الفوائد الدينية والدنيوية صلة الأرحام

تعريف صلة الرحم

قال الله سبحانه: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ)،  ويُقصد بذي القربى أي: “الأرحام عموماً”، وكان نبيّنا -صلى الله عليه وسلّم- يوصي ويحثّ بكثيرٍ من الأحاديث بصلة الأرحام والأقارب ويبيّن فضلها العظيم، 

ويعني صلة الرحم: الإحسان إلى الأقربين ممن يرتبط بهم الإنسان بعلاقة نسبٍ أو مصاهرةٍ، ومعاملتهم برفقٍ ولينٍ، وإظهار العطف عليهم، وتفقّد أحوالهم، ورعاية شؤونهم، حتى إن ابتعدت مساكنهم أو أظهروا سوءاً في المعاملة، وتكون قطيعة الرحم بضد ذلك كلِّه.

وحقيقة الصلة هي العطف والرحمة، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ)،  وصلة الله -تعالى- لعباده المسلمين تكون بلطفه -سبحانه وتعالى- بهم، و إنزال رحمته عليهم، ونشر عطفه وإحسانه بينهم، وكذلك الإنعام عليهم بأنواع الخيرات.

أقسام الرحم

تنقسم الأرحام إلى ثلاثة أقسام،  

1- الأصول: وهي تتضمن الوالدان وأصولهما، كالأجداد وإن علوا؛ كالجد وجد الجد، ويدخل في ذلك أيضاً أبناء الأصول؛ كالإخوان والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ويُطلق عليهم مسمّى الحواشي.

2- الفروع: وهم الأبناء، وأبناء الأبناء وما نزل في النسب، ومن ذلك أيضاً ما ثبت بالرَّضاع.

الرحم العامة: وهم جميع المسلمين الذين يجمعهم الإيمان بالله تعالى، فقد قال الله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ).

وتُقدَّم الأم على الأب في البِّر والصلة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لسائله: (مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ)

 ويُقَدم الوالدان على الأولاد، ويليهم الأجداد والجدات، ثم الإخوة والأخوات، ثم بقية المحارم من ذوي الأرحام كالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ثم يُقدم الأقرب فالأقرب في النسب، ويُقدّم من قرابته بكلا الأبوين معاً على من قرابته من جهة أحدهما، ثم يأتي بعد ذلك الرحم غير المحرّم كأولاد الأعمام، وأولاد الأخوال، وأولاد الخالات وغيرهم، ثم من كانت قرابتهم بالمصاهرة

 ثم الجيران، ويُقدّم جاره الذي من أقربائه وإن كان بعيد المسكن على الجار الذي ليس من أقربائه وإن كان أقرب مسكناً.

فضائل وفوائد صلة الرحم

جعل الله تعالى لصلة الأرحام فوائد وآثاراً كثيرةً تعود على المسلم في دينه ودنياه بالخير

أولاً: الفوائد الدينية لصلة الرحم

رتّب الله تعالى كثيراً من الآثار الدينية على صلة الأرحام، وهي على النحو الآتي:

جعل الله -تعالى- صلة الرحم سبباً لغفران الذنوب والمعاصي، وتهوين الحساب على المسلم، فقد ورد في الحديث: (أنَّ رجلًا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا فَهَل لي مِن تَوبةٍ؟ قالَ هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ: هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها).

اقتران البركة في عمر الإنسان بصلة الرحم، وتكون البركة بتوفيق المسلم لعمل الخير في الحياة الدنيا، فتكون حياته مليئة بالإنجازات على الرغم من قصر عمره، ويبقى أثر صلة الأرحام بعد الموت، ويكون بالذكر الطيب، والذرية الصالحة التي تدعوا لواصل رحمه بعد موته، والصدقة الجارية، والعلم النافع، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).

تقي الإنسان من ميتة السوء، وتحميه من المكروه، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن سرَّه أنْ يُمَدَّ له في عُمُرِه، ويُوَسَّعَ له في رِزقِه، ويُدفَعَ عنه مِيتةُ السُّوءِ، فلْيَتَّقِ اللهَ ولْيَصِلْ رَحِمَه).

 من أسباب الفوز برضوان الله تعالى، ودخول الجنة يوم القيامة، فعن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن أعرابياً عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في أحد أسفاره، فسأله عن عملٍ يُقربه من الجنة، ويُباعده عن النار، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تعبدُ اللهَ ولا تشركُ به شيئًا، وتقيمُ الصلاةَ، وتُؤتي الزكاةَ، وتَصِلُ الرَّحمَ).

تُعد صلة الرحم من أنواع الطاعات التي أمر الله -تعالى- بها، وقد أثنى الله تعالى في كتابه العزيز على الواصلين لأرحامهم، قال الله تعالى: (وَالَّذينَ يَصِلونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيَخشَونَ رَبَّهُم وَيَخافونَ سوءَ الحِسابِ)،  ثم قال -تعالى- على ذلك: (أُولـئِكَ لَهُم عُقبَى الدّارِ * جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلونَها).

سببٌ لرفعة المتواصلين وعزّتهم؛ فبتواصلهم يرتفع شأنهم بين الناس، ويعلو قدرهم.

ثانياً : الفوائد الدنيوية لصلة الرحم:

وهي الفوائد التي يكون أثرها ملموساً في حياة الإنسان الدنيوية، وخاصة في النواحي المادّية، وهذه الآثار كالآتي:

 الزيادة في مال الإنسان، واتساع رزقه، وكثرة الخير لديه.

 ظهور أثر البركة على عمل الإنسان وسعيه، وحصول نتائجها في ماله.

 النهوض بالأسرة المسلمة، وتمكينها من التصدي للأمراض الاجتماعية والسلوكية التي تنتشر في المجتمع، والوقاية منها.

 تكاتف الناس وإعانتهم لبعضهم البعض، والسعي في نصرة المظلوم وأخذ حقه من الظالم.

 كثرة الخيرات في أرجاء المجتمع المسلم، وانتشار روح المحبة والألفة بين الناس.

الفوائد الدينية والدنيوية صلة الأرحام
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=7997

اقرأ في الموقع