مدينة القسطنطينيّة حالياً

مدينة القسطنطينيّة القديمة

مدينة القسطنطينيّة القديمة هي واحدة من أعرق المدن وأهمّها في تاريخ الشرق خلال حقبة العُصور الوسطى، فقد كانت تعتبر معبر أوروبا إلى المشرق العربي في تلك الفترة، حينما كانت تُسمّى بيزنطة ولاحقاً القسطنطينية.

كانت المدينة عاصمة الدول والإمبراطوريّات التي حكمت تلك المنطقة طوال الألف سنةٍ الأخيرة، حيث كانت مُنذ نشأتها بفترةٍ وجيزة عاصمةً للإمبراطوريّة الرومانية الشرقية، وأصبحت فيما بعد عاصمة الدولة البيزنطية، التي كانت الدولة المسيحيّة الكُبرى في العالم لمئات السّنين، إلى أن تمكَّن العثمانيون من فتحها في نهاية القرن الخامس عشر، ومُنذ ذلك الحين تحوَّلت لتُصبحَ عاصمة الدولة العثمانية.

تأسيسُ مدينة القسطنطينيّة

تم استيطان مدينة القسطنطينيّة الحالية منذ القدم، لكن تأسيسها بشكلها الذي استمرَّ حتى الوقت الراهن كان في عام 324 م، عندما بُنيت عاصمةٌ للإمبراطورية الرومانية الشرقية في موقعها بأمرٍ من الإمبراطور قُسطنطين، وقد اختارَ مكانها؛ لما له من أهمية استراتيجية في التحكّم بمضيق البوسفور، وبُنيت المدينة على سبعة جبال، مثلُها في ذلك مثل روما القديمة الحقيقيّة، وقُسّمت إلى أربعة عشر حياً.

كانت للمدينة أهميَّة دينية كبيرة جداً، فقد كان الإمبراطور قُسطنطين أول إمبراطورٍ روماني يُعلن أنه مسيحي.

وقد ضمَّت المدينةُ سكاناً وثنيين وكذلك مسيحيين جُدداً، ومع أنَّ المسيحيين كانوا مُضطهدين سابقاً في الإمبراطورية الرومانية، إلا أنَّهم حصلُوا على الفرصة لبناء كنائس وكاتدرائيات خاصّة بهم في القسطنطينيّة.

القسطنطينيّة في العصر البيزنطي

لم تمضِ فترة طويلة على تأسيس الإمبراطورية البيزنطية حتى جاءَ آخرُ أباطرتها الوثنيين، وهو جوليان المُرتدّ، وكان جوليان أول إمبراطورٍ وُلد في مدينة القسطنطينيّة الجديدة نفسها، واشتُهر بأنَّ له اهتماماً شديداً بالفلسفة الرومانية والإغريقية، وقد حاولَ هذا الإمبراطور القضاء على كلِّ أثرٍ للدين المسيحي في الدولة، إلا أنَّه لم ينجح بذلك تماماً، وقد ماتَ جوليان أثناء معركةٍ مع جُيوش الفرس في عام 363م.

جاء بعده الإمبراطور ثيودوسيوس الأكبر، وقد كان ثيودوسيوس إنساناً مُتديِّناً وحقدَ على التخريب الذي ألحقهُ جوليان بالدين المسيحيّ،

رغبةً من الإمبراطور ثيودوسيوس الأكبر في الانتقام أعلنَ أنَّ الوثنية ديانةٌ محظورة، وجعل المسيحية الدين الرسميَّ للإمبراطورية البيزنطية في عام 391م.

 ويُشتهر ثيودوسيوس بأنَّه أمرَ بتشييد أسوارٍ هائلة للمدينة بلغَ ارتفاعُها ثلاثة عشر متراً، كما أعاد بناء كنيسة آيا صوفيا، والتي بُنيت في عام 360م ولكنها دُمّرت بسبب حريقٍ في سنة 404م، وأمر بإلغاء الألعاب الأولمبية التي كانت تُقام مرَّة كل أربعة أعوامٍ لمئات السّنين ولم يتمَّ إحياؤها لقُرابة خمسة عشر قرناً بعد ذلك.

من أشهر الأباطرة البيزنطيين اللاحقين جستنيان، الذي حكمَ الدولة مُنذ عام 527م وحتى 565م، وكان عدد سُكّان مدينة القسطنطينيّة في عهده حوالي 300,000 إنسان،

وهو معروفٌ بوضعه “قانون جستنيان” الذي نظَّم حُقوق المواطنين البيزنطيين، وقد شهد عهدُه ثورة عنيفة جداً تُسمّى ثورة نيقا وقعت سنة 532، وكان سببُها غضب المواطنين من بعضِ تشريعاته وسياساته في الحُكْم، وقد مات فيها ما يُناهز ثلاثين ألف شخص  وينظرُ المؤرخون إلى جستنيان على أنَّه آخر الأباطرة الأقوياء للقسطنطينية، ومُنذ موته دخلت الإمبراطورية في حالة تدهورٍ تدريجيٍّ استمرَّت لتسعة قرون.

فتحُ مدينة القسطنطينيّة

حاولَ المُسلمون فتح مدينة القسطنطينيّة بدءاً من عام 674م، عندما أرسل المسلمون أوَّل حملة لمُحاولة اختراق أسوارها، وقد دامت مُحاولات فتحها طويلاً بعد ذلك، ففي عهد الأمويين والعباسيين والسلاجقة

وصلت العديد من الجيوش الإسلامية إلى أبواب القسطنطينيّة دُون أن تنجح بدُخولها، وفي عهد السلاجقة أقام الأتراك دُولاً عديدة في الأناضول وضعت ضغطاً على الإمبراطورية البيزنطية وانتزعت منها مُدنها مراراً وتكراراً، وكانت آخرُ هذه الدول هي الدولة العثمانية، التي ظهرت في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي على يد مُؤسّسها عثمان بن أرطغرل.

في عام 1452-1453 أمر السّلطان محمد الثاني المشهُور بمُحمَّد الفاتح بإحاطة المدينة والاستعداد لغزوها، وقد بنى محمد الفاتح قلاعاً قُرب مداخل القسطنطينيّة الشمالية، وذلك لمنع وُصول أيّ مُساعداتٍ إليها من البحر الأسود، وأما من جهة بحر إيجة فقد كان العثمانيون مُسيطرين تماماً على المعبر.

وعندما أحس الإمبراطور البيزنطي بالخطر العظيم استجدى العديد من الدول المسيحيَّة في أوروبا للحصول على الدعم، لكنه لم يحصُل على سندٍ يُذكر.

وحصلَ العثمانيون على خدمةٍ من خبير مدافع هنغاري بنى مدفعاً عملاقاً طُوله عشرة أمتار، وتمكَّن المدفع من تدمير أسوار المدينة في صباح 29 مايو عام 1453، فدخلها الجيش العثماني بعد شهر ونصفٍ من الحصار، وسقطت القسطنطينيّة في اليوم نفسه، وفرَّ الإمبراطور البيزنطي الآخر وهو قُسطنطين السادس

مدينة القسطنطينيّة حالياً

مدينة القسطنطينيّة هي إسطنبول حالياً أكبر وأهمّ مدن تركيا الحديثة، ومدينة إسطنبول الحالية أكبر من القسطنطينيّة القديمة، بحيث أصبحت أسوار المدينة القديمة وبواباتها من ضمن الآثار التي تضمها المدينة، وتعتبر من المزارات السياحيّة، وقد طرأت تلك التوسعات على المدينة رغم انتقال العاصمة إلى أنقرة بعد إعلان الجمهورية التركية على يد محمد كمال أتاتورك، وكان ذلك في عام 1923 وعندها خسرت القسطنطينيّة موقعها كعاصمة للمرّة الأولى من أكثر من 1500 سنة.

بسبب وقوع مضيق البسفور في وسط مدينة القسطنطينة اصبحت منقسمة إلى قسمين ، وأخذت مكاناً في قارتي آسيا وأوروبا في آن واحد، وهي المدينة الأكبر في دولة تركيا، إذ تبلغُ مساحة البلدة القديمة فيها وحدها حوالي 23 كيلومتراً مُربّعاً، وأما المدينةُ الحديثة فتتَّسعُ لأكثر من ذلك بكثير. وقد بُنيت مدينة إسطنبول بالأصل على سبعة جبال؛ ولذلك اشتُهرت باسم “روما الجديدة”.

معالم مدينة إسطنبول (القسطنطينية سابقاً )

تتميز مدينة إسطنبول بمناخ مُعتدل وجاذب للزوار من كافة أنحاء العالم، وهناك العديد من المعالم الأثريّة والتاريخيّة التي تجذب الزوار فيها

من أهمّ هذه المعالم البوابة الذهبية، وهي بوابة بُنيت لحماية المدينة في عام 390 م بأمرٍ من الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني، ولا تزالُ أجزاءٌ منها قائمة،

  تُوجد فيها بقايا قصرٍ بيزنطي يُسمّى “قصر قُسطنطين” بني في عام 1300م، وهو بناءٌ مُشيّد من الطوب وحجر الجير ويتألَّفُ من ثلاثة طوابق

أهمّ الآثار الموجودة فيها فهي أطلالُ 25 كنيسة كُبرى من العصر البيزنطي، وأكبرها وأشهرها على الإطلاق هي آيا صوفيا الذي تحول إلى جامع آيا صوفيا

ماهي مدينة القسطنطينيّة حالياً؟
  • views
  • تم النشر في:

    تاريخ وآثار

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=5743

اقرأ في الموقع