مراحل جمع القرآن الكريم

القرآن الكريم نعمة الله تعالى على عباده، نزل به الروح الأمين، على قلب النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون للعالمين هاديًا ونذيرًا، وكان حلقة الوصل بين العباد ومعبودهم، وقد نزل القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى على قلب رسوله مفرّقًا وعلى فترات متقطّعة، ولم ينزل عليه جملة واحدة، وذلك لحِكَم متعدّدة أرادها الله سبحانه تعالى لعباده، ولذلك لم يستطع الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أن يجمع القرآن في مصحف واحد، وإنّما كانت مراحل جمع القرآن الكريم ثلاثة مراحل، وهي:

المرحلة الأولى :

كتابة القرآن الكريم في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم

لم يكتف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بحفظ القرآن الكريم، وتعليم أصحابه على تلاوته، وحثّهم على مدارسته وتدريسه، بل جمع إلى ذلك الأمر بكتابته في السّطور، فكان كلّما نزل الرّوح الأمين، دعا كتّاب الوحي، ليملي عليهم ما سمعه منه، فيكتبونه

 فالقرآن الكريم إذًا كان يكتب بأمره -صلّى الله عليه وسلّم-، والدّليل على ذلك، قول الله تعالى: {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}، الصّحف جمع صحيفة، وهي ظرف للمكتوب، كما قال الفخر الرّازي في تفسيره للآية

ودليل آخر على أنّ القرآن الكريم كان مكتوبًا في عهد النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- قوله: ” لا تكتبوا عنّي شيئًا إلّا القرآنَ ، فمن كتب عنّي غيرَ القرآنِ فلْيمحه”.

ولم يتمّ جمع القرآن الكريم في عهده -صلى الله عليه وسلّم- بسبب ترقّبه لتتابع نزول الوحي، لأنّه كان يتنزّل عليه على فترات متقطّعة، وبآيات من سور متنوّعة   .

كتاب الوحي في عهد الرسول

اختار الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- كتّابًا للوحي كان يدعوهم كلّما نزل الوحي، وهم: الخلفاء الرّاشدين الأربعة، ومعاوية بن أبي سفيان، وزيد بن ثابت، وثابت بن قيس، وخالد بن الوليد، وأبيّ بن كعب -رضي الله عنهم-

 ويأمرهم بكتابة ما يتلوه عليهم من القرآن الكريم، وكان الكثير قد حفظ كلّ ما نزل من القرآن الكريم عن ظهر قلب، فسمّوا بالحفظة، فأصبح القرآن الكريم في عهد النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- في الصّدور وعلى السطور.

المرحلة الثانية :

جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصّديق رضي الله عنه:

بعد تولّي أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- الخلافة ومحاربته للمرتدّين عن الإسلام في اليمامة، ولمن امتنعوا عن دفع الزكاة، قتل من الصّحابة عدد غفير، ومن بينهم حفّاظ لكتاب الله تعالى، فأجمع الصّحابة أمرهم على جمع القرآن الكريم في مكان واحد، وهذا ما سمّي بالجمع الأوّل

 فكلّف أبو بكر الصّديق زيد بن ثابت -رضي الله عنهما- بمهمة الجمع، لأنّه شاب عاقل، ولا يتّهم في شيء من خلقه أو دينه، وكان كاتبًا للوحي في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيقول زيد: “وَاللَّهِ لو كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ ما كانَ أثْقَلَ عَلَيَّ ممَّا أمَرَنِي به مِن جَمْعِ القُرْآنِ”.

وبدأ زيد -رضي الله عنه- تتبّع القرآن، يجمعه من العسب واللّخاف وصدور الرجال، فأودعت الصّحف التي جمعها زيد في مصحف واحد عند أبي بكر -رضي الله عنه- حتّى توفاه الله، ثمّ نقل إلى بيت عمر بن الخطّاب

وبعد وفاته نقل إلى بيت حفصة -رضي الله عنهم أجمعين

من جمع القرآن في المرحلة الثانية؟

 في عهد خليفة رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه وبعد أن أقنعه عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما- بجمع القرآن الكريم

 فأقنع أبو بكر زيد بن ثابت بتتبّع القرآن وجمعه، قال زيد: قلت لعمر:” كيفَ تَفْعَلُ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ عُمَرُ: هذا واللَّهِ خَيْرٌ”،  وقام بالمهمّة على أكمل وجه.

المرحلة الثالثة :

جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفّان رضي الله عنه

عندما جمع أبو بكر الصّدّيق -رضي الله عنه- القرآن الكريم، كانت غايته كتابة الآيات والسّور مرتّبة في مصحف واحد، ولم تكن غايته إتلاف المصاحف الموجودة مع عدد من الصّحابة، والتي فيها تفاسير وأدعية ومأثورات، وهم يعلمون أنّها ليست من القرآن

ولكن يخشى أن تختلط بكلام الله مع مرور الزّمن، ولكن في عهد عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- وفي الفتوحات والغزوات على وجه الخصوص وقعت هناك خلافات بين المسلمين بسبب اختلافهم في وجوه القراءات بينهم، حتّى وصل الأمر ببعضهم الكفر بقراءة الآخر.

وعندما وصل الأمر إلى الخليفة عثمان -رضي الله عنه- جمع أعلام الصّحابة، واستشارهم في الأمر، فأجمعوا على أن يطلب من حفصة بأن ترسل إليه بالمصحف، لينسخه نسخًا عديدة وعلى حرف واحد، ويوزعها على الأمصار والأقطار، لتكون المرجع الرئيسي لهم، وإتلاف ما سواها درءًا للفتنة والخلاف

 وكان له ذلك ثم أعاد المصحف إلى حفصة -رضي الله عنها- فسمي هذا المصحف بمصحف عثمان  نسبة إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه

من جمع القرآن في المرحلة الثالثة

 في عهد الخليفة عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- قام بإحضار المصحف الذي أودع لدى حفصة -رضي الله عنها- وشكّل لجنة من الصّحابة: زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزّبير وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشام، وأمرهم بنسخه في مصحف واحد وعلى حرف واحد ونسخه عشرات النسخ، وتوزيعها على الأمصار، لتكون مرجعًا لهم ، دفعًا للخلاف الذي ظهر بسبب وجوه القراءات.

مراحل جمع القرآن الكريم
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=14965

اقرأ في الموقع