قصة حقيقية رائعة ومذهلة

في السبعينات أصيب أحد كبار تجار دمشق بسرطان قاتل ولم يكن يملك علاجاً في بلادنا كما هو اليوم !..
وسرعان ما قرر الرحيل إلى أمريكا !

و هناك و بعدما أنهى جميع التحاليل و الصور الطبية.. أخبره طبيبه المعالج هناك: أنه لا نتيجة ولا فائدة مرجوة من العلاج.. فقد استشرى السرطان بجسده ولم تعد هناك بارقة أمل تذكر ..

قال الطبيب للتاجر بصراحة مطلقة: لم يعد أمامك من العمر إلا أيام قليلة جدًا.. لا تتجاوز شهرًا واحدًا.. فارجع إلى بلدك لتموت فيها.. واغتنم ما تبقى لك من أيام قليلة.. فيما تحب وتشتهي.. واستمتع!

عاد تاجرنا إلى دمشق.. وقد مضى من شهره المتبقي ثلثاه.. وبدأ ينتظر موعد حتفه ورحيله..
وفي يوم ماطر.. شعر بضيق يأكل قلبه.. ويكتم أنفاسه..
فترك البيت وذهب يمشي هائما على وجهه.. حتى شعر ببعض التعب.. فتوقف على رصيف يسترد أنفاسه.

كان على الرصيف صبية، تحاور شابا وسيمًا.. يمضغ العلكة متمايلا.. ويبدو على محياه علائم السعة والقوة..
ولم يكترث الشاب الغني للتاجر المريض.. وتابع حديثه مع الصبية الفقيرة.. وهو يساومها على جسدها. (هكذا فهم التاجر من حديثها وصوتها الخفيض)..

كانت تشرح للشاب حاجتها لبعض المال.. و قليل من الخبز.. فقد رمى بها صاحب البيت الذي استأجرته مع أطفالها، في الشارع، ولم يكترث لحالها ولظروفها، وظن أنها تخدعه، ولم تستطع أن تدفع شيئا من أجرة ذلك البيت العتيق!

غير أن الشاب الغني، لم يرضَ أن يدفع لها ما طلبت.. وهي تساومه على جسدها النحيل، فقد كان يريدها بثمن بخس!
لم لا..؟! وهو الصياد الذكي.. ثم تركها ومضى عندما أصرت على المبلغ!!

اقترب منها التاجر المريض.. ورأى دموعا من الأسى تفيض مرارة ..فقال لها:
اعذريني يا ابنتي.. فقد سمعتُ حوارَكما.. فما قصتك؟! وما الذي دعاك لهكذا عمل مشين؟؟؟!!!

التفتت إليه الصبية وقالت:أولادي في الشارع.. رمانا صاحب البيت خارجا.. وزوجي سجين لا أعلم عنه شيئا وليس لي أهل!!!

وأقسم بالذي رفع السموات.. أنني أول مرة أقف هذا الموقف لبيع نفسي.. بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهي..وحتى هذا الباب لم يفتح.

قال التاجر المريض: اسمعي يا بنيتي.. ماذا تقدمين لي إذا كفيتك حاجتك.. وأعطيتك كل العمر مؤونتك.. ومنعت الفقر عنك؟!
قالت: اطلب ما تريد
فقال: أريد منك شيئًا واحدًا.. أن تعاهديني على ألا تبيعي جسدك للحرام.. طول عمرك، وأنا أتكفل بك مع أولادك!
قالت الصبية: طبعا أوافق
قال التاجر: وما هو الضمان لتنفيذ ذلك؟

قالت الصبية: أتقبل أن يكون الله ضامنًا لي؟

أشهد الله الذي لا يسمعنا غيره.. أن أَفِي بوعدي لك، كل عمري وحياتي.. وأن أحمد الله الذي أرسلك لي في هذا الوقت بالذات!!

قال التاجر: اتفقنا.. والشاهد علينا الله.

أعطني عنوان بيتك.. وعودي إلى هناك.. وانتظريني مع أولادك.. وسآتي إليك بعد قليل!

عاد التاجر إلى مكتبه مسرعا.. وكتب وصيته على ورقة.. ووضعها في صندوق المال وكتب عليها: (أبنائي الأحبة.. وصيتي لكم أن ترسلوا راتبا شهريا.. يكفي خمسة أشخاص.. إلى العنوان المذكور في الأسفل.. طوال عمركم. فنفذوا وصيتي من بعدي)

ثم حمل معه بعض المال من المكتب..

وعاد إلى بيت الصبية.. محملا بسيارة كبيرة، تحمل مؤونة بيت متنوعة.. وقدّم لصاحب البيت الإيجار عن الأشهر السابقة كلها.. وإيجار ثلاث سنوات قادمة.. وهكذا فعل مع القصاب والبقال ومن حولهم.. ممن قد استدانت منهم احتياجاتها فَوَفَّى عنها دينها..

عاد التاجر إلى بيته.. وفي قلبه فرح غامر.. رغم أساه.. منتظرا حتفه في نهاية شهره المتبقي..
وانتهى الشهر، وانقضت مدة البقاء في هذه الدنيا.. غير أن الموت لم يقترب منه..

وذهب أول الشهر إلى الصبية.. وناولها راتبها وقفل راجعا..
وتوالت الأيام ولم يمت التاجر.. وكان يوصل المبلغ بيده شهرا وراء شهر.. حتى مضت السنون.. وبقيت الوصية في خزانة النقود، أكثر من عشرين عامًا..

وفي يوم من الأيام.. نهض تاجرنا لصلاة الصبح، وسجد خاشعا لله، وفي قلبه يقين ونور وإيمان وطمأنينة.. تسع الدنيا كلها.. وأسلم روحه لباريها وهو ساجد لربه..

وبعد انقضاء مدة العزاء فتح أولاده صندوق المال.. فوجدوا الوصية المكتوبة..
قال كبيرهم: تأخرنا سبعة أيام عن الراتب للصبية الفقيرة!
ثم أخذ مبلغ الراتب وذهب مسرعا إلى العنوان المذكور ..
طرق الباب..

وخرجت امرأة لم تعد صبية كما ظن..
قال لها: تفضلي الراتب.. ونعتذر عن التأخير
قالت له وفي عينيها دموع سخية:أشكركم من قلبي.. قل لوالدك: أن يبحث عن محتاج غيرنا.. لقد قبض ابني أول راتب منذ سبعة أيام

( منذ سبعة ايام ياللعجب) ولم نعد بحاجة للمال!! سلم لي على أبيك وقل له:
سأبقى أدعو له ما حييت..

نظر ابنه إليها.. وقد أغرورقت عيناه بالدموع.. وقال:
*لقد توفي والدي منذ سبعة أيام. ( سبعة ايام)

.
هكذا هي المتاجرة مع الله.. عطاؤها كبير لا حد له..

نقلت بتصرف

منذ سبعة أيام ياللعجب (قصة حقيقية)

اقرأ في الموقع