تجد في هذه المقالة:
كيف عالج الإسلام مشكلة الفقر
حارب الإسلام الفقر باستخدامِ وسائلَ عديدة؛ وذلك لِما له من آثارٍ سلبيّةٍ على المُجتمع في جميع نواحي الحياة، وقد قدَّم حلولاً ناجحةً للتخلّص من مُشكلة الفقر؛ حيثُ دعا المُسلم إلى العمل واعتبره عبادةً يتقرَّب من خلالها إلى الله سبحانه وتعالى، كما وضَّحت الشريعة للمسلمين أنّ حل مُشكلة الفقر يبدأ من الفرد ثم يندرج حتى يَعمَّ المجتمع.
فالفرد بذاته يجب عليه السعي في كسبِ قوته والاستعفاف عَمّا في أيدي الناس، فإن سعى وَلم يَستطع بلوغ الكفاية له ولعياله، أو لَم يجد عملاً يُغنيه عن الناس هنا يأتي دور المُجتمع؛ حيث أوجب الإسلام على المسلمين عبادات ماليّة لمن كان هذا حالهم، فالغنيّ مُطالبٌ بإخراج جزءٍ من ماله لفُقراء الدولة ضمن شروطٍ مُعيّنة، حتى يَصل الفُقراء إلى حَدِّ الاكتِفاء.
الفقر
يعرّف الفقر بأنّه؛ عدم القدرة على الحصول على الحاجات الأساسيّة، أو عدم الوصول إلى المستوى الأدنى للمعيشة، ويمكن القول أنّه؛ العيش في حالةٍ من المرض، سوء التغذية، والجهل، وارتفاع مستوى وفيّات الأطفال، التي تجعل من مباهج الحياة أمراً مستحيلاً
كيف تعامل النبيّ مع الفقر
علّم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الناس أنّ المال مال الله تعالى، فيجب ألّا يتمكّن من القلوب، حيث كان -في أغلب الأحيان- يُنفق ما يأتيه من المال في سبيل الله، ويتحمّل صعوبة الحياة، ويكتفي بالميسور من التمر والماء،
وكذلك عاش أصحابه رضي الله عنهم، وممّا يدلّ على ذلك؛ حديث عائشة رضي الله عنها، حيث قالت لابن أختها عروة بن الزبير رضي الله عنهما: (إنْ كنا لننظرُ إلى الهلالِ، ثمّ الهلالِ، ثلاثة أهِلَّةٍ في شهرينِ، وما أوقِدَتْ في أبْياتِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نارٌ، فقال: يا خَالَةُ، ما كان يُعِيشُكم؟ فقالت: الأسودانِ؛ التمرُ والماءُ).
منهج الإسلام في علاج مشكلة الفقر
يمكن القول أنّ الفقر أحد أكثر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية انتشاراً في أنحاء العالم، فلا تكاد يوجد بلدٌ من البلدان غنياً كان أم فقيراً، متطوراً أم متخلّفاً، إلا وفيه نسبةٌ من الفقر، كما أنّ للفقر آثار تهلك الكثيرين في حال عدم التصدي له؛ ولذلك عالج الإسلام الفقر بوسائل عديدةٍ، منها: المساواة بين جميع الطبقات، والأجناس، والألوان في الكرامة الإنسانيّة؛ بحيث تكون المفاضلة على أساس التقوى، والإنتاج، والعمل الصالح، بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ التكافل الاجتماعي؛ من خلال إيجاد حلولٍ عديدةٍ، ومنها:
تخصيص نسبةٍ من أموال الزكاة للفقراء:
حيث أوجب الله تعالى أموال الزكاة للفقراء سواءً كانوا مسلمين أو من أهل الذمة أو كبار السنّ أو النساء، تُأخذ من الأغنياء، وجعل ذلك المال حقاً للفقراء، حتى لا يكون لأحدٍ من الناس مِنّةٌ عليهم، فقد قال الله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
وقد سار الخلفاء الراشدون على نهج النبوّة في تفقّد أحوال الرعيّة وتقديم العون لهم بأنفسهم
الصدقة:
صدقة التطوع هي ما يُعطى للفَقير والمُحتاج من المتصدِّق ابتغاء مرضاة الله والوصول إلى الأجر والثواب في الآخرة، دون انتظار مكرمةٍ في الدنيا، وقيل هي: ما يُخرجه المرء من خالص ما يملك قربةً لله – سبحانه وتعالى – وحده. كان للصدقة بالغ الأثر في حلِّ مشكلة الفقر بعد الاعتماد على العمل والزكاة، ويتمثل ذلك في الآتي:
– الصدقةُ سبيلٌ لحلّ ومعالجة مشكلة الفقر وانتزاعها من جذورها من خلال تمثُّل الغنيّ لحال الفقير واستشعاره به، ممّا يُعين الفقير على قضاء حوائجه وسداد ديونه.
– تدلُّ الصدقة على التكافل الاجتماعي؛ فبها تنكسر جَميعُ الحواجز بين الغنيّ والفقير، وتختفي مظاهر الحسد والحقد في طبقة الفقراء للأغنياء الناتج عن تقتير الأغنياء في النفقة واقتصارها على أنفسهم، ويُعزّز ذلك قيمة المسؤوليّة لدى الفقير فيضطرّه للسعي والعمل بدلاً من سؤال الناس.
السعي والعمل:
إذ إنّ الإسلام فرض على الحاكم المسلم أو من ينوب عنه، توفير فرص العمل للشباب القادرين عليه، وأوجب عليه متابعة أحوالهم بعد ذلك، كما أنّ الإسلام شجع الشباب على العمل، والسعي لطلب الرزق، بغض النظر عن طبيعة العمل، ما دام مشروعاً، واعتبر ذلك من العبادات التي يُثابون عليها؛ لأنّه يعود بالنفع عليهم وعلى من يعولون، فقد عمل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في رعي الأغنام والتجارة
وكان -عليه الصّلاة والسّلام- يقول:(لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ)، كما وبيّن النبيّ -عليه الصّلاة والسلّام- أنّ أفضل الطعام؛ ما يؤكل من عمل اليد، حيث قال:(ما أَكَلَ أَحَدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليهِ السلامُ كان يأكلُ من عملِ يدِه)
صلة الرحم:
حيث أوجب الإسلام على الأغنياء تفقد أحوال أقاربهم الذين أصابهم الفقر؛ بسبب وفاة المعيل لهم، أو كبر سنهم وشيخوختهم، كما قال الله تعالى:(وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ)، بالإضافة إلى أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وعد الواصل لرحمه بسعة الرزق، حيث قال:(مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه؛ فليَصِلْ رَحِمَهُ).