ما هو الاجتهاد الفقهي
مفهوم الاجتهاد الفقهي
الاجتهاد افتعال من الجهد، وهو مصدر جهد كنفع، وجُهْد كحلو، وهما من المصادر الثلاثية والأصل اللغوي لمادة جهد بينه ابن فارس حيث قال: “الجيم والهاء والدال أصله المشقة، ثم يحمل عليه ما يقاربه: جهدت نفسي وأجهدت، والجهد: الطاقة
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ )
ويقال: إن المجهود اللبن الذي أخرج زبده، ولا يكاد ذلك يكون إلا بمشقة ونصَب، قال الشماخ:
أركان الاجتهاد
– نفس الاجتهاد
وهو العمل والفعل الذي يبذل فيه المجتهد وسعه لنيل حكم شرعي من الأدلة المقررة شرعًا عن طريق الاستنباط والاستدلال والقياس وغيره، مما ليس فيه نص قطعي الثبوت والدلالة، أو مما لم يسبق فيه إجماع، وسبق تعريف الاجتهاد، وسيرد لاحقًا مجاله، وشروطه.
– المجتهد
وهو الفقيه البالغ العاقل الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد، وصار عنده ملكة يقتدر بها على استنتاج الأحكام من مآخذها، وبشروطها التي سترد.
– المجتهد فيه
وهو الحكم الشرعي العملي أو العلمي الذي ليس فيه دليل قطعي، فالحكم هو الوصف للحادثة أو الواقعة، والشرعي لإخراج الأمور العقلية التي لا تحتمل الاجتهاد، ولأن الحق فيها واحد لا يتعدد، ولا يحتمل الاختلاف، والعملي هو الذي يقتضي عملًا بالقلب أو اللسان أو الأعضاء والجوارح مما يدخل في كسب المكلف إقدامًا أو إحجامًا، والعلمي هو ما تضمنه علم الأصول من المظنونات التي يستند العمل إليها
وعبارة “ليس فيه دليل قاطع” لتخرج الأحكام الثابتة بالدليل القطعي، مما يحرم فيه الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد ظن، والظن لا يقوي ولا يعارض القطع، وذلك كوجوب الصلوات الخمس، والزكاة، وصيام رمضان، والحج، وما اتفقت عليه الأئمة، وأجمع عليه الفقهاء من أحكام الشرع الجلية.
شروط الاجتهاد عند الأصوليين
1-أن يكون مسلما
- يشترط في المجتهد أن يكون مسلما، لأن الاجتهاد عبادة، والإسلام شرط لصحة العبادة، وهو أيضا شرط قبول فتوى المرء واجتهاده، وليس شرطا في قدرة المرء على الاجتهاد، فقد يستطيع المرء أن يجتهد ويستنبط الأحكام وهو كافر، ولكن لا عبرة باجتهاده
- يقول الآمدي: الشرط الأول: أن يعلم وجود الرب، وما يجب له من صفات، ويستحقه من الكمالات، وأنه واجب الوجود لذاته، حي عالم قادر مريد متكلم، حتى يتصور منه التكليف، وأن يكون مصدقا بالرسول عليه الصـلاة والسـلام، وما جاء به من الشرع المنقول بما ظهر على يده من المعجزات، والآيات الباهرات، ليكون فيما يسنده إليه من الاقوال والاحكام محققا
2 ـ أن يكون مكلفا
- يشترط في المجتهد أن يكون بالغا عاقلا، حتى يتمكن من فهـم النصـوص والاستنباط منهـا، وإدراك مقاصـد التشريـع على الوجـه الصحيح، ولا يتم ذلك لمجنون، ولا لمن ليس ببالغ، لعدم اكتمال ملكاته العقليـة التي يتـم بها الإدراك والتمييـز
- ولذلك لا يتجـه إليـه التكليف، ولا يعتبر قوله، ولأن النضج العقلي أساس للاجتهاد، وغير المكلف غير مؤهل للنظر والاستنباط.
3 ـ أن يكون عدلا
- العدالة شرط لقبول فتوى المجتهد والعمل بقوله، فلا تقبل فتوى الفاسق، ولا يعمل بقوله .
- والعدالة: ملكة في النّفس تمنع عن اقتراف الكبائر وصغائر الخسّة كسرقة لقمة ، والرّذائل المباحة كالبول في الطّريق ، والمراد جنس الكبائر والرّذائل الصّادق بواحدة ، لا حاجة ؛ للإصرار على الصّغيرة ؛ لأنّها تصير كبيرة، وهي شروط لقبول الاجتهاد
- من كان عدلا اطمأن القلب إلى تحريه، واستفراغه الوسع في طلب الدليل واستنباطه، وحرصه على مرضاة الله، ومن ليس عدلا وإن استطاع الاستنباط فلا يقبل اجتهاده، لأنه لا يطمئن إليه في ذلك
- يقول الإمام الغزالي في المجتهد : أن يكون عدلا مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة ، وهذا يشترط لجواز الاعتماد على فتواه فمن ليس عدلا فلا تقبل فتواه ، أمّا هو في نفسه فلا ، فكأنّ العدالة شرط القبول للفتوى لا شرط صحّة الاجتهاد
4- أن يكون عارفا بالكتاب
- القرآن الكريم أصل الشريعة، فيشترط في المجتهد أن يكون عارفا بكتاب الله، وذلك بأن يكون له من العلم باللغة ما يعرف به معاني الآيات، وفهم مفرداتها ومركباتها وخواصها، فيستطيع بذلك أن يتدبر القرآن ويستنبط منه
- وأن يكون أيضا عارفا بالعلل والمعاني المؤثرة في الأحكام، وأوجه دلالة اللفظ على المعنى، من عبارة وإشارة، ودلالة واقتضاء، ومعرفة أقسام اللفظ من عام وخاص، ومطلق ومقيد، ومشترك ومجمل، ومفسر ومحكم ونحوها
- وأن يكون عارفا بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ من الآيات، من حيث مواقعها لا أن يجمعها ويحفظها فقد جمعت وحددت وكذلك لا يشترط في المجتهد أن يكون حافظا للقرآن الكريم، بل يكفي أن يكون عارفا بآيات الأحكام من حيث دلالتها ومواقعها، حتى يرجع إليها في وقت الحاجة
- ومع ذلك يجدر بالمجتهد أن يكون على اطلاع عام على معاني القرآن كله، حتى يستقيم فهمه وأخذه للأحكام من القرآن.