معنى قوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ)

قال الله تعالى في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

تتحدث الآية الكريمة عن تحريم أكل الميتة [1]الدابة التي تموت من تلقاء نفسها دون ذبح كما أمر الله، والدمُ وشربه وتحريم أكل لحم الخنزير وما ذُبحَ لغير الله تعالى من قبل أهل الكتاب، إضافة إلى عدَّة أنواع أخرى من المحرمات كالدابة التي تموت خنقًا أو تموت بسبب ضربها بحجر أو شيء ثقيل، أو التي تقع من مرتفع أو تموت بسبب نطحة من قبل دابة أخرى.

ووردَ أيضًا تحريم أكل الدابة التي أكل منها السبع وكلُّ حيوان مفترس فماتت  ، ويُستثنى من ذلك ما ذُبحَ وفيه روح؛ أي لم يمُت بأحد تلك الأسباب  

تنتهي الآية برخصة للمسلمين في ذلك، حيث يشير معنى آية فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لأثم إلى أنَّه من اضطرَّ إلى أن يأكل من جميع تلك المحرمات بسبب مجاعة وقحط ولا يكون متعمدًا للوقوع في الإثم واقتراف معصية فإنَّه لا إثمَ عليه في ذلك، لأنَّه الله تعالى غفور رحيمٌ بعباده ولا يؤاخذ المسلم بما يقع فوق إرادته.

مخمصة

تعني كلمة (مخمصة)

خمَص يخمِص خمصًا وخموصًا ومخمصةً، وخمَصَ البطن: خلا وفرَغ من الطعام وضَمُر من شدة الجوع

خمَص الجوع الرجلَ: جعله هزيلًا وأدخل له بطنه في جوفه

والمخمصة شدة الجوع، وأثمَ الشخص: أتى بعمل لا يحلُّ وأذنب وارتكب خطيئة وإساءةً.

وعن قتادة أنَّه قال فيها: أنَّه من كان في مجاعة ولم يتعمد الإثم فذلك لا إثمَ عليه

وجاء في بعض التفاسير أنَّ الله تعالى حرَّم تلك الخبائث لأنَّ تحريمها من كمال الدين وتمامه،   ولكنَّ الله من رحمته بعباده أن جعل لتلك المحرمات رخصة من لدنه.

(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ)

أي من وقع في جوع شديد ولم يجد ما يأكله وقد يخشى على نفسه من الهلاك فلا إثمَ عليه في أن يأكل مما وردَ تحريمه في أول الآية، ولكن على أن لا يتعمَّد معصية الله تعالى والوقوع في الإثم.

ورآى بعضهم أنَّ الإثم هنا هو الأكل فوق الشبع، لأنَّه أكل مضطرًا فلا يجب أن يأكل ما يزيد عن حاجته.

ماذا نستفيد من الآية

 – من رحمة الله تعالى بعباده أنَّه جعل لعباده رخَصًا لما حرَّمه تعالى، وكما جاء في القاعدة الشرعية أنَّ الضرورات تبيحُ المحظورات، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في أكثر من موضع في القرآن، حيث قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.

– إنَّ الله تعالى يعلم الخير لعباده لأنَّه خالقهم فهو أعلم بما ينفعهم أكثرُ من أنفسهم، فما حرَّم الله تعالى شيئًا إلا لدفع ضررٍ وما أمر بشيءٍ إلا لجلب منفعة.

– يُباح للمسلم أن يأخذ بالرخصة التي أنعمَ الله تعالى بها عليه، ولكن دون أن يقع في الإثم كأن يتجاوز الحدَّ المسموح به أو يبتغي معصية الله تعالى.

– يحبُّ الله تعالى أن يأخذ العبد بالرخصة وأن لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، مثل: رخصة الفطر في رمضان وغيرها، وإنَّما كانت الرخصة حفاظًا على المسلم نفسه من كل سوء

المصادر والمراجع والتعريفات

المصادر والمراجع والتعريفات
1 الدابة التي تموت من تلقاء نفسها دون ذبح
معنى قوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ)

اقرأ في الموقع