الأمثال في القرآن الكريم

من أبرز الجوانب التي اعتنى بها القرآن الكريم جانب الأمثال التي تضرب لنا أروع التوجيهات وأبلغها في تشكيل الشخصية الإسلامية، وتحصينها من العوامل الهدامة والشبه الزائفة التي تخرج من الكفار والعلمانيين والليبراليين والفساق وأهل الفساد عموما.

معنى الأمثال:

المثل: الأصل في المثل إعطاء شيء منزلة شيء عن طريق التشبيه وبيان وجه الشبه، ولا يلزم في الشبيه المطابقة من كل الوجوه، بل يكفي فيه أن يُلمح منه جانبٌ فيه شبهٌ ما يحقق الغرض من التشبيه.

–  تأتي الأمثال في القرآن بمعنى الوصف، مثل قوله تعالى:[1]مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) … Continue reading

ومن أهم الفوائد لأمثال القرآن الكريم:

1- التذكير والوعظ.

2- الحث والزجر.

3- الاعتبار والتذكير.

4- تقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس لتثبت في الأذهان.

5- فيه لون من ألوان الهداية لتغري النفوس بالخير والبر وتمنعها عن الشر والإثم.

6- قال إبراهيم النظام : يجتمع في المثل أربع لا تجتمع في غيره من الكلام :

إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية

والفائدة العظمى من الأمثال القرآنية التي ذكرها الله تعالى في قوله:

(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [2]سورة العنكبوت 43

في الآية دلالة على أن الأمثال شواهد للمعنى المراد وهي خاصية العقل ولبّه وثمرتهمن عقلها وفهمها يكون من العلماء الربانيين والأتقياء الأنقياء وكما ذكر ابن كثير عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، قال: عَقَلْتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل”. [3]المسند (4/203) وقال الهيثمي في المجمع (8/264) “إسناده حسن

ثم علق رحمه الله على هذه الرواية: وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص -رضي الله عنه -حيث يقول الله تعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)

مجالات الأمثال القرآنية

المجالات التي تناولتها الأمثال القرآنية كثيرة نذكر أبرزها وأهمها وهي:

1- بينت الإيمان ومثلت له

2- كشفت الكفر وردت شبهه

3- فضحت النفاق

4- نادت بالخير وردت الشر

5- صورت الخبيث والطيب

6- ميزت الصالح عن الطالح.

منقول

المصادر والمراجع والتعريفات

المصادر والمراجع والتعريفات
1 مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) [سورة الجمعة 5] أي وصفهم ووصف حالهم بتركهم للعمل بالعلم أنهم كمثل الحمار الذي يحمل الكتب على ظهره ولا ينتفع منها.

وكالعادة يبحث أعداء الإسلام عن شبهة لينقضوا الحق ويطمسوه، وأنّى لهم ذلك (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [سورة التوبة 32]

حيث عمد الكفار والمنافقون إلى الطعن بالقرآن بحجة أن في القرآن أمثالا لا تليق أن تكون من عند الله تعالى، وهي التي ضرب الله فيها مثلا: بالذباب والعنكبوت والنحل والنمل، فهذه حشرات محقرة عند البلغاء وأهل الفصاحة ، وكعادة القرآن يرد باطلهم في مهده وينسفه نسفا ولا يبقي له وزنا حيث رد عليهم الله سبحانه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) [سورة البقرة 26] بيّن لهم القرآن أنه ضرب الأمثال وليس المقصود منها أدواتها وآلاتها، وإنما مكنوناتها وغاياتها، فلو أنهم عقلوا لما نظروا للأداة ، بل نظروا للثمرة والحكمة والفائدة، ولانتفعوا بها وكانت سبب هدايتهم، ولذا قال الله تعالى: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)

أقسام الأمثال:

تنقسم الأمثال  في القرآن الكريم الى قسمين:

الأول : المثل الصريح : هو الظاهر والمصرح به مثل قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ) [سورة البقرة 17] فلا يحتاج إلى دليل، كفى بلفظه الصريح دليلا.

الثاني : المثل الكامن: وهو الذي لا يذكر في النص لفظ المثل وإنما يكون حكمه حكم الأمثال، كقوله تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة التوبة 109] فالمثل هنا يؤخذ من مكنون النص ودلالاته.

  أنواع الأمثال

أنواع الأمثال في القرآن الكريم  ثلاثة أنواع :

النوع الأول : التمثيل الرمزي : وهو ما يأتي على لسان الطيور والحيوانات والنبات ، كقصة النملة مع سليمان -عليه السلام- ، وقصة آدم -عليه السلام- مع الشيطان ، فهي رموز لحقائق علوية.

النوع الثاني : التمثيل القصصي : وهو ما جاء ليبين أحوال الأمم وقصصهم للعبرة

كقوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) [سورة التحريم 10]

النوع الثالث : التمثيل الطبيعي : وهو تشبيه غير الملموس بالملموس ، والمتوهم بالمشاهد على أن يكون ذلك في الأمور التكوينية (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة يونس 24]

وتلحظ من الأقسام والأنواع، كيف أن القرآن ضرب الأمثال صريحة وغير صريحة، وبطرق وأساليب عديدة، رمزية وقصصية وطبيعية، وكأنه يقول للناس عرضت لكم الحق وبينته، ورددت الباطل وأزهقته وقربت لكم طريق الهداية، وجعلته ظاهرا لا لبس فيه، فلم يبق لأحد حجة في معرفة التوحيد وبطلان الشرك، ومعرفة الطاعة من المعصية والخير من الشر.

فوائد الأمثال:

للأمثال فوائد وثمرات يجنيها متدبرها والمتمعن في دلالاتها حيث تأتي الأمثال مراعية لجوانب عديدة حسب الجانب الذي جاءت لأجله فإن الأمثال تؤثر أكثر من الكلام المجرد لأنها تقرب الصورة وتجلب الانتباه وتسخر الوهم للعقل وترفع الحجاب عن القلوب الغافلة وتؤلف المطلوب وتقربه ومن هنا يقول الإمام عبدالقاهر الجرجاني إمام البلاغة والإعجاز –رحمه الله-:

“إعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه انّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه، ونُقلت عن صورها الاَصلية إلى صورته كساها أُبّهة، وكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها، واستثار من أقاصى الأفئدة صبابة وكلفاً، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.

• فإن كان ذمّاً : كان مسه أوجع ، وميسمه ألذع ، ووقعه أشدّ ، وحدّه أحد.

• وإن كان حجاجاً : كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر.

• وإن كان افتخاراً : كان شأوه أمدّ ، وشرفه أجد ولسانه ألد.

• وإن كان اعتذاراً: كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب، وللسخائم أسلّ، ولغَرْب الغضب أفلّ، وفي عُقد العقود أنفث ، وحسن الرجوع أبعث.

• وإن كان وعظاً: كان أشفى للصدر، وأدعى إلى الفكر، وأبلغ في التنبيه والزجر، وأجدر أن يجلى الغياية ويُبصّـر الغاية، ويبريَ العليل، ويشفي الغليل.((كتاب أسرار البلاغة 101-102

2 سورة العنكبوت 43
3 المسند (4/203) وقال الهيثمي في المجمع (8/264) “إسناده حسن
الأمثال في آيات القرآن الكريم
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=3392

اقرأ في الموقع