أنواع الربا وأحكامها

الربا لغةً: هو الزيادة، وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في عدّة مواضع، منها: قول الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ…)؛  أي أنّ الأرض ارتفعت وعلت، وبذلك تتحقّق الزيادة لها، وقال أيضاً: (أَن تَكونَ أُمَّةٌ هِيَ أَربى مِن أُمَّةٍ)، ومعنى أربى في الآية: أكثر عدداً.

الربا شرعاً: دفع زيادةٍ في أحد البدَلَين إن كانا من صنفٍ واحدٍ، أو تأخير تقابُض أحدهما.

حُكم الربا في الإسلام

ورد تحريم الربا في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، كما أجمع العلماء والسَّلف الصالح على تحريمه 

أنواع الربا وأحكامها

النوع الأول : ربا الفضل

يُعرَّف ربا الفضل بأنّه: الزيادة التي تكون في أحد الصنفَين اللذَين تمّت المبادلة بينهما، على أن يكونا من جنسٍ واحدٍ،

 ويُحكَم عليه بالتحريم بنصوص عدّة أحاديث، يُذكَر منها:

–  عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهُ علَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا شيئًا غَائِبًا منه بنَاجِزٍ، إلَّا يَدًا بيَدٍ).[1]رواه الإمام مسلم في صحيحه

 –  (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعَثَ أخَا بَنِي عَدِيٍّ الأنْصَارِيَّ، واسْتَعْمَلَهُ علَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قالَ: لَا، واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بالصَّاعَيْنِ مِنَ الجَمْعِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَفْعَلُوا، ولَكِنْ مِثْلًا بمِثْلٍ، أوْ بيعُوا هذا واشْتَرُوا بثَمَنِهِ مِن هذا، وكَذلكَ المِيزَانُ).[2]رواه البخاري في صحيحه

–  ما قاله ابن تيمية -رحمه الله-: “اتّفق جمهور الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة؛ على أنّه لا يُباع الذهب، والفضة، والحِنطة، والشعير، والتمر، والزبيب؛ بجنسه إلّا مثلاً بمثلٍ، إذ الزيادة على المثل أكلٌ للمال بالباطل”.

النوع الثاني : ربا النسيئة

يُقصَد بربا النسيئة، أو ربا الجاهلية: الزيادة على رأس المال مقابل الزيادة في وقت السداد

 ويتّضح من ذلك أنّ فيه ربا الفضل، والنسيئة، وخُصِّص بالنسيئة؛ لأنّ الغاية والمقصود من الزيادة تأجيلُ السداد

ومثاله دفع المال إلى شخصٍ آخرٍ بتحديد مدّةٍ مُعيَّنةٍ، ثمّ الزيادة على المبلغ مقابل تأجيل السداد عن المدّة المُتَّفق عليها

 وقد ثبت تحريم ربا النسيئة في القرآن، والسنّة، والإجماع، ومن تلك :

عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (الدِّينَارُ بالدِّينَارِ، والدِّرْهَمُ بالدِّرْهَمِ، فَقُلتُ له: فإنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لا يقولُهُ، فَقالَ أبو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ فَقُلتُ: سَمِعْتَهُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أوْ وجَدْتَهُ في كِتَابِ اللَّهِ؟ قالَ : كُلَّ ذلكَ لا أقُولُ، وأَنْتُمْ أعْلَمُ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنِّي ولَكِنْ أخْبَرَنِي أُسَامَةُ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: لا رِبًا إلَّا في النَّسِيئَةِ)[3]رواه الامام البخاري في صحيحه

ماهي الأصناف الربويّة؟

وردت النصوص بتحريم الربا في ستّة أصنافٍ، وهي:

الذهب، والفضّة، والقمح، والشعير، والتمر، والملح،

والدليل على ذلك ما رواه عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ)،

 وعلّة الربا في الأصناف الستّة السابقة، وغيرها من الأصناف التي لم تُذكَر في الحديث تتمثّل بأمورٍ اختلف العلماء في تحديدها، وبيان خِلافهم فيما يأتي:

الحنفيّة والحنابلة: قالوا بأنّ علّة الربا الكَيل أو الوزن مع اتِّحاد الجنس؛ سواءً كانت الأصناف من المطعومات، أو من غيرها

ويجوز عند الحنفيّة التفاضُل بين البدلَين دون تأجيل التقابض إن اتّحد الجنس فقط، أو تحقّق التماثل في الكيل والوزن دون اتِّحاد الجنس، وقالوا بأنّ الذهب والفضّة يقع الربا فيهما باجتماع التماثُل في القَدر، والاتِّحاد في الجنس معاً.

المالكيّة: قالوا بأنّ علّة الربا في الذهب والفضّة الثمنيّة، أمّا العلّة في الأصناف الأخرى فيُفرَّق بينها بحسب نوع الربا؛ فتتمثّل بالقوت والادّخار إن كان الربا ربا الفضل، ويُراد بالاقتيات: ما تقوم به البُنية، والمُدَّخر: ما يُحفَظ مدّة بعيدة دون أن يفسد، أمّا ربا النسيئة فالعلّة فيه الإطعام؛ أي كون الصنف من طعام الآدميّ، دون اشتراط الادِّخار.

الشافعيّة: قالوا بأنّ العلة في الذهب والفضة تتمثّل بالثمنيّة، والعلّة في غيرهما من الأصناف تتمثّل بالإطعام.

ماهو أثر الربا في العقود

اختلف العلماء في الحُكم على البيع الذي خالطه الربا، وذهبوا في خِلافهم إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:

القول الأول: قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة ببطلان العقد الذي وقع فيه ربا، وعليه فإنّه يُفسَخ ولا يجوز بأيّ حالٍ؛ إذ إنّ الربا من الأمور المُحرَّمة في الشرع، والمَنهيّ عنها، والنهي في الشريعة يدلّ على التحريم

وقد استدلّوا بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-: (جَاءَ بلَالٌ بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مِن أَيْنَ هذا؟ فَقالَ بلَالٌ: تَمْرٌ كانَ عِنْدَنَا رَدِيءٌ، فَبِعْتُ منه صَاعَيْنِ بصَاعٍ لِمَطْعَمِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ عِنْدَ ذلكَ: أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ ببَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بهِ).

القول الثاني: عدَّ الحنفيّة العقدَ الذي فيه ربا من العقود الفاسدة، ويترتّب على البيع الفاسد مِلك العِوض قَبضاً، ووجوب رَدّه إن كان العِوض قائماً، أو رَدِّ قيمته، أو ما يماثله؛ إذ يُفرّق الحنفيّة في فقه المعاملات بين الباطل، والفاسد؛ فالباطل ما لم يترتّب عليه أيّ أثرٍ للمعاملة، أمّا إن ترتّب الفسخ في الشرع فهو يُعَدّ فاسداً، وإن ترتّبت الآثار جميعها فيُعَدّ صحيحاً

المصادر والمراجع والتعريفات

المصادر والمراجع والتعريفات
1 رواه الإمام مسلم في صحيحه
2 رواه البخاري في صحيحه
3 رواه الامام البخاري في صحيحه
أنواع الربا وأحكامها
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=7951

اقرأ في الموقع