الغيرة عند الأطفال
في الغالب نرى النزاع و العراك بين الأطفال داخل الأسرة الواحدة، وكثيراً ما نغضب ونضطر إلى إنهاء العراك بالصياح أو الضرب دون تمييز بين المخطئ والمصيب
وكان الأحرى في مثل هذه المنازعات أن نرى السبيل إلى حسمها على نحو فعال قائم على أساس تربوي سليم .
فالملاحظ في أغلب أن أكبر أسباب النزاع و العراك هي الغيرة بين الأبناء
فحينما توجد الغيرة يوجد الحب، وحين يكون الحب موجود تكون الأنانية موجودة وبقوة وهذا ما يحدث مع الطفل الذي يحاول أن يأخذ الحب كاملاً غير منقوص من الأبوين فتتولد لدى الطفل الشعور بالريبة من إخوته ثم الشعور بالنقمة عليهم
من أهم أسباب الغيرة بين الأبناء هو عدم العدل بينهم في المعاملة مما يؤدي إلى الكراهية والبغضاء بينهم، وخير مثال في ذلك ما ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم وموقف أخوة يوسف من يوسف -عليه السلام- لمَّا علموا أن أبيهم يميل إلى يوسف أكثر منهم فأشعل ذلك نار الحقد والكراهية في قلوبهم ، حيث قال الله تعالى : ( إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين )
عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-أن أباه أتى به إلى رسول الله فقال: ( إني نحلت ” أي أعطيت” ابني هذا غلاماً كان لي. فقال النبي : ( أكل ولدك نحلته مثل هذا ) ؟ فقال لا. فقال النبي ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) فرجع أبي في تلك الصدقة .
لكننا نرى الكثير من الآباء يقولون بأننا نحب أبنائنا بقدر متساو، فلماذا تظهر الغيرة بين الأبناء ؟
لا بد أن يدرك الآباء بأن النظر إلى الأطفال على أنهم سلع متساوية متطابقة تماماً أمر يحتاج إلى إعادة نظر، وذلك لأن الأفراد يختلفون في شخصياتهم ونفسياتهم وكل طفل يريد أن يحتل المكان اللائق في قلب أمه و أبيه.
فالإسلام عندما يدعونا للعدل بين الأبناء، يقصد به : إعطاء كل ذي حق حقه، وحقوق الأبناء تختلف من ابن لأخر باختلاف الأعمار والطبائع والنفسيات .
ففي بعض الحالات تتعجب الأم من غيرة طفلها دون أن تفكر ولو للحظة واحدة أن لها الدور الأبرز في سبب هذه الغيرة
فالأم تصرخ عندما تجد أن الطفل الأكبر يضرب المولود على رأسه وفي الوقت ذاته فإنها لا تلاحظ أن الصغير تداعب و تلاعب فترة طويلة دون أن تعير الأكبر أي اهتمام
فالغيرة تنشأ عندما يحس الطفل أن هناك من يسرق منه حب الوالدين واهتمامهما به .
إن الغيرة قد تنعكس بشكل سلبي على الطفل و يظهر ذلك في صورة التبول الليلي وعندما يبتل الفراش كل ليلة تصرخ الأم دون أن تلاحظ أنها لا تعامل المولود الجديد عندما يتبول ليلاً بنفس الغلظة..فتزداد الغيرة
علاج الغيرة
الخطوة الأولى في علاج الغيرة هو الاعتراف بأنه من الطبيعي على الطفل أن يتصرف بهذه الطريقة أمام انصراف اهتمام الأهل عنه إلى المولود جديد .
لذا عندما تلحظ الأم أن الغيرة وصلت إلى نفسية الطفل لا بد لها أن تلعب دوراً مهماً لتعليل هذه الغيرة وذلك بزيادة الاهتمام الفردي به وإعطائه الاهتمام اللازم، وكذلك الأب عليه أن يقبِّل الأخ الأكبر و يحمله قبل تقبيل المولود الجديد .
من المهم جداً إذابة الجليد في العلاقة بين الأخ الأكبر والمولود الجديد وذلك عن طريق السماح له بمداعبة أخيه وحمله ولكن تحت إشراف دقيق .
إن طمأنة الأبوان للطفل إلى أنه ما زال محبوباً بالرغم من وجود هذا الزائر الجديد يعطيه إحساس بالاطمئنان، ويقتل في نفسه الغيرة قبل أن تولد .
منقول بتصرف