت فلا حرج عليه.