قصة بدر ووحش البحر
في يوم من الأيام خرج بدر إلى شاطئ البحر حتى يجمع بعض القواقع، فوجد بين القواقع صخرة عجيبة أخذها ووضعها في دلوه وعاد إلى بيته
وكان يخفي أشياءه الغريبة في مكان خفي داخل المخزن، ويقضي معظم أوقات فراغه يتفحص مجموعاته النادرة الجميلة من القواقع.
عندما وصل بدر إلى منزله، غسل الصخرة وأزال عنها الشوائب والطحالب الملتصقة بها، ودفعه فضوله لكشف ما بداخلها، فأمسك سكينا صغيرا، وأزال قشرة من سطح الصخرة بحرص كبير فوجد بها سائلا لزجا أزرق شفافا.
وما إن انتهى من ذلك حتى سمع صوتا يصدر من الصخرة، فأزال جزءا آخر من القشرة، فبدأ يشعر بحركة داخلها، ووجد رأس كائن غريب يخرج منها، فأدرك أن تلك الصخرة هي بيضة لكائن عجيب الشكل.
ساعد بدر الكائن الصغير ذا الزعانف الغريبة على الخروج من بيضته، ونظفه من سوائل البيضة اللزجة بالماء، وفرح به كثيرا، وراح يتحسس جسده بحنان كبير، لكن الكائن كاد يلتهم إصبعه لولا أن بدرا أبعد يده بسرعة كبيرة.
فهم بدر أن هذا الكائن الصغير جائع، فأسرع إلى المطبخ وسأل جدته عن طعام، كانت الجدة تشرب فنجان الشاي، فأشارت له إلى مكان الفاكهة
فأخذ ثمرة تفاح وعاد للمكان المخفي وقام بتقطيعها قطعا صغيرة، وراح يطعم الكائن الصغير الذي راح يأكل بشراهة كبيرة، وبدر يضحك من شدة الفرح، فأطلق عليه اسم صخر، لأنه كان قد وجده في بيضة تشبه الصخرة.
في المساء ذهب بدر إلى غرفته، وبدأ يراجع دروسه، لكن صخرا الكائن العجيب كان يشغل باله، فلم يستطع المذاكرة، ونام من شدة التعب، لكن صخرا بقي في أحلامه.
في الصباح الباكر توجه بدر إلى مدرسته، وذهب إلى مكتبة المدرسة يبحث عن كتاب الأحياء البحرية لعله يكتشف سر هذا الكائن الغريب، ليعرف ما هو؟
استعار بدر الكتاب وأخذ يتفحصه جميع صور الكتاب، حتى وجد صورة كائن يشبه صخرا، وقرأ ما كتب عنه فأصابه الذهول لأن الكتاب كان يقول إنه من الكائنات البحرية العملاقة التي كانت تعيش في عصر الديناصورات.
وعندما انتهى بدر من قراءة ما يريد، وعلم أن صخرا وحش بحري، وكان صخر يبحث في سلة المهملات عن أكل يشبعه، فأمسكه بدر برفق وأخذ يداعبه.
وبعد أن انتهى الوحش من الأكل، قام بدر بإفراغ سلة المهملات، وبدأ يملأها بالماء يصبه على صديقه الجديد، فيراه سعيدا يلعب ويلهو ويسبح في الماء، ويقفز في الهواء ويغوص من جديد في الماء.
بقي صخر يعيش في المخزن مستمتعا بحمامه الخاص، وذات يوم قفز وصعد إلى صديقه بدر الذي كان نائما في سريره، فسمع صخر صوت خرير ماء فتتبع مصدره بسعادة بالغة.
وكانت سمر أخت بدر تملأ حوض الاستحمام، فقفز صخر فيه وهو سعيد، ودخلت الفتاة إلى الحمام وصرخت من هذا الكائن العجيب، سمعها بدر وأسرع إليها يهدئ فزعها ويطمئنها.
وعندما هدأت سمر أخبرها أخوها بدر عن قصة هذا الكائن الذي سماه صخر، وأخبرها أنه يخفيه عن والدته في المخزن حتى لا تبعده عن البيت
وبدأ يداعبه وجعل أخته تتحسسه وتلعب معه بلا خوف، وكان صخر يلعب ويصدر صوتا كالدولفين، فسمع أبوهما صوتا غريبا في الحمام
فلما دخل أذهلته المفاجأة، لكن بدرا ألح عليه ليقنع أمه أن يبقي صخرا معهم، فوافق الأب.
وفي صباح يوم ما كانت أم بدر تشرف على الحديقة وكلب الحراسة يتبعها، وكان البستاني ينظف النافورة كعادته وبدر يساعده، وكان أحد التماثيل مكسورا، لفت انتباه بدر أن التمثال لكائن يشبه صخرا.
شم كلب الحراسة رائحة غريبة في البيت، فتتبعها، وكان صخر يلعب مستمتعا في حوض الاستحمام، فهجم عليه الكلب، خاف صخر كثيرا وقفز بسرعة لينزل إلى المخزن، والكلب الشرس يطارده
لكن صخرا نجح في الهروب منه، وبذكائه وقف مكان التمثال المكسور بلا حركة، لكن الكلب تتبع رائحته ووصل إليه، وبدأ يحوم حول النافورة وينظر فلا يجد سوى التماثيل فيئس وابتعد.
وكانت النافورة مليئة بأسماء الزينة، ففرح صخر وقفز في مائها، وظل يأكل طوال الليل فقد كان هذا غذاؤه الطبيعي، وظل يأكل وينتفخ ويكبر حتر الصباح.
في صباح اليوم التالي استيقظ بدر وراح يبحث عن صخر، فكانت المفاجأة، وجده في بركة النافورة قد تضخم، أسرع يخبر أباه ويستعين به وهو حائر، جاء أبوه وهو في ذهول مما يرى.
فكر الأب بسرعة، وقرر أن يأخذ هذا الكائن الكبير للبحر، فوضع صخرا في الشاحنة، ووضع عليه غطاء ضخما كي لا يراه الناس، وكان بدر يساعده.
وعندما وصل صخر إلى البحر، ورغم سعادته بالماء فقد خاف وهو يلهو لأنه لم يعتد ذلك البحر الواسع، جذبه الأب بقوة وصخر يريد أن يعود للشاطئ حيث يقف بدر صديقه.
وقف بدر المسكين يكاد يبكي على فراق صديقه لكنه كان يعلم أن البحر موطن صخر الذي لا بديل له، فودعه وهو حزين، بينما صخر وجد في البحر متسع للسباحة والأسماك لطعامه الطبيعي.