معنى آية: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج،

سورة البقرة

سورةُ البقرة من السور المدنيّة، فهي أوّل سورة نزلت في المدينة المنورة، إلّا آية :{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ}،  نزلت في حَجّة الوداع بمنى، وهي الآية التي اختتم بها الوحي القرآن، وترتيبها الثاني في المصحف، وعدد آياتها “286” آية، سُمّيت سورة البقرة بهذا الاسم لتضمنّها قصة بقرة بني إسرائيل التي أمرهم الله بذبحها في عهد نبي الله موسى عليه السلام،   ومن آيات سورة البقرة الآية “197” من سورة البقرة والتي تتحدث عن ركن الحج بشيء من التفصيل:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

معنى الآية 

  • لا رفث

ورد في سورة البقرة في معرض حديث الآيات عن الحج والعمرة، قول الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

، ففي هذه الآية دلالة واضحة على أنّه من أحرم بالحج وجب عليه التنزّه عن كل ما يفسده أو ينقصه من قول أو فعل، فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال

والرّفث هو أعظم محظورات الإحرام وهو الجماع أو ما قد يُفضي إليه من المغازلة أو الإفحاش بالكلام عن الجماع أو المداعبة أو التقبيل ونحوه، والمحرم إذا أتى النساء له حالان:

الحالة الأولى: أن يكون الجماع بعد التحلل الأول يوم النحر، فهنا الحج صحيح، ولكن على الحاجّ أن يذهب إلى خارج حدود الحرم، ويجدّد إحرامه، ومن ثمّ يطوف طواف الإفاضة.

الحالة الثانية: أن يكون الجماع قبل التحلل الأول يوم النحر، ففي هذه الحالة الحج فاسد ووجب على الحاجّ إتمامه بقضائه في العام القادم دون تأخير، كما أنّه يجب عليه الفدية ببقرة أو بدنة ولا يأكل منها شيئًا.

  • {ولا فسوق}

فقد اختلف المفسرون بالمراد بالفسوق هنا، فمنهم من فسرّها بأنه اقتراف ما نُهي عنه في الإحرام من حلق الشعر، وتقليم الأظفار، وقتل الصيد، ونحوه. ومنهم من قال هو سباب المسلم مستدلّين بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:” سُباب المسلم فسوق، وقتاله كفر”

 وقال آخرون أنّ الفسوق هو جميع المعاصي التي أمر الله باجتنابها في سائر الأحوال، كالكذب، والغش، والسرقة، والظلم، وعقوق الوالدين وغيرها من الذنوب، وهذه المعاصي وإن كان منهيّ عن ارتكابها دائمًا، إلّا أنّ إتيانها في الحج أشدّ وأعظم ذنبًا، وهذا القول الذي اختاره ابن عمر وهو الأقرب إلى الصواب والله أعلم.

  • {ولا جدال}

ومما جاء في تفسير قوله تعالى: {ولا جدال}، فالمقصود بالجدال صنفان:

•  الصنف الأول: الجدال الذي يتعلق بركن الحج ذاته، كالجدال في أشهر الحج ومواقيته، ومناسك الحج والأماكن التي تقام بها الشعائر، فهذا مما لا يجوز الجدال فيه، لأن الله بيّن في كتابه وسنة نبيّه كل ما يتعلق بالحج من أقوال وأعمال ولذلك يجب على المسلمين الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم دون مماراة أو جدال، وإذا أشكل على الحاجّ مسألة رجع إلى أهل العلم.

•  الصنف الثاني: الجدال المقصود به الخصام والنزاع بين المسلمين، مما قد يثير الشك والعداوة ويولّد الأحقاد والضغائن، فهذا منهيّ عنه ووجب تركه، لأن فيه صرف الحجاج عن طاعة الله وتعظيم شعائره.

معاني المفردات في آية: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج

•  الحج: القصد، وهو التوجه إلى بيت الله الحرام في أشهر معلومات لأداء فريضة الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام.[9]

•  أشهر: مفردها شهر، تقدر السنة باثني عشر جزءًا والشهر جزء منها، وفي السنة القمرية هو دورة القمر حول الأرض، وفي السنة الشمسية يقدر كجزء من السنة، والأشهر الحرم هي التي حرم الله فيها القتال، وهي ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم وهي التي يكون فيها الحج، وأشهر الحل هي ما سوى الأشهر الحرم.[10]

•  فرض: جمعها فروض وفِراض، وهو بمعنى الأمر والإلزام، وما ألزمه الله على عباده، وما ألزمه الإنسان على نفسه، وتأتي في الآية بمعنى إلزام الإنسان نفسه بالحج الذي ألزمه الله عباده.

•  رفث: جذرها رَفَثَ يرفث رفوثًا، وهي بمعنى الجماع وما يفضي إليه لقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى? نِسَائِكُمْ}،  وتأتي بمعنى الكلام الفاحش.

•  فسوق: جذرها فَسَقَ بمعنى خرج، يفسُق ويفسِق، فاسقًا, والفسوق الخروج عن طاعة الله وعصيانه بعدم فعل الطاعات واقتراف المحرمات.

•  جِدال: مصدر جادل، والمجادلة في الأمر: مناقشته والخلاف فيه، وفن الجدال: نوع من السفسطة الذي يثير نقاش المسألة دون حسم الرأي فيها.

 ماذا نستفيد من الآية

•    أنّ الحجّ ركن تتجلّى فيه عظمة الله وهيبته، فهو الركن الذي يأتي إليه عباد الله من كلّ فج عميق، فيجتمعون في مكة أطهر بقاع الأرض، يأتونه خاضعين منكسرين معترفين بذنوبهم، مقرّين له سبحانه بالعبوديّة، ويظهر اعترافهم جليّا في نزعهم عنهم ثيابهم، ساترين سَوْءاتهم بحلّة بيضاء، راجين من ربهم أن يعودوا إلى ديارهم وصحيفتهم مثل حلّتهم.

•  لكي يستشعر المسلم معاني العبودية والافتقار لله، وجب عليه الابتعاد عن كل ما يشغل قلبه عن تعظيم شعائر الله من متاع الدنيا، كالجماع وما قد يفضي إليه فالذي يوصل إلى المحظور محظور، كما أنّ عليه تحرّي الابتعاد عن المعاصي كلّها دقّها وجلّه

 •  الإنسان بطبعه خطّاء وعليه يكثّف من رقابته لنفسه في الحج فهو في البيت الحرام في الشهر الحرام، وخصّ الله الجدال والمماراة في النهي، وهو المبالغة في الكلام الذي قد يفضي إلى النزاع والخصومات بين المسلمين، فهو يورّث الضغائن كما أنه يناقض دماثة الأخلاق، ولأن الله هو الغفور الرحيم، والجواد الكريم جعل جزاء الحاج الذي لم يرفث ولم يفسق، مغفرة ذنوبه فيعود كما ولدته أمه،

•  قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن أَتَى هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”، فهنيئًا لمن حج بيت الله وعمل بمقتضى الآية السابقة فيكن بذلك حجه إن شاء الله مبرورًا وسعيه مشكورًا.

معنى آية: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج،
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=10814

اقرأ في الموقع