معنى آية: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم

سورة البقرة

تُعدُّ سورة البقرة أطول السور في القرآن الكريم؛ حيث يبلغ عدد آياتها 286 آية، وهي السورة الثانية في ترتيب المصحف الشريف بعد سورة الفاتحة، وسُمِّيت سورة البقرة بهذا الاسم لأنَّها ضمَّت قصة البقرة التي حصلتْ بين نبي الله موسى -عليه السَّلام- وبني إسرائيل، 

سبب نزول الآية: 

 جاءتْ أكثر من رواية واحدة في سبب نزول آية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى? شئتم، ففي صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: “جاء عمرُ بنُ الخطَّابِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: هلَكْتُ، قال: وما أهلَكك؟ قال: حوَّلْتُ رَحْلي اللَّيلةَ، قال: فلم يرُدَّ عليه شيئًا، فأوحى اللهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الآيةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقولُ: أقبِلْ وأدبِرْ واتَّقِ الدُّبُرَ والحِيضةَ”،[5] وجاء عن نافع أنَّه قال: “كان ابنُ عُمَرَ إذا قُرِئَ القُرآنُ لم يَتكلَّمْ، قال: فقرَأْتُ ذاتَ يومٍ هذه الآيةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، فقال: أَتَدْري فيمَن نزَلَتْ هذه الآيةُ؟ قُلْتُ: لا. قال: نزَلَتْ في إتْيانِ النِّساءِ في أدْبارِهِنَّ”،[13] وجاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّه قال: “أنَّ رجلًا أصاب امرأتَه في دُبُرِها فأنكرَ الناسُ عليه ذلك فنزلت الآيةُ، أي قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}”، والله تعالى أعلم.

معنى آية: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم،

جاء في تفسير الكتاب العزيز للواحدي، أنَّ معنى نساؤكم حرثٌ لكم أي مزرع للولد، ومعنى فأتوا حرثكم أنى شئتم أي كيفما شئتم ومن أي مكان شئتم، شرط أن يكون في صمام واحد وهو القُبُل

 وقد كانت هذه الآية تكذيبًا لليهود، فقد قال المسلمون: “إِنَّا نأتي النِّساء باركاتٍ وقائماتٍ ومستلقياتٍ ومن بين أيديهم ومن خلفهنَّ بعد أن يكون المأتي واحدًا”، فقال اليهود: “ما أنتم إلاَّ أمثال البهائم لكنَّا نأتيهنَّ على هيئةٍ واحدةٍ وإنَّا لنجد في التَّوراة أنَّ كلَّ إِتيانٍ يؤتى النِّساء غير الاستلقاء دنسٌ عند الله”

 فجاءت هذه الآية تكذيبًا لليهود في قولتهم هذه

 وقيل في تفسير هذه الآية أيضًا إنَّ معنى حرث لكم أي موضع الولد ومنبت الذرية، أي النساء كالأرض التي تُزرع، ومعنى فأتوا حرثكم أنَّى شئتم أي بالهيئة التي تشاؤون، سواء كُنَّ مُقبلاتٍ أو مُدبراتٍ أو مُستلقياتٍ، وأنَّى هنا حرف استفهام عن الحال أو الكيفية وعن المحلِّ أو المكان، أي فأتوا نساءكم كيفما شئتم ولكنْ من القُبل لا من الدُّبر،

 وجاءتْ هذه الآية المباركة في غير موضع واحد من السنَّة النبوية، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: “جاء عمرُ بنُ الخطَّابِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: هلَكْتُ، قال: وما أهلَكك؟ قال: حوَّلْتُ رَحْلي اللَّيلةَ، قال: فلم يرُدَّ عليه شيئًا، فأوحى اللهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الآيةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقولُ: أقبِلْ وأدبِرْ واتَّقِ الدُّبُرَ والحِيضةَ”،

 وهذا الحديث دليل على أنَّه لا حرج في أن يأتي المسلم زوجته من أي مكان شاء في صمام واحد، شريطة أن يتقي الدبر والحيض والنفاس، والله تعالى أعلم.

معاني المفردات في الآية

•  نساؤكم: كلمة النساء جمع لكلمة امرأة، والنساء هنَّ الإناث من البشر، والمقصود في الآية الكريمة الزوجات، فنساؤكم أي زوجاتكم حرث لكم.

•  حرث: الحرث في اللغة هو مصدر للفعل حَرَثَ، وهو الزرع، والحرْث في اللغة أيضًا هو اسم أُطلق قديمًا على شهر نوفمبر بحسب اليومية الليبية، ويُقصد به في الآية الكريمة الزرع، أي النساء هنَّ مكان زرع الأبناء بالنسبة للرجال.

•  فأتوا: فعل أمر من الفعل أتى، وأتى به أي جاء به، ومصدرها إيتاء.

•  أنَّى: هي أداة شرط تُستخدم للمكان وتجزم فعلَيْن مضارعَيْن، وهي اسم استفهام بمعنى كيف أو متى أو أين، وتأتي أنَّى أيضًا بمعنى متى، فأنى جاء يعني متى جاء، حيث قال تعالى في سورة البقرة: {أَنَّى? يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} وهنا جاءت بمعنى متى.

•  شئتم: شاء، يشاء، وهو الإرادة والرغبة، وشاء الأمر أي أراد ورغب، وجاءت في الآية الكريمة بمعنى الإرادة والرغبة أيضًا.

الدروس المستفادة من الآية

•  بيَّنت الآية الكريمة حكمًا شرعيًا مُهمًّا، وهو حكم إتيان المرأة من الدُّبر في قُبلِها، حيث أباحت للمسلم إتيان زوجته من المكان الذي شاء شرط أن يأتيها في القُبل لا من الدُّبر، حيث قال الزهري: “إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير إن ذلك في صمام واحد”،

•  أنَّ هذه الآية أزالت الشكَّ من قلب عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- حين جاء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- هلِعًا وقال له: “هلَكْتُ، قال: وما أهلَكك؟ قال: حوَّلْتُ رَحْلي اللَّيلةَ، قال: فلم يرُدَّ عليه شيئًا، فأوحى اللهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الآيةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقولُ: أقبِلْ وأدبِرْ واتَّقِ الدُّبُرَ والحِيضةَ”

•  أباحت الآية القرآنية الحال والهيئات أثناء الجماع في الإسلام، فاستخدام كلمة “أنَّى” في الآية فيه إباحة لكلِّ الحالات والوضعيات أثناء الوطء إذا كان الوطء في حرث المرأة أي في قُبُلها، فيحل للمسلم أن يأتي امرأته من الخلف أو الأمام أو أن يأتيها وهي مستلقية أو مضطجعة إذا كان المأتى من القُبل لا من الدُّبر، والدليل على أنَّ هذه الآية لا تُبيح الإتيان من الدُبر هو ذكر كلمة الحرث، فالحرث إتيان المرأة مما أحل الله من مأتى، والله تعالى أعلم.

•  بيَّنت الآية الكريمة أنَّ النساء حرث للرجال، أي أنَّهنَّ زرع الرجال من الأبناء، ومعناه إنَّ فرج المرأة كالأرض ونطفة الرجل كالبذر والأبناء كالنبات الذي ينبت في هذه الأرض، وهذا التفسير دليل على أهمية العلاقات الزوجية في بناء المجتمع، ودليل على أهمية توطيد العلاقة بين الأزواج من أجل إنبات نبات حسن ينفع الأمة الإسلامية جمعاء.

معنى آية: نساؤكم حرث لكم
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=10818

اقرأ في الموقع