تجد في هذه المقالة:
أحكام هاء السكت مع أمثلة توضيحية
أحكام هاء السكت
وَرَدتْ هاء السكت في عِدّةِ مواضِع من القرآن الكريمِ وكلامِ العرب، وقد أراد العربُ بها عدَمَ الوقوفِ على الحرفِ قبلها، وهو الحرفُ الأصليُّ الذي تنتهي بهِ الكلمة
لكنْ يختلف حكم اتّصال هاء السكت بالكلمة بين الوجوب والجواز والامتناع حسب نوع الكلمة التي تتصل بها، وفيما يلي تفصيلٌ لأحكام هاء السكت وبيانُ مواضع الوجوب والجواز والامتناع.
وجوب زيادة هاء السكت في آخر الكلمة
في حالاتٍ أخرى -بعيدةٍ عن حالاتِ الجواز- تكونُ زيادةُ هاءِ السكتِ واجبةً لأنها تُشكّلُ جُزءًا معيّنًا من تركيبةِ الأسلوبِ الذي وُجِدَتْ فيهِ، أو حينَ يشغلُ وجودُها حيّزًا هامَّا من تكوينِ المعنى أو التشكيلِ الصّوتي للكلمة، وذلكَ يشملُ الحالات الثلاثَ الآتية:
– الحالة الأولى: في أمر الفعل معتل الآخر إذا كان الفعل من الأفعال التي لا يبقَ منها إلا حرف واحد بعد حذف حرف العلة، ومثال ذلك كلمة رأى، فتصبحُ في الأمر حرفًا واحدًا: “رَ”، ولذلك تجبُ إضافةُ هاء السكت للفعل لسهولة اللفظ، فيُصبحُ الفعلُ في الأمرِ: “رَهْ”. ومثلُهُ الفعلُ: “قِهْ وعِهْ وفِهْ”، فهي الأمرُ من الأفعالِ: “وقى ووعى ووفى”.
وذلكَ في حال الاقتصار على الفعل، أما إذا كان الفعل في سياق: “عِ حَديثًا، وقِ مُنحدرًا”، فتُحذَفُ هاء السكت، لأن المتكلم وصل الكلامَ فاستغنى عن الهاء.
– الحالة الثانية: إذا كان إعراب ما الاستفهامية مضافًا إليه، نحو: “بمقتضامَ؟” فإنه يجب إضافة هاء السكت عند الوقف: “بمقتضى مهْ؟”
– الحالة الثالثة: في آخر الاسم المسبوق بواو النُّدبة، وهو من أنواع المنادى، وذلك مثل قولِ: “وامُعتَصِماهْ، واأبَتَاهْ”.
جواز زيادة هاء السكت في آخر الكلمة
تكونُ في بعضِ الحالاتِ زيادَةُ هاء السكتِ في آخرِ الكلمة جائزةً يمكنُ استعمالها أو عدمُه، فلا تكونُ ضروريةً إلى الحدِّ الذي تجبُ فيهِ، ولا ممنوعةً بحيثُ لا ينبغي أن تأتي ضمن السياق وهذا الجَوازُ يتأتّى في الحالاتٍ:
– الحالة الأولى: في أمر الفعل المعتل الآخر ومضارعه المجزوم، مثل كلمة رمى في الماضي، تصبحُ في الأمر “اِرمِهْ”، أو الفعل مشى في الماضي، يُصبحُ في الأمر “اِمشِهْ”، وفي المضارع المجزوم مثل كلمة “لم يَرمِهْ”، و”لم يَمشِهْ”.
– الحالة الثانية: بعد الحرف المبني، أو الاسم المبني بناءً لازِمًا، مثل كلمة “مالِيَهْ”، ففي هذه الكلمة اتّصلتْ هاء السكت بياء المتكلم وهي ضمير متصل مبني.
– الحالة الثالثة: يجوز إضافتها كذلك بعد (ما) الاستفهامية التي حذفت ألفها بسبب دخول حرف الجر، ومثال ذلك “إلامَ”، فيجوز أن يُقالَ: “إلى مَهْ؟”، أو “علامَ”، فيُقالُ: “على مَهْ؟”، أو “فيمَ” فيُقالُ: “في مهْ؟”.
– الحالة الرابعة: تجوز هاء السكت بعد كل متحرك بحركة بناء أصلية (إلا الفعل الماضي)، حيث يجوز الوقف بهاء السكت والتسكين: “حملتُ حقيبتي أو حملتُ حقيبَتِيَهْ”، “خُذ كِتابَكَ أو خُذ كِتابَكَهْ”.
– الحالة الخامسة: تُزاد في آخر الضمائر الثلاثة: أنا، هو، هي. ومثالُ ذلكَ قولُه تعالى في سورة القارعة: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}.
– الحالة السادسة: عند الوقف على المُستَغاث له في أسلوب الاستغاثة، أو المُتَعجَّب منه في أسلوب التعجُّب، فإنه يجوز أن تُلحَق بهما هاء السكت، فيقال: “يا لمحمداه. يا لعجباه!”.
امتناع زيادة هاء السكت في آخر الكلمة
لا يُمكنُ في بَعضِ المواضِعِ أن تُقحَمَ هاءُ السكتِ في سياقٍ لا تَحسُنُ فيهِ، أو تجعلُ فيهِ التركيبَ ركيكَ اللفظِ أو مُستهجَنَ الاستعمالِ، وقد جمع النحويونَ حالاتِ الامتناعِ بهذهِ الثّلاث
– الحالة الأولى: الاسم المبني بناءً عارِضًا، فلا يجوز إضافة هاء السكت له، وذلك مثل كلمة: “يا أحمَدُهْ”، أو “يا مُعلِّمُهْ”، بل يجب تسكينُهُ عند الوقف: “يا أحمدْ! يا معلّمْ!”.
– الحالة الثانية: لا يجوز إضافة هاء السكت بعد الفعل الماضي المبني، فيُقال عند الوقف: “فلانٌ ذهبْ”، ولا يُقال “ذهَبَهْ”.
– الحالة الثالثة: لا يجوز إضافة هاء السكت بعد الاسم المعرب، ولا بعد المضارع ولا الأمر الخارج عن الحالات التي وردت ضمن حالات الوجوب أو الجواز.
مواضع هاء السكت في القرآن
اجتَهَدَ عُلماءُ اللغة والمفسّرون في معرفةِ الحكمةِ من هاء السكت في القرآن الكريم، فذهبَ أغلبُهم إلى القولِ بأنَّ الغرَضَ منها إيصالُ التصوُّرِ إلى معنى بليغٍ في نفس المُخاطَبِ، وأما المواضعُ السبعة التي وردتْ فيها هاء السكت في القرآن الكريم فهي:
- قولهُ تعالى: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيه} تكررت مرتين في هذه السورة، وهنا أيضًا اتَّصَلَتْ بياء المتكلم.
- قولهُ تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} وقد اتّصلتْ هاء السكت هنا بفعل مضارع مجزوم.
- قولهُ تعالى: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين} وقد اتَّصلَتْ بفعل أمر حُذِفَ منه حرف العلة، ماضيهِ: اقتدى.
- قولهُ تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيه} تكررت مرتين في هذه السورة، وقد اتَّصلَتْ هنا بالضمير المبني (ياء المتكلم).
- قولهُ تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه} اتّصلت بياء المتكلم.
- قولهُ تعالى: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه} اتَّصلتْ بياء المتكلم.
- قولهُ تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه} اتّصلت بياء المتكلم.