نواقض الإسلام العشرة
ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهّاب -رحمه الله- عشرة نواقضٍ للإسلام، ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء أجمعوا على تسعةٍ منها، واختلفوا في واحد، وهو السحر، والمقصود بالنواقض هي الأعمال، أو الأقوال، أو الاعتقادات التي إن وقعت من المسلم بطُل إسلامه، وانتقض دينه، وأصبح من أهل الأوثان، وإذا مات على ذلك كان من أهل النار، وفيما يأتي بيانٌ لتلك النواقض:
المقصود بنواقض الإسلام
نَواقضُ الإسلام هي كل ما يُبطل أو يُفسد الإسلام، وإذا ارتكب الإنسان واحدةً منها انتقض إسلامه ودينه؛ أي إنّه ينتقل من كونه مُسلمًا إلى أهل الشرك والأوثان؛ حيث إنّ هذه النواقض أو المفسدات أو المبطلات تُبطل الإيمان والتّوحيد والدين، كما تُبطل نواقض الطّهارة طهارةَ الإنسان مثلاً؛ فلو ماتَ الإنسان وهو على ذلك النقض أصبح من أهل النار، والعياذ بالله.
نواقض الإسلام العشرة
1- من يُشرك في عبادة الله الواحد الأحد:
فالشرك يُبطل الأعمال كلّها، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلَو أَشرَكوا لَحَبِطَ عَنهُم ما كانوا يَعمَلونَ)، ويُخرِج فاعله من الإسلام، فإن مات على ذلك حرّم الله عليه الجنة، وأوجب عليه الخلود في نار جهنّم، فقد قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)،
ومن صور الشرك بالله تعالى: دعاء غير الله، أو السجود، أو الركوع، أو النذر لغير الله تعالى، أو الذبح لغيره كالذين يذبحون للجنّ، أو للملائكة، أو للقبور.
2- من يجعل بينه وبين الله وساطة ليدعوهم ويتوكّل عليهم ويسألهم الشفاعة
فهذا الفعل يُعتبر كفراً، كأن يجعل شخصاً أو شيئاً بينه وبين الله يتوسّل إليه الدعاء لله، وذلك في قوله تعالى: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [1]سورة الزمر:3.
3- من لا يُكفّر المشركين أو يشكك في كُفرهم، أو يصحّح مذهبهم
وذلك لأنّه سبحانه وتعالى كفَّرهم في آياتٍ عديدة، وَأَمَرَ المسلمين بعداوتهم؛ لافترائهم الكذبَ على الله عز وجل، كما أنه لا يُحْكَم بإسلام الفرد حتى يكفِّر المشركين، فإن لم يفعل أو شكَّ في كفرهم؛ فهو منهم، أما الذي يصحّح مذهبهم، ويستحسن ما هم عليه؛ فهو كافرٌ بالإجماع
يقول سبحانه وتعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [2]سورة التوبة:30
4- من يُبغض شيئاً جاء به النبي عليه الصلاة والسلام
والعمل به كفراً بإجماع العلماء، وهذا ما كان يقوم به المنافقون الذين يَعملون بشرائع الإسلام بالظاهر، وفي الخفاء يُبغضون هذه الشريعة وأهلها
قال تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ). [3]سورة الزمر:3.
5- من يعتقد أنّ غير هدي النبي عليه الصلاة والسلام أكمل من هديه عليه الصلاة والسلام
أو أنَّ حُكْمَ غيرِه أفضل من حُكمه، مثل الذين يُفضلون حكم الطواغيت على حكم النبي كالّذين يقولون إنّ رجم الزاني المُحصن أو قطع يد السارق لا يتناسب مع عصرنا الحديث، وأنّ الزمن قد تغيّر
يقول تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [4]سورة النساء:65.
6- من يستهزئ بشيءٍ من دين النبي عليه الصلاة والسلام أو عقابه أو ثوابه
وذلك كُفراً بالإجماع حتى لو لم يَقصد الاستهزاء بل كان يَقصد المزاح بذلك،
قال تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ، وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤونَ)، [5]سورة التوبة: 64-65.
7- من يُظاهر المشركين، ويتعاون معهم على المسلمين
فمن يُعاون المشركين سواءً بالرأي أو السلاح أو المال فذلك ردّة وكفر، لأنّ ذلك يعني أنه يُفضّل المشركين على المسلمين
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). [6]سورة المائدة: 51.
8- من يتعامل بالسحر
ومنه الصرف أي صرف الفرد عمّا يهواه مثل صرف الزوج عن زوجته أو العكس، ومنه العطف، أي عطف الفرد عمّا لا يهواه، فمن يفعل ذلك أو يرضى به فهو كافر
قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ). [7]سورة البقرة:102.
9- من يعتقد أنّ بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
فهو كافر، لأنه يُكذب قَوْله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [8]سورة آل عمران: 85
فمن رغب الخروج عن شريعة الرسول أو ظنّ الاستغناء عنها؛ فقد أصبح غير مسلماً، وعيسى – عليه السلام يأتي متَّبعًا لشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – فشريعة نبينا محمد باقيةٌ إلى يوم الدين، وعامَّةٌ لكل الناس.
10- من يُعرض عن دين الله، ولا يتعلَّمه، ولا يعمل به
حيث يقول تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ [9]سورة السجدة: 22
ويقصد هُنا بالإعراض أي تعلّم أصول الدين التي يكون بها الفرد مسلماً.
توبة من فعل ناقضاً من نواقض الإسلام
من فعل إحدى نواقض الإسلام ثمّ تاب، تاب الله عليه بإذنه؛ فالله يقبل التوبة من جميع من أذنب سواء كان مرتداً أو غيره، وجديرٌ بالذكر أنّ التوبة عن الفعل المُخرج من الملّة وهو الشرك بالله فقط عند أهل السنّة والجماعة تتمثل في النطق بالشهادتين مع الإقرار بالمجحود به، أمّا عند ارتكاب أيّ من نواقض الإسلام دون الشرك بالله فيكون بالرجوع عن الذنب المقترف وفي جميع الأحوال يُشترط في التوبة إضافة إلى الابتعاد عن الذنب، هو الشعور بالندم على ارتكاب الفعل والعزم على عدم العودة إليه مجددا