ماهي علامات الساعة
العلامات جمع علامة، وتُعرّف العلامة لغةً على أنها ما يُنصب في الطريق ليُهتدى به، أما الساعة فتُعرّف لغةً على أنها جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الليل والنهار
ومن الجدير بالذكر أن موعد قيام الساعة من الغيب الذي استأثر الله -تعالى- بعلمه، ولم يُطلع عليه أحداً من الخلق، مصداقاً لقوله تعالى: (يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لا تَأتيكُم إِلّا بَغتَةً)
ولكن من رحمة الله -تعالى- بعباده أن جعل للساعة علامات تدل على قرب قيامها، حيث قال عز وجل: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)،[3] وقد اصطلح أهل العلم على تقسيم علامات الساعة إلى علاماتٍ كبرى وعلاماتٍ صغرى.
علامات الساعة الصغرى
تنقسم علامات الساعة الصغرى إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : علامات وقعت وانقضت
أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكثير من علامات الساعة، فوقعت في الماضي وانقضت كما أخبر الصادق المصدوق، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
– بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانت بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول علامة من علامات الساعة، لا سيما أنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وليس بعده إلا الساعة، وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- أن بعثته دليل على قرب يوم القيامة، حيث قال: (بُعِثْتُ أنا والسَّاعَةُ كَهاتَيْنِ يَعْنِي إصْبَعَيْنِ)،
– انشقاق القمر: ورد ذكر علامة انشقاق القمر في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)، وقد أكّد أهل العلم أن انشقاق القمر وقع في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تلك الحادثة معجزة من أعظم معجزاته عليه الصلاة والسلام، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة التي تدل على ذلك، ومنها ما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فأرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ).
– النار التي أضاءت أعناق الإبل في ببصرى لها: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة خروج نار من الحجاز تضيء منها أعناق الإبل ببصرى، وقد أكّد عدد من العلماء الذين عاصروا حدوث هذا العلامة، ومنهم الإمام النووي، والحافظ ابن كثير -رحمهم الله- أنها وقعت في العام ستمائة وأربع وخمسون للهجرة، حيث خرجت نار عظيمة في جانب المدينة الشرقي وراء الحرّة، وأكّد الكثير ممن كانوا في الشام في ذلك الوقت أن جميع أهل الشام علموا بها.
– فتح بيت المقدس: بشر النبي بفتح بيت المقدس وعدّ ذلك من أشراط الساعة كما في حديث عوف بن مالك أن النبي قال: “اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”. وهو ما حدث في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في عام (16 هـ – 637م) وبنى فيه مسجداً.
القسم الثاني :علامات وقعت ولا زالت تتكرر
ورد ذكر الكثير من علامات الساعة في الأحاديث النبوية الشريفة، فوقعت ولا زالت تتكرر، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
– ظهور المعازف واستحلالها: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ظهور المعازف واستحلالها في آخر الزمان، وبيّن أنها ستكون علامة من علامات الساعة، حيث قال: (يكونُ في آخرِ الزمانِ خَسْفُ وقذفٌ ومَسْخٌ ، إذا ظَهَرَتِ المعازِفُ والقَيْناتُ)، وفي الحقيقة أن هذه العلامة قد ظهرت في العديد من العصور الماضية، ولا زالت تتكرر في زماننا الحاضر، حيث انتشر الغناء، والمعازف، واشتهرت القينات، وهم المغنّون والمغنّيات.
– ظهور الدجالين وأدعياء النبوة: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ظهور الدجالين وأدعياء النبوة من علامات الساعة، حيث قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ)، وقد وقعت هذه العلامة في العصور الماضية، وتقع في زماننا الحاضر، حيث ظهر في أواخر عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- عدد من الدجالين؛ منهم مسيلمة الكذاب الذي كثر أتباعه وقويت شوكته، إلى أن قُضي عليه في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في معركة اليمامة، ومنهم الأسود العنسي الذي ادّعى النبوة في اليمن وقُتل أيضاً على يد الصحابة رضي الله عنهم، وسجاح التي ادّعت النبوة وتزوّجت من مسيلمة الكذاب وبعد قتله تابت ورجعت للإسلام، وظهر في عهد عبد الملك بن مروان كذّاب آخر يُدعى الحارث وتم قتله، وفي العصر الحديث ظهر الكثير ممن يدّعون النبوة.
– تطاول الحفاة رعاة الشاء بالبنيان: عن عمر بن الخطاب في حديث جبريل ومجيئهِ لرسولِ الله وسؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان، وعن الساعة، أخبره عن أماراتها وذكر منها (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان)
والمعنى المقصود بالحديث أن رعاة الشاة يتركون البادية التي كانوا فيها ليتجهوا للحضر فيتطاولوا في البنيان، والتنافس على وجه الكبر والفخر في بناء البيوت. كل يريد أن يكون بناؤه أعلى من بناء غيره. وهو ما يشابه ناطحات السحاب.
– المرور بالمسجد دون الصلاة فيه: عن ابن مسعود قال: صدق الله ورسوله، سمعت رسول الله وهو يقول: إن من أشراط الساعة، أن يمر الرجل بالمسجد، لا يصلي فيه ركعتين وألا يسلم الرجل إلا على من يعرف
– ارتكاب الفاحشة على الطريق: عن أبي يعلى من حديث أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط.».
القسم الثالث : علامات لم تقع بعد
ورد ذكر العديد من علامات الساعة في الأحاديث النبوية الشريفة، ولم تتحقق بعد، لكنها ستقع حتماً في المستقبل كما أخبر الصادق المصدوق، وفيما يأتي بيان بعضها:
– انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن انحسار نهر الفرات وظهور جبل من الذهب في آخر الزمان كعلامة من علامات الساعة، حيث قال: (يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عن كَنْزٍ مِن ذَهَبٍ، فمَن حَضَرَهُ فلا يَأْخُذْ منه شيئًا) ومعنى انحساره ذهاب مائه، وقد أشار الإمام النووي -رحمه الله- إلى أن ذهاب ماء نهر الفرات قد يكون بسبب تحول مجراه، وتوقّع أن هذا التحول قد يسبب كشف جبل الذهب.
– إخراج الأرض لكنوزها المخبوءة: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة ظهور كنوز الأرض من الذهب والفضة، وأن الناس سيقتتلون عليها، ولكن بعد أن يروا كثرته سيندمون لأنهم اقتتلوا عليه.
– محاصرة المسلمين إلى المدينة: من علامات الساعة انهزام المسلمين وانحسار ظلّهم إلى المدينة المنورة، وحصار أعدائهم لهم فيها، مصداقاً لما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- ما عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُوشِكُ المسلمون أن يُحاصَروا إلى المدينةِ حتَّى يكونَ أبعدَ مسالحِهم سلاحٌ).
– عودة جزيرة العرب مروجا وأنهارا: هي علامةٌ من علامات الساعة الصغرى التي أخبر بها نبي الإسلام محمد، حيث أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج ـ أي المراعي ـ والأنهار، في آخر الزمان قبل قيام الساعة وأنها ستعود إلى حالتها الأولى، وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها. فعن أبي هريرة أن الرسول قال: لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا.