إنما الاعمال بالنيات – قصة مؤثرة
يحكى أن ملكا من الملوك أراد أن يبني مسجدا في مدينته، وأمر ألا يشاركه أحدٌ في بنائه لا بالمال ولا بغيره.
وفعلا تم بناء المسجد، وأمر بوضع اسمه على بابه.
وفي ليلة من الليالي رأى الملك في المنام كأن ملكا من الملائكة نزل من السماء فمسح اسم الملك عن باب المسجد وكتب اسم امرأة مكانه.
فاستيقظ الملك من النوم فزعا وأرسل جنوده ينظرون هل اسمه ما زال مكتوبا على باب المسجد؟ فذهبوا ورجعوا وقالوا: ما زال اسمك موجودا ومكتوبا على باب المسجد.
وفي الليلة الثانية رأى الملك الرؤيا نفسها، فلما قام من نومه أرسل جنوده ليتأكدوا هل اسمه ما زال موجودا على باب المسجد؟ فذهبوا ورجعوا وأخبروه أن اسمه ما زال موجودا كما هو. فتعجب الملك.
ولما كانت الليلة الثالثة تكررت الرّؤيا نفسها، فلما استيقظ الملك من النوم قام وقد حفظ اسم المرأة التي يكتب اسمها على المسجد في المنام كل ليلة، فأمر بالبحث عنها وإحضارها.
فتوزع الجنود حتى عثروا عليها فأحضرت للملك، وكانت امرأة عجوزا فقيرة ترتعش من خوفها.
فسألها الملك، قال لها: هل ساعدت في بناء المسجد الذي بنيته؟ قالت: يا أيها الملك أنا امرأة فقيرة كبيرةٌ في السن، وقد سمعتك تنهى عن أن يساعد أحدٌ في بنائه.
فقال لها: أسألك بالله ماذا قدمت لبناء هذا المسجد؟ فقالت: والله ما عملت شيئا قطّ في بناء هذا المسجد إلا …
فقال الملك: نعم قولي إلا ماذا.
قالت: إلا أنني مررت ذات يّوم بجانب المسجد، فإذا أنا بإحدى الدواب التي تحمل الأخشاب وأدوات البناء للمسجد عليها وهي مربوطة بحبل إلى وتد في الأرض، وبالقرب منها دلو فيه ماء، وهذه الدابة تريد أن تقترب منه لتشرب فلا تستطيع ذلك بسبب قصر الحبل، قالت: وقد بلغ منها العطش مبلغا شديدا، فقمت وقربت منها دلو الماء لله تعالى فشربت حتى ارتوت بعد أن كادت تهلك، هذا والله الذي صنعت.
فقال الملك مستغربا: سبحان الله، عملت ما عملت لوجه الله تعالى فقبل الله منك، وأنا عملت عملي ليقال مسجد الملك فلم يقبل الله مني.
فتاب إلى الله تعالى وأمر أن يكتب اسم المرأة العجوز على باب المسجد وأحسن إليها وأعطاها ما عاشت به إلى ءاخر عمرها مكرمة.
“إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”.