لماذا سميت سورة النور بهذا الاسم  

لماذا سميت سورة النور بهذا الاسم  

سورة النور

تعتبر سورة النور هي سورة مدنية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم  في المدينة المنورة عقب الهجرة النبوية واختلف في موعد نزولها وقال بعض العلماء أنها نزلت في العام الخامس من الهجرة

 يبلغ عدد آياتها (64) آية وعدد كلماتها ألف وثلاثمئة وسبعة عشر كلمة

و عدد الحروف خمسة آلاف وخمسمئة وست وتعسون حرفًا

 وتحمل هذه السورة العديد من الآداب والاحكام التي ينبغي التمسك بها في حياتنا كلها ومن هذه الأحكام العملية أحكامًا تشتمل على حفظ الأعراض والفروج كحكم الزنا والقذف والنظر وغيره من الأحكام ، ونزلت بعد سورة الحشر أي في الفترة بين صلح الحديبية وغزوة تبوك، وهي السورة الرابعة والعشرون بحسب الرسم القرآني وهي السورة الخامسة من المجموعة الثالثة من قسم المئين

لماذا سميت سورة النور بهذا الاسم

سميت سورة النور بهذا الاسم لورود اسم الله النور في آياتها كما في بعض سور القرآن العظيم في قوله تعالى: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”

ولم يُعرف لسورة النور اسمًا آخر،

سبب نزول سورة النور

إن السبب من نزول سورة النور كما ورد عن أهل التفسير في العديد من آياتها ولا يوجد سببًا لنزولها كاملة فقد جاءت لعلاج الأمراج المجتمعية ووضع الحلول المناسبة لكل المشاكل الحاصلة في مجتمع مسلم حديث التأسيس ليكون الأساس متينًا، وفيما يأتي سنبين لكم السبب من نزول بعض آياتها:

فيما روي عن عبدالله بن عمرو أنَّ رجلًا من المسلمين استأذن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في امرأةٍ يُقالُ لها أمُّ مَهزولٍ كانت تُسافِحُ ، وتشترطُ له أن تُنفِقَ عليه ؛ فقرأ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قول الله تعالى: “الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ”  وفي ذلك تحريم من الله تعالى أن ينكح الطاهر من زانية والزاني من طاهرة لأن ذلك أدعى لحفظ أعراض المؤمنين.

ومن ذلك آيات اللعان من قوله تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ”، وحتّى قوله تعالى: “وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ”  كان سبب نزولها هلال بن أمية عندما أتى النبي يرمي زوجته بعد أن رآها مع رجل غريب فأمره النبي أن يأتي بأربع شهداء أو يقام عليه حد القذف فنزلت الآيات لتفرق بين من يرمي الأجنبية عنه ومن يرمي زوجته فمن يرمي الأجنبية يحتاج أربعة شهداء أما من يرمي زوجته فشهادته بأربع شهادات مع التأكيد على صدقه فإن لم يصدق فلعنة الله عليه وفي قصة هلال فقد لاعن زوجته، ويقال أنها نزلت أيضًا في ما جرى لعويمر العجلاني مع امرأته.

آيات تبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها بعد اتهام أهل النفاق والزور لها بعرضها في حادثة الإفك فنزلت تبرئتها بقرآن يتلى إلى قيام الساعة جبرًا لقلبها ونصرة لنبي الرحمة والطهر والشرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سبباً في نزول الآيات من قوله تعالى: “إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ” إلى قوله تعالى: “وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ”

الأحكام الشرعية في سورة النور

حوت سورة النور العديد من الأحكام الشرعية وقسمت إلى ثلاث أجزاء يختص كل جزء منها في معالجة أمور مهمة :

– القسم الأول : نزلت العديد من التشريعات و والأوامر الإلهية في أمور خاصة بالعلاقات الاجتماعية لتخليصها من الشوائب ولتأديب الأفراد،

– القسم الثاني :  اشتمل على العقيدة وتحدث عن الكفر والإيمان والكون بمجمله والحياة فيه.

– القسم الثالث : اشتمل على الوعيد للمنافقين وتوجيهات أخرى من الله عز وجل لعباده المؤمنين، وبشكل عام فإن هذه السورة تحذر من الزنا وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات والحد المقام على هؤلاء إن عصوا أمر ربهم فزنوا أو قذفوا وما هي خصائص الحد للزناة أو القاذفين

كذلك تحدثت السورة عن حادثة الإفك التي اتُّهِمَت بها السيدة عائشة الطاهرة الصِّدِّيقة بنت الصديق بشرفها فأتت تبرئتها بقرآن يتلى إلى قيام الساعة جبرًا لقلبها وقلب نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام

 وفيها إظهار للآداب الفردية والأسرية والمجتمعية وآداب القيادة ضمن مجموعات. فهذه الأمور جميعها نابعة من العقيدة الصحيحة والإيمان بالله عز وجل وتعزيز الصلة بنور الله وفيها من الإشراق والنور والطهارة والشفافية الشيء الكثير.  

أهمّ مقاصد سورة النور

إن المحور الأساسي لسورة النور هو موضوع التربية وما يدور حولها من الأخلاق والفضيلة ورد الرذيلة وتوخي الحذر من القذف والتحلي بالسماحة والستر، وفيما يلي بعض المقاصد التي تناولتها سورة النور:

– إن سورة النور بما فيها من أحكام ومبادئ هي من عند الله عز وجل يدعو به عباده لما يصلح حالهم ويرقّيهم وإن ما فرضه على عباده ما كان إلا لحكمة منه وعلم بأن فيه مصلحة دنياهم وآخرتهم، فأمرهم بالابتعاد عن الزنى والقذف على حد سواء لما فيهما من إضعاف للمجتمعات وأمنها وسلامتها، فمن يفعل ذلك يقام عليه الحد بالجلد رجلًا كان أو امرأة.

– تبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها حينما رماها المنافقون بالإفك وتبعهم ضعاف الإيمان وصدقوهم وتبعوا قولهم ونشروه، وهي الطاهرة العفيفة الصديقة ابنة الصديق وزوجة النبي الأمين فنزلت تبرئتها من السماء وبقرآن يتلى لرد كل من يخوض في عرضها، ومن الخاص إلى العام ينبغي على كل مسلم ألا يخوض بأعراض المسلمين من غير بينة وشهداء وأن الأصل في الدين حسن الظن بالناس.

– حذرت السورة الكريمة من اتباع خطوات الشيطان التي توصل إلى مهاوي جهنم والعياذ بالله فالشيطان قد وعد الله أن يبقى يوسوس للإنسان حتى يرده عن دينه ويبعده عن طريق الصواب ويوقعه بالزلات ما استطاع حتى يوصله إلى النار ثم يتبرأ منه، وما يعين المرء على الشيطان كثرة ذكره وقربه من مولاه عز وجل واستعاذته به من شر الشيطان واعوانه وأن يكون حاضر الذهن صافي السريرة دائم الاتصال بمولاه.

– أكدت السورة أن صلاح المجتمعات يبدأ من المساجد بيوت الله وأهم ما يحدث فيها الصلاة أي من صلحت صلاته صلح سائر عمله وكذلك هي مكان لتقريب العبد من ربه ومناجاته وتطهير القلوب وتأديب النفوس بدروس العلم والجلوس بين يدي الله في بيت من بيوته، فقلوب تعلقت بالمساجد لها مكانة عند ربنا عظيمة فهي بيوت الله وليس ثمة أكرم من الله حين يكرم ضيوفه.

– إن المنافقين في كل زمان ومكان يفتقرون إلى الأدب مع الله ورسوله ولا يحكمون الله ورسوله ولا يمتثلون لأمره ولا يبرهن ظاهرهم عن باطنهم يتلونون بكل لون ويسيرون حيث سار الركب، ولكن المؤمنين يخلصون لله ورسوله ويتأدبون معهم ويفعلون ما يؤمرون يطبقون شرع الله ولا يهمهم في الله لومة لائم، وهؤلاء من يستحقون الاستخلاف في الأرض والتمكين في الدين والنصر على أعدائه.

نقلا عن موقع تصفح