صلاة الخوف

هي الصلاة التي يؤديها المسلمون وهم في  حالة الخوف من هجوم العدوّ أثناء الجهاد في سبيل الله، والأصل في صلاة الخوف أن تكون صلاة جماعة،

مشروعية الصلاة

تشرع صلاة الخوف في كل قتال مباح؛ كقتال الكفار

شروط صلاة الخوف

– أن يكون العدو يحل قتاله.

– أن يخاف هجومه على المسلمين حال الصلاة.

دليل مشروعيتها من الكتاب والسنة

-من القرآن

 قوله تعالى (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا )

– من السنة

 ثبت وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف في أربعة مواضع: في غزوة ذات الرقاع التي حدثت بعد الخندق على الصواب، وبطن نخل (اسم موضع في نجد بأرض غطفان) وعُسْفان (يبعد عن مكة نحو مرحلتين)، وذي قَرَد (ماء على بريد من المدينة، وتعرف بغزوة الغابة، في ربيع الأول سنة ست قبل الحديبية) وصلاها النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين مرة. وقد وردت بها الأحاديث الآتية في صفة صلاتها، مع خبر «صلوا كما رأيتموني أصلي».

حكم صلاة الخوف

صلاة الخوف صلاةٌ مشروعةٌ في حالة الخوف، وهي من الصلوات المسنونة المفروضة على المسلمين إذا خافوا ولم يأمنوا مكر العدوّ، فالأصل في الصلاة المحافظة على أدائها، لذا أباح الله تعالى أداء صلاة الخوف حفاظًا على أداء الصلاة على وقتها، فقد قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}،

متى شُرعت صلاة الخوف

 ورد في السيرة النبويّة أن صلاة الخوف لم تكن مشروعة قبل غزوة الخندق، ففي غزوة الخندق قام المسلمون بقتال المشركين لفترةٍ متواصلةٍ من الزمن، ممّا منعهم من أداء صلاة العصر على وقتها، فقضاها رسول الله وصحابته، وقد ورد ذكر هذه الحادثة في حديث عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، حيث قال: “كُنَّا مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ الخَنْدَقِ، فَقَالَ: مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وهي صَلَاةُ العَصْرِ”،[

وهذا الحديث يؤكّد أنّ صلاة الخوف لم تكن مشروعةً حتى السنة الخامسة بعد الهجرة.

ويتبيّن في السيرة النبويّة أنّ صلاة الخوف شُرعت في غزوة عُسفان، وكانت أوّل صلاة خوفٍ يصلّيها الرسول الكريم بأصحابه، فقد جاء عن أبي عيّاش الزرقي أنّه قال: “كنَّا مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بعُسْفانَ، فصلَّى بنا الظُّهْرَ، وعلى المشرِكينَ يومَئذٍ خالدُ بنُ الوليدِ، فقالوا: لقد أصَبْنا منهم غفلةً، ثم قالوا: إنَّ لهم صلاةً بعد هذه هي أحَبُّ إليهم مِن أموالِهم وأبنائِهم، فنزَلتْ صلاةُ الخوفِ بين الظُّهْرِ والعصرِ، فصلَّى بنا العصرَ، ففرَّقَنا فِرْقتَيْنِ”،

وقد ثبت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلى صلاة الخوف بعد غزوة عُسفان في أكثر من غزوة، كغزوة ذات الرقاع وغزوة نجد وغيرها.

صفة صلاة الخوف

الصفة الأولى

وهي الصفة الوحيدة التي وردت في القرآن ، قال تعالى : (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا )

عن صالح بن خوات رضي الله عنه، عمن صلى مع النبي ﷺ يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: «أن طائفة من أصحابه ﷺ صفت معه وطائفة وجاه العدو. فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم».(متفق عليه)

وصفتها: أن يصلي طائفة من الجيش مع الإمام، وتبقى طائفة أخرى تجاه العدو، فيصلي الإمام بالتي معه، ثم يثبت قائما ويتموا لأنفسهم، ثم ينصرفوا ويقفوا تجاه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى التي لم تصلي، فيصلي الإمام بهم الركعة -أو الركعتان- التي بقيت من صلاته، ثم يثبت جالسا ويتموا هم لأنفسهم، ثم يسلم بهم.

الصفة الثانية

وهذه الصفة تعمل إذا كان العدو أمام المسلمين ولم يخشوا كمينا فإنه يعمل بهذه الصفة:

ما رواه جابر؛ قال :«شهدت مع رسول الله   صلاة الخوف، فصففنا صفين والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر رسول الله فكبرنا، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي السجود، وقام الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدم الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وكان مؤخرا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى رسول الله السجود، وقام الصف الذي يليه؛ انحدر الصف المؤخر بالسجود، فسجدوا، ثم سلم رسول الله وسلمنا جميعا».(رواه مسلم)

الصفة الثالثة

أن يصلّى بكل طائفة ركعة ولا تقضي شيئا؛

ما رواه ابن عمر ؛ قال : «صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين والأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو ، وجاء أولئك ، فصلى بهم ركعة ، ثم سلم ، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة»(متفق عليه)

الصفة الرابعة

أن يصلّى بالطائفة الأولى ركعة ثم ينصرفون إلى العدو ، وتأتي الطائفة الأخرى ويصلّى بهم ركعة، ثم يسلم الإمام ، فيقوم هؤلاء (أي الطائفة الثانية) فيصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون، وينصرفون إلى العدو، ويرجع أولئك (أي الطائفة الأولى) إلى مقامهم فيصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون.

ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، قال : «غزوت مع رسول الله ، قبل نجد ، فوازينا العدو فصاففناهم ، فقام رسول الله ، فصلى بنا ، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو ، وركع بمن معه ، وسجد سجدتين ، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل ، فجاؤوا ، فركع بهم ركعة ، وسجد سجدتين ، ثم سلم ، فقام كل واحد منهم ، فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين» (متفق عليه).

الصفة الخامسة

أن يصلي الإمام بكل طائفة صلاة مستقلة تامة ويسلم بها.

كما روى أبو بكرة: قال: «صلّى رسول الله في خوف الظهر، فصف يعضهم خلفه ، وبعضهم بإزاء العدو ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ، ثم سلم ، فكان لرسول الله أربع ولأصحابه ركعتان». (أخرجه أبو داوود والأثرم).

الصفة السادسة

أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين، ولا يسلم، ثم تسلم الطائفة وتنصرف ولا تقضي شيئا. وتأتي الطائفة الأخرى، فيصلى بها ركعتين، ويسلم بها، ولا تقضي شيئا. وهذا مثل الصفة التي قبلها، إلا انه لا يسلم في الركعتين الأوليين؛

لما روى عن جابر ، قال :«أقبلنا مع رسول الله ، حتى إذا كنا بذات الرقاع»؛ قال : فنودي للصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا ، فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، قال : «فكانت لرسول الله أربع وللقوم ركعتان».( متفق عليه).

ويجوز أن تصلّى صلاة الخوف على كل صفة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد: كل حديث يروى في أبواب صلاة

حالات صلاة الخوف

  كيفية صلاة الخوف وجب ذكر حالاتها التي تختلف باختلاف مواضع العدّو، فصلاة الخوف مرتبطةٌ في كيفية أدائها بمكان تواجد العدو، وقد جاء في السيرة النبوية ثلاث حالاتٍ  

1- إذا كان العدو بغير جهة القبلة:

 في هذه الحالة يُصلي المصلون مع الإمام صلاة الخوف كما تم ذكرها أثناء الحديث عن كيفية صلاة الخوف سابقًا، ويبقى القسم الآخر مقابلًا للعدو.

2- إذا كان العدوّ في جهة القبلة:

 وفي هذه الحالة يصفّ المسلمون صفّين مقابل العدوّ، ويصلون مع الإمام فإن سجد، سجد معه الصفّ الأول وبقي الصف الثاني واقفًا، وعندما يقوم الصفّ الأول يسجد الصف الثاني، وفي الركعة الثانية يسجد الصفّ الثاني مع الإمام أولًا، فإذا قاموا من سجودهم سجد الصف الأول، أي يسجدون بالتناوب فيما بينهم.

3- إذا التحم الجيشان:

 وفي هذه الحالة يُصلّي المسلمون كلٌّ على حدا، يُصلون راكبين أو مترجلين على أقدامهم، مستقبلي القبلة أو غير مستقبلين، ويتمّون سجودهم وركوعهم بالإيماء، وتكون هذه الحالة إذا كان العدوّ ظالمًا وخاف المقاتلون مكره،

والله تعالى أعلم.

كيف نصلي صلاة الخوف ؟

اقرأ في الموقع