تجد في هذه المقالة:
علامات الترقيم في اللغة العربية : بحث شامل
موضوع مفصل يتناول الاستخدامات المختلفة لهذه العلامات ومواضعها في الجمل ، حتى تتوصلوا لإتقان فن الكتابة الصحيحة والمنسقة .
تعريف علامات الترقيم
الترقيم هو علم يتبع النحو العربي والصرف والبلاغة يوظف علامات ورموز تستعمل في تنظيم الكتابة؛ تستعمل علامات الترقيم منها في الفصل بين كلمات أو أجزاء من الجملة.
علامات الترقيم هي علامات ورموز متفق عليها توضع في النص المكتوب بهدف تنظيمه وتيسير قراءته وفهمه، وهي لا تعتبر حروفاً، وهي غير منطوقة
من أغراضها تنظيم الكتابة ، وتسهيل القراءة ، وسرعة الفهم ، وجودة الإلقاء ، فضلا عن تجميل الكتابة ، وحسن عرضها .
والترقيم مأخوذ من ( رقم ) الكتاب ، إذا كتبه ، أو من ( رقّم ) الكتاب بمعنى نقّطه ؛ ليبين حروفه ، أو بمعنى نقشه ، وزخرفه .
هل كان العرب قديما يعرفون علامات الترقيم ؟
لم يعرف العرب من علامات الترقيم في القرون الأولى للهجرة سوى النقطة ، أو ما يقوم مقامها ، كأداة للفصل بين الجمل ، وكانت النقطة في البداية عبارة عن دائرة كانت تستخدم أحيانا مجردة توضع بداخلها نقطة ، وفي بعض الأحيان يخرج من الدائرة خط .
لم يعرف العرب علامات الترقيم في الكتابة في بداية دعوة الإسلام ، ومع انتشار الرقعة للدولة المسلمة ودخول اجناس غير عربية بدأ العرب أولا بتنقيط الحروف على يد أبو الأسود الدؤلي (69 هـ) ولمعرفة مكان توقف القرّاء، أخذوا يضعون دائرة وفي داخلها نقطة، أو يخرج منها خط، كأداة للفصل بين الجمل
ثم أدخل شيخ العروبة أحمد زكى باشا علامات الترقيم إلى اللغة العربية لأنه رأى أن اللسان العربي مهما بلغ درجة العلم لا يتسنّى له في أكثر الأحيان أن يتعرّف على مواقع فصل الجمل وتقسيم العبارات
أهمية علامات الترقيم
يتصل الترقيم بالرسم الإملائي اتصالا وثيقا ، فكلاهما عنصر من عناصر التعبير الكتابي الواضح السليم ، ويختلف المعنى في كثير من السياقات اللغوية باختلاف رسم الحروف إملائيا في الكلمة من حيث الخطأ والصواب في كتابتها ، كما يختلف المعنى بالقدر نفسه إذا أسيء استخدام علامات الترقيم .
فإذا كان الفرق في المعنى يظهر جليا بين كتابة الكلمتين بصورة يكون المقصود إحداهما ، مثل : ( سُئِلَ محمد ) و ( سأَلَ محمد ) ، أو ( مُلِئَ الإناءُ ) و ( ملَأَ الإناءَ ) ؛ فإن الفرق معنويا كذلك يظهر في علامات الترقيم ، مثل : ( السماء صافية ) و ( السماء صافية ؟ ) بالنبرة الاستفهامية الذي يظهرها النطق .
وما يظهر كذلك في الفرق بين : ( ما أجملُ المناظرِ في الربيع ؟ ) و ( ما أجملَ المناظرَ في الربيع ! ) ، و ( ما أجملَ المناظرَ ) باستعمال ( ما ) النافية .
وهو ما ظهر جليا عندما تعجبت ابنة العالم النحوي الكبير وأحد مؤسسي لبناته ، أبي الأسود الدؤلي ، فلم يفهم والدها منها ذلك . حيث قالت : ما أجملُ السماء ؟ بضم اللام ومعناه الاستفهام ، فأجابها بحسب فهمه الصحيح للقول المنطوق ، وليس المتصور في ذهن الفتاة .
حيث فهم من كلامها أنها تسأل عن الشيء أو الأشياء الجميلة في السماء . فأجابها قائلا : نجومها يا بنتي . فقالت له : يا أبت ، إنما أنا متعجبة لا مستفهمة . فأجابها : إذن قولي ( ما تظهره الكتابة ) : ما أجملَ السماءَ ! بالنصب لا بالرفع .
علامات الترقيم ومواضعها
الفاصلة
الفصْلَة أو الفاصلة ، ويسميها بعضهم ( الشّولة ) ، وترسم هكذا ( ، ) .
، كما يحسن أن توضع في المواقع الآتية :
1 – بين الجمل التي يتكون من مجموعها كلام تام في معنى معين ، مثل :
إن العلم للنفس الإنسانية كمال تتحلى بفضائله ، وهو نور العقل ، وسراج القلب ، به تنال الشرف .
2 – بين أنواع الشيء وأقسامه ، مثل : أنواع المادة ثلاثة : أجسام صلبة ، وأجسام سائلة ، وأجسام غازية .
3 – بين الكلمات المفردة المرتبطة بكلمات أخرى ، تجعلها شبيهة بالجمل في طولها ، مثل : ما ندم من استشار ، ولا خاب من استخار .
4 – بعد المنادى ، مثل : يا رجل ، اتق الله .
5 – بين الشرط وجوابه ، وخاصة إذا طالت جملة الشرط ، مثل : إذا لم تحترم من هم أكبر منك ، فقد تقل مروءتك .
6 – بين القسم وجوابه ، مثل : والله ، لأكرمنك .
7 – قبل الجملة الحالية ، مثل : جاءنا ضيف ، وثيابه نظيفة .
8 – قبل الجملة الوصفية ، مثل :جاءنا ضيف ، ثيابه نظيفة .
9 – بين الأجزاء المتشابهة في الجملة ، كالأسماء والأفعال والصفات… التي لا يوجد بينها أحرف عطف ، مثل :المعلم النشيط يقرأ ، يشرح ، يقارن ، يعلق ، ويعلل .
10 – بعد حرف الجواب ، مثل :نعم ، إني أحب العمل .
–
الفاصلة المنقوطة
الفَصْلة أو الفاصلة المنقوطة ، وترسم هكذا ( ؛ ) .
تدل على وقف أطول من الفاصلة ، وتوضع :
1 – بين جملتين تكون ثانيتهما مسببة عن الأولى ، مثل : لقد غامر بماله كله في مشروعات لم يخطط لها ؛ فتبدد هذا المال .
2 – بين جملتين تكون ثانيتهما سببا للأولى ، مثل : لم يحرز أخوك ما كان يطمع فيه من درجات عالية ؛ لأنه لم يتأن في الإجابة ، ولم يحسن فهم المطلوب من الأسئلة .
3 – بين الجمل الطويلة التي يتألف من مجموعها كلام تام الفائدة ، فيكون الغرض من وضعها تجنب الخلط بسبب تباعدها ، وإمكان التنفس بين الجمل ، مثل : المجتهد يُفرح أهله ، ويخفف عنهم أعباء الحياة ، ويضمن لنفسه مستقبلا زاهرا ؛ أما الخامل فيكون عبئا على المجتمع .
–
النقطة
وتسمى الوقفة أو القاطعة ، وترسم هكذا ( . ) .
تدل على وقف تام ، وتوضع :
1 – في نهاية كل جملة تامة المعنى ، والتي لا تحمل معنى التعجب أو الاستفهام ، مثل : القناعة كنز لا يفنى .
2 – في نهاية كل فقرة ، مثل : انظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني ، وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبيه فوق أغصان الشجر .
–
النقطتان
ترسم النقطان أو الشارحة هكذا ( : ) .
تستعملان في سياق التوضيح والتبيين ، وتوضع :
1 – بين القول وصاحبه ، مثل : قال المعلم : عليكم بالعمل .
2 – بعد فعل بمعنى قال ، مثل : صاح القوم : يا إلهي .
3 – قبل الكلام المقتبس أو المنقول ، مثل : من الأقوال المأثورة : من نمّ لك ، نمّ عليك .
4 – قبل التعداد ، أو بين الشيء وأقسامه ، مثل : المرء بأصغريه : قلبه ولسانه .
5 – قبل التمثيل ، مثل : يكون الفاعل مرفوعا ، مثل : جاء المعلمُ .
6 – قبل التفسير ، مثل : عَذَلَ : لامَ .
–
علامة الحذف
هي نقط أفقية أقلها ثلاثة ، وترسم هكذا ( … ) .
وتوضع مكان الكلام المحذوف وذلك فيما يأتي :
1 – ليدل القارئ على أنه أمين في النقل ، ولم يبتر الكلام المنقول ، مثل : إن الغرض الأسمى من التربية الخلقية حسن السلوك والأخلاق في جميع شئون الحياة ؛ في المنزل ، والمدرسة ، والمعمل ، والمجتمع ، والسلطة التنفيذية… ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يعلم الطفل كيف يميز الطيب من الخبيث.
2 – نضعها مكان الأقوال التي تخدش الحياء ، مثل : لقد وصفه بأحط الصفات قائلا : يا …
3 – كما توضع في نهاية جملة قطعت عمدا لسبب من الأسباب ، مثل : لو لم يجتهد في تحصيل العلم ، لكان…
–
علامة الاستفهام
ترسم علامة الاستفهام هكذا ( ؟ ) .
توضع بعد الجملة الاستفهامية ، سواء أكانت أداة الاستفهام مذكورة في الجملة ، أم محذوفة ، فمثال المذكورة :
– أهذا كتابك ؟
– متى عدت من السفر ؟
ومثال المحذوفة :
تسمع الكلام المكذوب عني وتسكت ؟ أي أتسمع ، أو هل تسمع ؟ فأداة الاستفهام هنا مقدرة .
–
علامة التعجب
ويسميها بعضهم علامة التأثر ، وترسم هكذا ( ! ) .
وتوضع في نهاية كل جملة تدل على :
1 – التعجب ، مثل : ما أجمل الطبيعة !
2 – الإغراء ، مثل : العملَ العملَ !
3 – التحذير ، مثل : إياك والكذب !
4 – الدعاء ، مثل : تعسا للمجرم !
5 – الاستغاثة ، مثل : يا للناس للفقير !
6 – الفرح ، مثل : يا فرحتاه !
7 – الندبة ، مثل : وا كبداه !
8 – الترجي ، مثل : لعل الله يرحمنا !
9 – قد تجتمع علامة الاستفهام وعلامة التعجب إذا كانت الجملة تحمل معنى التعجب ، مثل :كيف تشكوني والظالم غيري ؟!
–
الشرطة
وتسمى الوصلة ، أو العارضة ، وترسم هكذا ( – ) .
وتستعمل في المواضع الآتية :
1 – للدلالة على توزيع الحوار بدلا من ” قال ” أو ” أجاب “ ، مثل :
دار الحوار الآتي بين الأستاذ والطالب :
– الأستاذ : هل راجعت دروسك جيدا ؟
– الطالب : نعم ، وأنا على أتم الاستعداد للامتحان .
2 – في أول الجملة الاعتراضية ، وآخرها ، مثل : سافر أخي – وفقه الله – إلى باريس .
–
القوسان
يرسم القوسان هكذا ( )
ويوضعان لحصر :
1 – العبارات التي يراد اللفت إليها ، مثل : كذّبتَني ( ولست بكاذب ) ، فانتبه إلى هذا الأمر .
2 – الألفاظ المفسرة ، وذلك عند تفسير كلمة في جملة ، مثل : صعد الخطيب المنبر ، ثم بسمل ( قال : بسم الله الرحمان الرحيم ) ، وشرع يخطب .
3 – أو ألفاظ الاحتراس ، مثل : المهذب ( بفتح الذال ) محترم .
–
علامة التنصيص
ترسم علامة التنصيص أو المزدوجان هكذا ( « » ) ، لكن لصعوبة كتابة هذا الرمز على لوحة المفاتيح ، فيرسمها البعض هكذا ( ” “ ) .
ويوضعان في أول الكلام المنقول ، وآخره ، بنصه حرفيا ، سواء أكان جملة أم فقرة … ، مثل :
حكي عن الأحنف بن قيس أنه قال : ” ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال : إن كان أعلى مني عرفت له قدره ، وإن كان دوني رفعت قدري عنه ، وإن كان نظيري تفضلت عليه ” .
–
القوسان المعقوفان
1- يرسم القوسان المعقوفان هكذا ( [ ] ) .
ويوضعان لحصر كلام الكاتب عندما يكون في معرض نقل كلام لغيره بنصه ، مثل :
قال المدير : إنما الذي يوصل الطالب إلى النجاح هو الجَد [ والصحيح هو الجِد بكسر الجيم ] والاجتهاد
2- أو للفت النظر مثل :– عليك بإخوان الصدق [ إن كان يوجد إخوان صادقون ] .
–
القوسان القرآنيان
يرسم القوسان القرآنيان هكذا ( { } ) .
وهما اللذان تكتب بينهما الآيات القرآنية التي يستشهد بها الكاتب .
–
علامة التابعية
ترسم علامة التابعية هكذا ( = ) .
وتكون مكان الكلمة المطابقة لما فوقها ، مثل :
محمد : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة .
صادق : خبر = ، = = = = .
نص فيه علامات الترقيم
غصب أحد الولاة ضيعة لرجل ؛ فشكا أمره إلى المنصور ( هو الثاني من خلفاء بني العباس ) ، وقال له : ” أصلحك الله يا أمير المؤمنين ، أأذكر حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلا ؟ ” .
– ” اضرب لي قبلها مثلا ” .
– ” إن الطفل إذا أصابه ما يكره يشكو إلى أمه ؛ ظنا منه أنه لا ناصر له غيرها ، فإذا ترعرع ( أي كبر ) ، شكا إلى أبيه ؛ لاعتقاده أن أباه أقوى من أمه على نصرته ، فإذا صار رجلا ، ووقع به ( أصابه ) أمر ، شكا إلى الوالي ؛ لعلمه أنه أقوى من أبيه ، فإن ازداد عقله ، شكا إلى السلطان ؛ لعلمه أنه أقوى من جميع الناس ، فإن لم ينصفه شكا إلى الله تعالى .
وقد نزلت بي نازلة ( مصيبة ) ، إذ غصب الوالي ضيعتي ، وليس فوقك أحد من الخلق أقوى منك ، فإن أنصفتني فيها ، وإلا رفعت أمري إلى الله ؛ إذ ليس أقوى منك إلا هو ” .
– ” بل ننصفك ” .
وكتب إلى واليه – وهو الذي غصب الضيعة – بأن يرد إليه ضيعته ، ويهيء له أسباب راحته ، ويؤمن له شؤون معيشته… فما أعدله ! وما أكرمه !