خطبة الجمعة أحكام وشروط

خطبة الجمعة هي الاسم الفقهي   للخطبتين اللتين يلقيهما الإمام قبل صلاة الجمعة ، وهي خطبتان ولها شروط عدّة. وللخطيب فيها شروط أيضًا تكون خطبة الجمعة قبل إقامة صلاة الجمعة في نفس اليوم المسماة به (الجمعة) ووقتها هو وقت صلاة الظهر في بقية أيام الأسبوع.

  أحكام خطبة الجمعة

إنَّ لخطبة الجمعة عدّة أحكامٍ وأركان، وفيما يأتي بيان ذلك:

 أركان خطبة الجمعة

أول أركان خطبة الجمعة هو حمد الله -عزَّ وجلَّ- وهذا متفق عليه في المذهب الشافعي والحنبلي ، ودليل ذلك ما رُوي عن جابر بن عبدالله حيث قال: “كَانَتْ خُطْبَةُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَومَ الجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عليه”.

الركن الثاني من أركانها هو الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

الركن الثالث من أركان الخطبة الوصية بتقوى الله -عزَّ وجلَّ-، والدليل على ذلك أنَّ الهدف الأساسي من الخطبة هو الوعظ والإرشاد، وإنَّ أتمَّ ما يحصل به هو الوصية بتقوى الله عزّوجل والمخافة منه.

الركن الرابع من أركان الخطبة قراءة آية من آيات القرآن الكريم، فكلام الله خير ما يتم به إصلاح الناس ووعظهم.

الركن الخامس من أركان خطبة الجمعة هو الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، ودليل ذلك ما ورد عن عمارة بن رويبة حيث قال: “رَأَى بشْرَ بنَ مَرْوَانَ علَى المِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ اليَدَيْنِ، لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما يَزِيدُ علَى أَنْ يَقُولَ بيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بإصْبَعِهِ المُسَبِّحَةِ”، ووجه الدلالة من ذلك أنَّ السنة الإشارة بالإصبع وليس رفع اليدين وفي هذا إثباتٌ للدعاء أثناء الخطبة، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هذا الركن مختلفٌ فيه بين العلماء على وجوبه أو استحبابه؛ فمن قال بالوجوب استدلّ بأن السلف لم يتركوا الدعاء أبدًا، ومن قال بالاستحباب استدل بأنه لا دليل يثبت ركنيّة الدعاء.

شروط خطبة الجمعة

شرع الله -عزَّ وجلَّ- العبادات، وجعل لها شروطًا لا بدَّ من مراعاتها لقبول العبادة، والشرط عند الفقهاء ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم،  وفيما يأتي ذلك:

1- النيّة:

والدليل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لِكُلِّ امرئٍ ما نوَى”، مع التنويه إلى أنَّ اشتراط النية للخطيب من المسائل الخلافية بين العلماء؛ إذ أنَّ بعض العلماء قالوا أنَّ الخطبة تصح من غيرالنيّة.

حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة: واستمرار الحضور إلى نهاية الخطبة، وهذا الشرط أيضًا من المسائل الخلافية بين العلماء؛ حيث أنَّ أبا حنيفة ذهب إلى عدم اشتراطه، في حين أن المالكية والشافعيّة والحنابلة ذهبوا إلى اشتراطه.

2- أن تكون بعد دخول وقت الجمعة:

 وعلى ذلك فإن وقع جزءٌ منها قبل حلول الوقت لم تجزئ، وهذا الشرط متفقٌ عليه في المذاهب الأربعة.

3- تقديم الخطبة على الصلاة:

 فإن تمَّ التقديم الصلاة عليها فإنَّها لا تصح، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة أيضًا،  والدليل على ذلك أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا أن نصلي كما يصلي، وقد كان رسول الله يقدم الخطبة على الصلاة.

قيام الخطيب أثناء الخطبة: وهذا ما ذهب إليه الشافعي إذا كان قادرًا على القيام، وقد استدلّ بقول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}

وخالفه بذلك الأحناف وبعض المالكية؛ إذ أنَّ القيام أثناء الخطبة من سننها وليس من شروطها،  وقيل أنَّ القيام واجب من واجبات الخطبة وإن خطب جالسًا تجزئ.

4- الجهر بالخطبة: وهذا الشرط أيضًا من المسائل الخلافيّة بين الفقهاء؛ إذ أنَّ بعضهم قالوا بأن الخطبة سرًا تجزئ وهذا ما ذهب إليه الحنفية والشافعية من وجه،  وذهب المالكية والحنابلة والصحيح عند الشافعية إلى اشتراط الجهر بالخطبة، والدليل على أنَّ الجهر ركنٌ من أركان الخطبة هو قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}،  ووجه الدلالة أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أمر بالسعي إلى ذكره والغاية من ذلك هو الاتعاظ والتذكير، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الجهر بها.

5- اللغة العربية: وهو كذلك من المسائل الخلافية بين العلماء، ومدار الخلاف بينهم فيما إن كان السامعون لا يعرفون العربية فإنَّه يجزئ الإمام أن يخطب بهم بلغتهم وهذا القول الصحيح عند الشافعية وإليه ذهب بعض الحنابلة، وبعضهم ذهب إلى اشتراط العربية مطلقًا سواء أكان المستمعون يعرفون العربية أم لا وهذا قول المالكية والمشهور عند الحنابلة،

6- الموالاة في الخطبة: فذهب المالكية والشافعية إلى أنَّ الموالاة بين أجزاء الخطبة شرطٌ من شروط صحتها، وإن حصل فاصل طويل وجب على الخطيب الاستئناف،  وقيل أنَّها ليست شرطًا ولو طالت مدة الفصل وهذا قول للشافعية والحنابلة

آداب خطبة الجمعة

إنَّ لخطبة الجمعة عدد من السنن والآداب والتي يجدر بالمسلم مراعاتها، وذلك فيما يأتي:

1- اعتماد الخطيب على عصًا أو قوس،

ودليل ذلك ما ورد عن الحكم بن حزن الكلفي حيث قال: “فأقَمنا بِها أيَّامًا شَهِدنا فيها الجمعةَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقامَ متوَكِّئًا على عَصًا، أو قوسٍ، فحمِدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ، كلماتٍ خفيفاتٍ طيِّباتٍ مبارَكاتٍ، ثمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ، إنَّكم لَن تُطيقوا – أو لَن تفعَلوا – كلَّ ما أمرتُمْ بِهِ، ولَكِن سدِّدوا”.  والحكمة من ذلك يتجلى بالبعد عن العبث باليدين.

2- إقبال الخطيب على النَاس واستدبار القبلة،

 ودليل ذلك ما ورد سهل بن سعد حيث قال: “أرسلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى فلانةَ امرأةٍ – قد سمَّاها سَهْلٌ – أن مُري غلامَكِ النَّجَّارَ أن يعملَ لي أعوادًا أجلسُ عليهنَّ إذا كلَّمتُ النَّاسَ . فأمرَتهُ فعمِلَها من طَرفاءِ الغابةِ ثمَّ جاءَ بِها فأُرْسِلَت إلى رسولِ اللَّهِ فأمرَ بِها فوُضِعت هَهُنا ثمَّ رأيتُ رسولَ اللَّهِ رقى فصلَّى عليها وَكَبَّرَ وَهوَ عليها ثمَّ رَكَعَ وَهوَ عليها ثمَّ نزلَ القَهْقَري فسجدَ في أصلِ المنبرِ ، ثمَّ عادَ ، فلمَّا فرغَ أقبلَ علَى النَّاسِ فقالَ يا أيُّها النَّاسُ إنَّما صنعتُ هذا لتأتَمُّوا بي ولتعلَّموا صَلاتي”

3- توجُّه النَّاس إلى الخطيب بأبصارهم، حيث أنَّ هذا أبلغ بالوعظ كما أنَّ ذلك أبلغ بالأدب.

4-تقصير الخطبة

ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ طولَ صلاةِ الرجلِ و قِصَرَ خُطبتِه مَئِنَّةٌ من فقهِه ، فأَطيلوا الصلاةَ ، و أَقصِروا الخُطبةَ، و إنَّ من البيانِ لَسحرًا”.

5- الجلسة بين الخطبتين  ودليل ذلك ما ورد عن جابر بن سمرة حيث قال: “كانَ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ خُطبتانِ كانَ يجلِسُ بينَهُما يقرأُ القرآنَ، ويذَكِّرُ النَّاسَ

خطبة الجمعة أحكام وشروط
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=7395

اقرأ في الموقع