أحكام المزاح في الإسلام

أحكام المزاح في الإسلام كغيرها من الأحكام في الأمور المماثلة، فمنه ما هو محمود ومشروع، ومنه ما هو مذموم وممنوع، والضابط في ذلك ألّا يكون في المزاح ما يوجب منعه من الأمور التي منعها الإسلام وحرّمها،

ضوابط المزاح في الإسلام

1- ألّا يكون فيه استهزاء بالدين : إنّ ذلك -عند بعض الأئمّة- كالارتداد عن الدين، والله تعالى يقول في ذلك في سورة التوبة: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.

2- ألّا يكون في المزاح كذب: فلا ينبغي للمسلم أن يقول إلّا الصدق، ولا ينبغي له الكذب وإن كان مزاحًا، ومن الناس من يكذب في المزاح ليُضحك بها جلساءه.

وقد حذّر منه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذ قال:”ويلٌ للَّذي يحدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ بِه القومَ، ويلٌ لَه، ثُمَّ ويلٌ لَه”  

كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يقول فيه: “أَنا زعيمٌ ببيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لمن ترَكَ المراءَ وإن كانَ محقًّا وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترَكَ الكذبَ وإن كانَ مازحًا وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسَّنَ خلقَهُ”.

3- ألّا يكون فيه ترويع للآخرين:  نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ترويع المسلمين، فيروي عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: حَدَّثَنا أصحابُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّهم كانوا يَسيرونَ مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في مَسيرٍ، فنام رَجُلٌ منهم، فانطَلَقَ بَعضُهم إلى نَبْلٍ معه فأخَذَها، فلمَّا استيقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ، فضَحِكَ القَومُ، فقال: “ما يُضحِكُكم”؟ فقالوا: لا، إلَّا أنَّا أخَذْنا نَبْلَ هذا ففَزِعَ.

4- ألّا يكون فيه غيبة : فالغيبة عادةً ما تقود إلى النميمة، وهاتان إن اجتمعتا معًا تؤدّيان إلى الفتنة التي يحاربها الإسلام من أطرافها كافّة، ويحارب كذلك كل الطّرق التي تُفضي إليها.

5- ألّا يكون المزاح مع السفهاء: فقد ورد عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- أنّه أوصى ابنه فقال: “اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرِّئ عليك السفهاء”.

6- ألّا يكون فيه استهزاء بالآخرين: السخرية من الآخرين، ولو كانت مزاحًا، هي من الأمور التي نهى عنها الشرع، بل وغلّظ فيها، وفي ذلك يقول الله -تعالى- في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

7- عدم الاسترسال والإطالة فيه : ينبغي أن تكون سمة الجدّ هي السمة التي لها أن تكون غالبة على المسلم، وكثرة المزاح تُذهب الهيبة، وقد قال الإمام الغزالي رضي الله عنه: “من الغلط العظيم أن يتخذ المزاح حرفة”.

أهداف المزاح المشروع

المزاح لمّا شُرِع المزاح في جزء منه كان ذلك من أجل غايات وأهادف يُحقّقها هذا المزاح، والإسلام لا يُشرّع أو يمنع أمرًا إن لم يكن من ورائه حكمة بالغة يقتضيها تشريع هذا الأمر، فمن تلك الأهداف التي يُرتجى تحقيقها في المزاح المشروع:

  • أن يكون ذلك سببًا في زيادة الترابط الاجتماعي.
  • الترويح عن النفس وتجديد النشاط وطرد الهموم.
  • استلانة قلوب الآخرين وبالتالي سهولة الوصول إليهم.
  • جبر القلوب ومعالجة ضعفها.
  • استثارة الذكاء.
  • تقوية البديهة.
  • إشاعة الفرح والسرور ورسم الابتسامة على أفواه الآخرين.

مسائل هامة في مسألة المزاح

  • انعقاد اليمين: فإنّ اليمين يصحّ من المازح؛ لأنّ ذلك أدعى لمنع التلاعب بأحكام الشرع، وسدًّا لذريعة تعطيل الأحكام، والله أعلم.
  • المزاح في التصرفات المالية: فالتصرفات في الأمور المالية والأمور التي يغلب عليها شبهة التمليك لا بدّ لصحّتها من تمام الرضا، والذي يمزح هو ليس راضيًا بالحكم.
  • المزاح في نية العبادات: إنّ المزاح في نية العبادة يبطلها؛ وذلك لأنّ النيّة هي شرط لصحة العبادات، والذي يمزح هو لم ينوِ العبادة على وجه الحقيقة، ولذلك فالعبادة لا تصح منه.

أحكام المزاح في الإسلام
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=15973

اقرأ في الموقع