معنى حديث: لتتبعن سنن من كان قبلكم

روى أبو سعيدٍ الخدري أحاديث كثيرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن هذه الأحاديث ورد ذلك الحديث الصحيح، عن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قالَ: فَمَنْ”،

وقد أدرج البخاري هذا الحديث في صحيحه،  حيثُ يبيِّنُ النبيُّ في الحديث أحوال كثيرين من أتباع أمته الذين يتبعون غير سبيل المؤمنين، ويشابهون أهل الكتاب من النصارى واليهود، ويشيرُ التشبيه إلى شدَّة الموافقة التي يكون عليها أولئك في المعاصي والمخالفات

 لذلك أشار النبي بقوله: ذراعًا بذراع، وقد أشار النبي إلى المبالغة في الاتباع حتَّى أقصى غاياتها، وهذا الأسلوب الخبري معناه النهي عن اتباع أولئك والتوجُّه إلى غير الإسلام، لأنَّ الشريعة الإسلامية قد نسخت الشرائع السابقة جميعها، وعلى المسلم أن يتَّبع أوامر الله وشرعه والمؤمنين ويبتعد عن التشبُّه بالكفار ويتبرأ منهم.

وبمعنى آخر فإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عما سوف يطرأ على أحوال المسلمين، وعما سيبدر منهم من أقوال أو أفعال نهى عنها الشرع الإسلامي، مثل التشبُّه بأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، فقد حرَّم الله تعالى التشبُّه بأقوالهم وأفعالهم جميعها حتَّى لو أريدَ بذلك خيرًا، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة أثناء طلوع الشمس وأثناء غروبها وذلك حتى لا يشابه ذلك فعل المشركين عندما يسجدون للشمس في ذلك الوقت.

مع أنَّ المسلم لا يخطر ذلك في باله ولكنَّ الصلاة لا تجوز في ذلك الوقت، ومثل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}،

 لأنَّ الكفار كانوا يقولون للنبي أثناء محادثتهم: راعنا، أي اسمع كلامنا وانظر إلينا ببصرك، ولكنَّهم يقصدون به شتيمةً من الرعونة، فنهى الله تعالى عن ذلك، لذلك فقد حرَّم الحديث اتباع المشركين وأهل الكتاب، وعدم الالتفات إلا إلى شرع الله تعالى واتباع المؤمنين والمتقين من المسلمين 

معاني المفردات في حديث: لتتبعن سنن من كان قبلكم

•  لتتبعن: من الفعل اتَّبع يتَّبع اتِّباعًا، الفاعل متَّبِع والمفعول متَّبَع، تتبَّع خطى أبيه: اتَّخذ نهجه وحمل نفس الأفكار وتصرف بذات التصرفات، اتبع أهواءَ سيده: خضع لها وانقاد إليها بالكلية، اتبع الشيءَ: طلبه وسارَ وراءه ومشى على نفس الخطوات

•  سنن: جمع كلمة سنة، والسنة السيرة، والسنة الطريقة سواء كانت ذميمة أو حميدة، سنة الله في الخلق: حكمه فيهم، سنة النبي: ما نسبَ إليه من أفعال وأقوال وتقريرات، وتأتي أيضًا بمعنى الفعل.

•  سلكوا: من سلك يسلُك، سلكًا وسلوكًا، الفاعل سالك، والمفعول مسلوك، سلك الشخص مسلكًا بمعنى تصرف على نحو معين، سلك الطريقَ سار فيه، سلك جميع السبل أي طرق جميع الأبواب الممكنة، سلك المكان أو في المكان بمعنى دخله ونفذ فيه.

العبر المستفادة من الحديث

•  التأكيدٌ على نبوَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك عن طريق إخباره عن أمور ستتحقق لاحقًا، وقد تحقَّقت تلك النبوءة باتباع كثير من المسلمين اليهود والنصارى وهذا ما يدلُّ على صدق النبي في دعوته.

•  تحريم التشبُّه بالكفار وأهل الكتاب من اليهود والنصارى والابتعاد عن ذلك.

•  بثُّ الطمأنينة والثبات في قلوب المؤمنين الذين يبتعدون عن تقليد الكفار والتشبُّه بهم.

•  إظهار سلبيات التقليد الأعمى ومساوئه وسوء عاقبة المقلدين لمن خالف شرع الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

•  الابتعاد عن التشبه بالكفار بالأقوال والأفعال حتى لا يصل المسلم إلى التشبه بالأخلاق، وحتى لا يميل إليهم بقلبه وحوارجه، ومنه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم”

معنى حديث: لتتبعن سنن من كان قبلكم
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=10819

اقرأ في الموقع