معنى آية الرجال قوامون على النساء
الآية
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)
معنى الآية
راعى الإسلام الفروقات بين طبيعة الرجل والمرأة؛ لذلك لم يُقرّر مبدأ المساواة على إطلاقه، فهناك بعض المسائل التي تحتاج إلى مراعاة طبيعية كل منهما
وذلك للاختلاف في التكوين الجسماني، والنفسي، والوظيفي أيضًا؛ لذلك كلّف كل نوع من المسؤوليات والمهام ما يتناسب مع طبيعته.
تُؤكد الآية الكريمة أن الإسلام يُقرر التكاليف التي تلائم الفطرة البشرية السوية التي جُبل عليها الإنسان، ويجب إقرار مهام كل فرد حتى لا تشيع الفوضى وتكثر المشاكل.
حدّد الإسلام لمن تكون القوامة، فليس من المعقول أن تكون القوامة لكلا الطرفين، فكما يُقال أن السفينة التي يقودها أكثر من قبطان إما أن تغرق أو تضيع في المحيط، وبما أن الرجل هو الأقدر على حمل بعض المسؤوليات الأسرية
كما تقوم المرأة بإدارة بعض شئون الأسرة أيضًا، فالقوامة تكون للرجل دونما استبداد أو ظلم لأهل بيته؛ ولهذا ينصحنا الإسلام بإدارة الإسلام بناءً على التعاون والتفاهم والمشورة بين أفراد الأسرة.
يُقصد بقوله تعالى: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)، أن الرجل، وإن كانت له القوامة، فليس مُفضّلًا على المرأة، وإنما وجب عليه أن يتحمل مسؤولية الإنفاق على زوجته وأولاده، كما يقوم بأمور الأسرة كالرعاية والصيانة، كما أن الرجل يُكلّف بالجهاد في سبيل الله تعالى والدفاع عن الإسلام؛ فلأن الرجل أجدر بحمل القوامة وتبعاتها، استحق لها.
لا يُفهم من الآية الكريمة أن القوامة معناها تشريف الرجل على المرأة، وإنما المقصود بها الأمور التكليفية، فليس فيها ما يُنقص من قيمة المرأة، أو يُقلل من شأنها، فمن تكلف القوامة، يجب عليه أن يستخدمه في الرعاية، لا التحكم والاستعلاء.
فقد نظر الإسلام إلى أمرين قبل إقرار مبدأ القوامة، أولهما: الفطرة المتعلقة بقوة الإرادة فضلًا عن تغلب العقل على العاطفة، بخلاف المرأة التي تغلب عاطفتها على عقلها
وهو ما ينجم عنه شدة التأثر وسرعة الانفعال؛ ولذا كانت المرأة أجدر بالقيام بواجبات الأمومة والحضانة، وثاني الأمور يتمثل في الكسب والإنفاق.
كما زوّد الإسلام الرجل بالقوامة، فإنه زوّد المرأة بالعديد من القدرات التي تتميز بها عن الرجل مثل شدة تحملها، والتحلي بالصبر، والقيام بأمور الغير عن سعة صدر
فالمرأة تسهر الليالي وتقوم على أمور أبنائها إن مرض أحدهم، كما تتحمل أوجاع الحيض والحمل والولادة، وهي أمور لا طاقة للرجال بها.
أحكام تتعلق بالقوامة
هناك العديد من الأحكام التي بينها العلماء للقوامة في الإسلام ومن هذه الأحكام ما يأتي:
- إذا لم يقوم الرجل بما كلفه الله به من إنفاق على زوجته وأولاده، فإن القوامة تُسلب منه، فالقوامة ليست أمرًا ثابتًا لازمًا، بل يتمتع بها الرجل إذا أدى ما عليه من واجبات، بينما إذا لم يؤدِ ما عليه، فإن للمرأة الحق أن تفسخ عقد النكاح بالعديد من الوسائل التي شرعها الإسلام مثل الطلاق والخلع، وهذا الرأي قال به المالكية والشافعية.
- قال الله تعالى في الآية الكريمة: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) أي أن الرجل ليس مفضّلًا على المرأة بالقوامة كقاعدة عامة، بل إن هناك الكثير من النساء التي تتفوق على أزواجهن بالدين، وغزارة العلم، والعمل، ورجاحة الرأي، وإلى غير من الأمور، فالتفضيل ليس شاملًا، بل الآية تُشير إلى تفضيل بعض الرجال دون تفضيل الكل.
- حدّد الضوابط العديد من الضوابط من أجل التمتع بالقوامة الزوجية، ومن ذلك أداء المهر، وهو المال الذي يجب على المرأة أن يؤديه لزوجته عند عقده عليها أو استمتاعه بها
كما جاء في قوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)، فالمهر واجب للزوجة؛ لتوثيق الزواج الذي يُعد من أهم العقود، كما أنه من الدلائل على صدق الرجل وجديته في الارتباط بالمرأة.
- يجب على الزوج أيضًا ليتمتع بالقوامة أن يعاشر زوجته بالمعروف، فقد قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
والمقصود بالمعاشرة كل ما يشمل الحياة بين الزوجين؛ لذلك يجب على الزوج أن يُحسن معاملة زوجته، ويتخير ألفاظه وطريقة حديثه معها، كما يجب عليه ألا يأمرها بأكثر مما لا تطيق، فعلاقة الزوج بزوجته ليست علاقة قائمة على الاستبداد ولا الاستعباد، بل المودة والرحمة.