السجع في اللغة العربية

 ماهو السجع

السجع لغةً: من سجع يسجع سجعًا، أي: استوى واستقام وأشبه بعضه بعضًا

اصطلاحًا: هو توافق الفواصل في الكلام على حرفٍ واحدٍ

السجع يأتي في الشّعر والنثر على حدِّ سواء، والسجع والقافية لهما الدّلالة ذاتها، فالقافية تشتمل على الحرف الأخير الذي يُبنى عليه البيت وهو حرف الروي، والسجع يدلّ على الحرف الأخير الذي قد بنيت عليه الجملة.

 السجع والجناس

لعلّ من نافلة القول الحديث على السجع والجناس، فكثيرًا ما يتداخل في ذهن الطالب مفهوم السجع والجناس على الاختلاف الذي بينهما، فالسجع كما مرّ هو الاتفاق في الحرف الأخير،

ما هو الجناس؟ وكيف يمكن التفريق بينه بين السجع؟

الجناس -كما السجع- من المحسّنات البديعيّة التي تندرج تحت باب البديع الذي هو فرع من البلاغة العربية، وهو اتفاق الكلمات في اللفظ في بعض الحروف أو كلّها بناءً على نوع الجناس، فمن ذلك يظهر أنّ الفرق بين السجع والجناس هو أنّ السجع يختص بحرف واحد بينما الجناس يختص بكل الكلمة أو بعض حروفها.

أنواع السجع

1- السجع المرصع

وهو ما اتّفقت فيه جميع ألفاظ الجملتين أو أغلبها في الوزن العروضي والروي، وفي قولهم الوزن العروضي أي أن يكون للكلمتين نفس الحركات والسكنات، وقد سمّي هذا النوع بالمرصّع تشبيهًا له بعِقد اللؤلؤ، حيث توضع كل لؤلؤة ويوضع مقابلها ما يشبهها، فيخرج حينها العقد متناسبًا منظَّمًا، فعندما تُكتب كل كلمة مع ما يقابلها في الوزن العروضي والروي يخرج من ذلك جملًا منظَّمة متناظرة تمامًا كعقد اللؤلؤ ، وكقول أحد الشّعراء العرب:

ومكارمٍ أوليتها مُتبَرِّعًا * * * * * * وجرائمٍ ألَغيتُها متورِّعًا

فإنّ “مكارم” تقابل “جرائم”، و”أوليتها” تقابل “ألغيتها”، و”متبرّعًا” تقابل “متورّعًا” في الوزن العروضي ولهما الروي ذاته

 ومنه أيضًا ما جاء في قول أحد الحكماء: “قوّة الأشرار بلاء، وقوّة الأخيار دواء”،

 فقد اتّفقت ألفاظ الجملة الأولى مع نظائرها في الجملة الثّانية في الوزن والقافية، “الأشرار” تقابل “الأخيار” و”بلاء” تقابل “دواء”.

2- السجع المتوازن

هو اتّفاق الفاصلتين في الوزن دون الروي، وذلك نحو قوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}

 فانتهت الجملتان على “مصفوفة” و”مبثوثة”، وللكلمتان الوزن ذاته، أمّا روي الأولى فهو الفاء وروي الثانية هو الثاء

 و أيضًا قول مسلمة بن عبد الملك: “ما حمدتُ نفسي على ظفر ابتدأته بعجزٍ، ولا لمتها على مكروهٍ ابتدأته بحزمٍ”،

فالتوازن واقعٌ بين الكلمتين “عجز” و”حزم” وقد اتّفقتا في الوزن دون الروي.

لكن قال بعض العلماء إنّ التوازن -أو الموازنة- ليس من أنواع السجع، بل هو فرع من فروع علم البديع، فالفرق بين السّجع والموازنة أنّ السّجع يجب أن يتّفق فيه الروي في مجمل أنواعه: “المرصّع والمتوازي والمشطور والمطرّف”، بينما الموازنة لا روي لها، بل فقط يشترط فيها الاتّفاق في الوزن دون الروي، وهكذا لا يُمكن أن تكون الموازنة نوعٌ من أنواع السّجع، بل تشترك مع السجع في مشابهة الوزن فقط.

3- السجع المتوازي

وهو ما اتّفقت فيه الكلمتان الأخيرتان من كلّ جملة على نفس الوزن والروي، وهذا النوع من السجع يقع في فواصل الجملة فقط، وفاصلة الجملة هي الكلمة الأخيرة منها، فتتفق هذه الفواصل على وزنٍ عَروضيٍّ واحدٍ وعلى حرف روي واحد، فتنتهي الكلمتان “الفاصلتان” بالحرف نفسه، كقول المتنبي:

فنحنُ في جذلٍ والرّومُ في وجلِ * * * * * * * والبرُّ في شُغلٍ والبحرُ في خجلِ

فقد وقع السّجع في اللفظتين الأخيرتين “وجل” و”خجل”، وقد اتّفقتا في الوزن العروضي والروي.

4- السجع المطرف

وهو ما اختلفت فيه الكلمتان الأخيرتان من كل جملة في الوزن واتّفقتا في الروي، وسمي مطرّفًا لأنّ التوافق بين الفاصلتين قد وقع في الطرف، وفي هذا النوع لا يُنظر إلى الوزن بل فقط يُنظَر إلى الحرف الأخير في فواصل الكلم، فيشترط به توافق الحرف الأخير من الفواصل فقط، وذلك

كقوله تعالى أيضًا: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}، فقد اتّفقت الفواصل في الآية السّابقة “تولى” و”الأعمى” و”يزكى” في الحرف الأخير واختلفتا في الوزن.

5- السجع المشطور

وهذا النوع خاصٌّ بالشعر، وهو أن يكون لكل شطر في البيت الشّعري الواحد قافية مختلفة عن الآخر، فيكون للبيت قافيتان داخليتان، فالشطر الأول منه يكون مقفًّى داخليًّا على قافيةٍ معيّنة، والبيت الثّاني يقفّى داخليًا أيضًا ولكن على قافية مخالفة للقافية الأولى، وذلك كقول الشّاعر أبي تمام:

تَدْبيرُ مُعتصمٍ بالله منتقمٍ * * * * * * لله مرْتَغبِ في اللهِ مرتَقَبِ

السجع في الشّطر الأوّل مبنيٌّ على حرف الميم وفي الشّطر الثّاني مبنيٌّ على حرف الباء، فالسجع بحسب وزنه ونوع التوافق بين الكلمات التي يقع بها السجع ينقسم إلى مرصّعٍ ومتوازنٍ ومتوازٍ ومطرّفٍ ومشطورٍ.

أنواع السجع من حيث الطول والقصر

وللسجع من حيث الطول والقصر أنواع ذكرها العلماء هي:

1- السجع القصير

وهو السجع الذي تكون فيه السجعة مؤلّفة من عدد ألفاظ قليلة، فكلّما كانت الألفاظ قليلة كان السّجع أفضل، فتستسيغها الأذن لقربها من سمع السامع، وهذا النوع يعد أصعب أنواع السجع وأكثرها وعورةً, وذلك لصعوبته،

منه قولهم: “الحرُّ إذا وعد وفى، وإذا أعان كفى، وإذا ملك عفا”، فقد بنيت الفواصل السّابقة على الفاء في “وفى” و”كفى” و”عفا”، وجميع الجمل السّابقة هي جمل قصيرة.

2- السجع المتوسط

وهو الذي لا يكون عدد كلماته بين السّجع الطويل والسجع القصير، ومثاله قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}

ومنه أيضًا قول بعض الحكماء يوصي ابنه قائلًا: (يا بني لا تزهدنّ في معروف، فإنّ الدهر ذو صروف، والأيام ذات نوائب على الشّاهد والغائب، فكم من راغب كان مرغوبًا إليه، وطالب أصبح مطلوبًا ما لديه، ومن يصحب الزمان ير الهوان).

فقد بنيت الجملتان الأولى والثانية على حرف الفاء “معروف” و”صروف”، وبنيت الجملة الرابعة على حرف الباء “نوائب” و “الغائب”، وقد بنيت الجملتان الخامسة والسادسة على حرف الهاء “إليه” و “لديه”، وقد بنيت الجملة الأخيرة على حرف النون “الهوان” و”الزمان” وكلّ من الجمل السّابقة كانت متوسّطة الطّول.

2- السجع الطويل

هو السجع الذي تكون السجعة فيه مؤلّفة من إحدى عشرة كلمة إلى عشرين، وذلك كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}[

فالآية الأولى مبنية على إحدى عشرة كلمة والثانية مبنية على ثلاث عشرة كلمة، وهكذا قد انقسم السجع بحسب عدد ألفاظه وبحسب كونه متكلّفًا أو غير متكلّفٍ إلى طويلٍ وقصيرٍ ومتوسّطٍ.

هل يوجد سجع في القرآن؟

انقسم العلماء إلى فريقين في القول بالسجع في القرآن الكريم، ففريقٌ أقرّ وجود السّجع وفريقٌ آخر نفى وجوده في القرآن الكريم.

– الفريق الذي منع وجوده وأدلته

مِن الذين منعوا وجود السجع في القرآن الكريم: الرّماني والقاضي الباقلاني وأبو الحسن الأشعري، فقد نصّوا على أنّ الفواصل بلاغةٌ والسجع عيبٌ، وذهبوا إلى امتناع كون في القرآن سجع

 ورأوا أنّ السجع من أساليب الكلام لدى العرب، ولو أنّ ما جاء في القرآن على هيئة السجع سجعٌ لما كان القرآن معجزًا؛ إذ إنّه يكون بذلك ككلام العرب، والسجع يتبع فيه اللفظ المعنى الذي سيؤديه ففيه تكلّفٌ، أما الكلام غير المسجوع فيذكر اللفظ المناسب للمعنى دون النظر إلى تقفيته، وشتّان بين الاثنين، فلا يمكن أن يكون كلام الله متكلّفًا.

– الفريق الذي أجاز وجوده وأدلته

ترأّس هذا الفريق أبو هلال العسكري ثمّ تبعه ابن الأثير صاحب المثل السائر، فيرى هذا الفريق أنّ القرآن قد نزل بلغة العرب وأساليبهم، وغايته أن تصل رسالته إلى لبّهم وعقلهم، فإن كان السجع مؤثرًا بهم ويفتح آذانهم للحق فإنّه يخاطبهم به، وأمّا ما قيل عن اختلاف بعض أساليب السجع في القرآن عن أساليب السجع المعروفة فلا مشكلة بذلك؛ إذ لو نُظر إلى بحور الشعر لوُجِدَ أنّها لم تظهر على دفعة واحدة وإنّما جاءت على دفعات، وأمّا عن نهي النبي عن السجع فقد خصّصه بسجع الأعراب، وفي قولٍ سجع الكهّان، ولو كان النهي عن السجع مطلقًا لما قيّده -صلّى الله عليه وسلّم-.

أيضًا ممّا يدلّ على إجازة النبي للسجع ما جاء من كلامه مسجوعًا، وذلك كقوله: “أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ” ، فقد بُنيت جميع الجمل السّابقة على حرف الميم، “السلام، الطعام، نيّام، بسلام”

وقد سلك بعض العلماء مسلكًا حسنًا إذ أجازوا إطلاق لفظ السّجع على الفواصل القرآنية عندما يحتاج الأمر إلى ذلك، وذلك في مثل علم البيان مثلًا، والاقتصار على ذكر اللفظ الأعم وهو الفاصلة القرآنية عندما لا تكون هناك حاجة لذلك، وذلك عند تفسير القرآن مثلًا، وهكذا قد أطلق البعض على الفواصل المتوافقة في القرآن اسم السّجع ورفض البعض الآخر إطلاق السّجع على القرآن، ولكلّ من الفريقين حججه.

السجع في اللغة العربية
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=7407

اقرأ في الموقع