قصة الحمار الكذاب
كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، حدثت قصة الحمار الكذاب، يُحكى أنّه كان هناك حمار قد نشأ على الكذب، ولم يجد يومًا أحدًا يعنفه على هذه الصفة السيئة، وكان كلما أحسّ على نفسه أنّه قد وقع في مأزق أو شعر بضائقةٍ يلجأ إلى الكذب، علّه يجد الخلاص في كذبة ينسجها أو قصة يؤلفها
وقد عُرف منذ صغره بالحمار الكذاب، ولكن حب أمه له منعها من أن تعاقبه على هذه الصفة المنبوذة، وكان لهذا الحمار الكذاب أصدقاء من كل أصناف الحيوانات، البقرة والخروف والحصان والدجاجة وقد كانوا متحابين متعاونين ويساعد بعضهم بعضا، ويخرجون للنزهات معًا وهم سعداء وتظّلهم غيمة الود والتفاهم.
وفي صباح يومٍ جميل كانت تتمشى البقرة في المرج الأخضر الجميل، وكانت تداعب الفراشات وتركض خلفها سعيدةً والجرس المعلق حول عنقها يصدر صوتًا رنانًا يشارك تلك البقرة سعادتها وابتسامتها، وإذ بالبقرة تجد على الأرض حباتٍ من القمح ملقات بلا صاحب، التفت يمنةً ويسرةً علّها ترى صاحبًا لها أو تجد عربةً بالقرب من تلك الحبوب فتسأل عنها ولكنها لم تجد أحد، ففرحت كثيرًا بحبوب القمح تلك وجمعتها لتشارك بها أصدقائها وترى الابتسامة مرسومة على محياهم.
وعندما وصلت لمكان تواجد أصدقائها صهل الحصان ضاحكًا قائلًا للبقرة: ياعزيزتي البقرة هذي الحبوب القليلة لن تكفينا كلنا ألم تنتبهي لقلتها وكثرتنا، فتعجبت البقرة كيف لم تنتبه لهذا وابتسمت خجلةً،
ثم قال الحصان ما رأيكم يا أصدقائي أن نزرع هذي الحبوب ونتعهدها بالرعاية، فرح الجميع وشاركوا بالعمل وبينهم الحمار الكذاب، فجميعهم متشوقون لأكل تلك الحبوب، ومضت الأيام والسنابل تكبر شيئًا فشيئًا ومنظرها الأصفر اليانع تحت أشعة الشمس يزيدها جمالًا.
وفي يوم من أحد الأيام مرَّ الحمار بجانب تلك السنابل وكان جائعًا، فحدثته نفسه بأن يأكل بعضًا من السنابل وكان متأكدًا من أحدًا لن ينتبه لنقصان تلك السنابل، وأكل كميةً من تلك السنابل ولكن أصدقائه أحسو بأن بعضًا من السنابل قد نقصت، وعندما سألوا الجميع لجأ الحمار كالعادة للكذب وأنكرالموضوع
واعتاد بعد ذلك أن يأتي للحقل كل فترةٍ وأخرى ليأكل بعضًا من تلك السنابل، وفي يومٍ من الأيام كان جائعًا جدًا وأكل كثيرًا من السنابل، فانتبه أصدقائه أثناء عنايتهم بالمحصول لفقد السنابل الواضح، فاجتمع الأصدقاء ليتباحثوا بهذا الموضوع فقاموا بسؤال الجميع من أكل القمح، فأنكر الجميع الموضوع لأنّهم حقًا صادقون
لكن الحمار الكذاب لم يكتف بالكذب والإنكار بل اتهم الخروف وأقسم لهم بأنه رأه يأكل السنابل، فخاصم الأصدقاء الخروف واتهموه بالكذبة والأنانية، وذهب الخروف إلى بيته حزينًا باكيًا لأنه ظُلم.
وذهب الحمار الكذاب سعيدًا لمنزله، وقال: إنّني حمار ذكي فقد صدَّقني الجميع واتهموا ذاك الخروف المسكين، وغدًا سأعود لآكلَ بعضًا من تلك السنابل الشهيّة، في هذي اللحظة كان الحصان والدجاجة يسيران بجانب بيت الحمار، وقد سمعا ماقاله الحمار لنفسه فذهبا واعتذرا من الخروف وأخبراه بما حدث، واجتمع الأصدقاء جميعًا على نبذ الحمار الكذاب من بينهم عقابًا له على كذبه واتهامه للخروف البريء
العبرة من القصة
الكذب لا ينجي من المشاكل أبدًا، والعبرة التي سطرتها هذه القصة أن الكذب ما كان يومًا حبلًا للنجاة وسيكشف الكاذب يومًا.