قصة أويس القرني
أويس القرني سيد التابعين
هو أويس بن عامر بن جَزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عَصوان ابن قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مُراد، تابعي جليل من خيرة التابعين، عاش أويس في زمن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولكنه لم يقابله ولم يره
، فقد وُلد أويس القرني في اليمن في ديار قومه بني مراد، وعاش حياته يطلب العلم ويتعلم على يد الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- فكان إمامًا زاهدًا تقيًا ورعًا، حسن الخلق، اشتهر ببرِّه بوالدته، وقد شهد رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- لأويس القرني بالإيمان والهداية والصلاح، فقد جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “إنَّ خير التابعين رجل يقال له أويس القرني..”
عاش أويس في الكوفة فترة طويلة، وعندما قامت الفتنة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وقف أويس في صف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقاتل معه في معركة صفين وقُتل فيها سنة 37 للهجرة، والله أعلم
قصة أويس القرني
تعتبر قصة أويس القرني دليل من دلائل النبوة، وقد أخبر النبي صحابته الكرام في الحديث الشريف معلوماتٍ كاملة عن رجلٍ لا يعرفونه ولم يسبق لهم أن سمعوا به، يعرفه أهل السماء ولا يعرفه أهل الأرض، وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- برَّ أويس بأمه المكفوفة البصر، وأخبرهم نسبه ومن أيِّ الأقوام هو، وحتى عن مرضٍ كان فيه وبرئ منه وكان ذلك في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ” بَيْنَمَا النَّبِي بِفنَاء الْكَعْبَة إِذْ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّه سيخرج فِي أمتك رَجُل يشفع فيشفعه الله فِي عدد ربيعَة وَمُضر فَإِن أَدْرَكته فَاسْأَلْهُ الشَّفَاعَة لأمتك فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَا اسْمه وَمَا صفته قَالَ: أما اسْمه فأويس وَأما صفته وقبيلته فَمن الْيمن من مُرَاد وَهُوَ رجلٌ أصهب مقرون الحاجبين أدعج الْعَينَيْنِ بكفه الْيُسْرَى وضح أَبيض فَلم يزل النَّبِي يَطْلُبهُ فَلم يقدر عَلَيْهَا
فَلَمَّا احْتضرَ النَّبِي أوصى أَبَا بَكْر وَأخْبرهُ بِما قَالَ لَهُ جِبْرِيل فِي أويس الْقَرنِي فَإِن أَنْت أَدْرَكته فَاسْأَلْهُ الشَّفَاعَة لَك ولأمتي فَلم يزل أَبُو بَكْر يَطْلُبهُ فَلم يقدر عَلَيْهِ فَلَمَّا احْتضرَ أَبُو بَكْر الصّديق أوصى بِهِ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأخْبرهُ بِما قَالَ لَهُ رَسُول الله وَقَالَ يَا عُمَر إِن أَنْت أَدْرَكته فَاسْأَلْهُ الشَّفَاعَة لي وَلأمة رَسُول الله”
وقد ظلَّ عمر بن الخطاب يسأل عن خبر هذا الرجل حتى وجده وتأكَد أنَّه أويس القرني وسأله أن يستغفر له، وأخبره بحديث النبي عنه، فاستغفر له أويس وذهب للعيش بين عامة الناس، واشتهر بعدها بتخفيفه من الدنيا، ونصحه للناس، وعبادته وورعه.
أويس القرني و عمر بن الخطاب
كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، قد سمع من النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حديثًّا بشأن هذا التّابعيّ، حيث يقول عمر في الحديث الصّحيح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يَأْتي علَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مع أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِن مُرَادٍ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ، كانَ به بَرَصٌ فَبَرَأَ منه إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، له وَالِدَةٌ هو بهَا بَرٌّ، لو أَقْسَمَ علَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لكَ فَافْعَلْ.
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستقبل الوفود الآتيةَ من أهل اليمن، فكان كلّما جاءه نفرٌ منهم سألهم عن رجلٍ اسمه أويس القرني فيقول: “أفيكم أويس بن عامر”.
لمّا وجد عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أويس بن عامر القرنيّ في وفدٍ من الوفود الآتية من اليمن تأكّدَ من صفته التي أخبره بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فسأله عن نسبه، فكان هو النّسبُ الذي أخبره به النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- ثمّ سأله عن برصٍ كان فيه ثمّ عافاه الله منه إلّا موضعَ درهم، فكان كذلك فعلًا، ثمّ سأله عن والدته فكان هو هو، فلمّا تأكّد من أنّ أويس الذي أمامه هو ذاته أويس الذي أوصى النّبيّ به أخبره بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي فيه أنّ أويسًا لو أقسم على الله لأبرّه، ثم قال له عمر: “استغفر لي” فاستغفر له.
فسأل عمر – رضي الله عنه – أويسَ عن مُراده، فأجابه بأنّه يريد الكوفة، فأراد عمرُ أن يكتبَ إلى عامله على الكوفة ليُكرم مثوى أويس، فقال أويس: “أكون في غبراء الناس أحب إليّ”، فذهب أويس إلى الكوفة ليسكنها، فلمّا جاء العام المقبل سأل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- رجلُا يطلب الحج من الكوفة عن أويس، فأجابَه أنّ أويسًا يسكن بيتًا رثّ الحال قليل المتاع، فأخبرَ عمرُ الرّجلَ بحديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في أويس، فلمّا عاد الرّجل إلى الكوفةِ ذهب إلى أويس وطلب منه أن يستغفر له وألحّ عليه في ذلك حتّى فعل، ثمّ اشتهر حديث النّبيّ فيه بين النّاس.