إلتهاب الكبد الوبائي

يؤدّي الكبد الذي يقع في الجزء العلوي الأيمن من البطن دوراً مهماً في جسم الإنسان ، إذ يقوم بالتخلص من سموم الجسم ، وتخزين المعادن والفيتامينات والجلايكوجين ، وتصنيع العديد من البروتينات المهمّة ، وغير ذلك الكثير ، وكأيّ عضوٍ من أعضاء الجسم قد يتعرّض الكبد للالتهاب نتيجة عدّة أسبابٍ ، إلّا أنّ أكثر الأسباب شيوعاً هو التعرّض لعدوى فيروسيّة ، وعندها يُعرف التهاب الكبد بالتهاب الكبد الوبائي.

ماهو إلتهاب الكبد الوبائي

– هو مصطلح يشير إلى مجموعة من الحالات المرضية التي ينتج عنها حدوث التهاب في الكبد يصيب هذا الالتهاب الكبد ويمكن أن يشفى ذاتياً من دون علاج أو يتطور ليصبح تليفاً (تندّب الكبد) أو تشمّعاً أو سرطاناً يلحق بالكبد.

 ومن أكثر أسباب الإصابة بالالتهاب شيوعاً في العالم هي فيروسات الكبد، ولكنه يمكن أن ينجم أيضاً عن أمراض أخرى ومواد سامة (مثل الكحول وبعض الأدوية) وعن الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

 أنواع التهاب الكبد الوبائي:

1- التهاب الكبد الفيروسي:

 يوجد عدة أنواع من الفيروسات التي تسبب أنواعاً مختلفة من التهاب الكبد، وتتضمن هذه الأنواع ما يلي:

  • التهاب الكبد أ: يسبب فيروس التهاب الكبد أ (HAV) تطور هذا النوع من الالتهاب، وغالباً ما يصاب به البشر نتيجة استهلاك الأطعمة أو المشروبات الملوثة ببراز الأشخاص المصابين به فعلاً، وينتشر بشكل كبير في الدول التي تعاني من مشاكل في النظافة والتعقيم، وغالباً ما يتعافى المصابون به بشكل كامل خلال بضعة شهور، إلا أنّه قد يكون خطيراً ومهدداً للحياة في بعض الحالات. لا يوجد علاج شافي لمرض التهاب الكبد أ حيث يقتصر العلاج على التحكم بالأعراض التي ترافق المرض، إلا أنّ هنالك لقاح فعال للوقاية من هذا المرض.
  • التهاب الكبد ب: يتسبب فيروس التهاب الكبد ب (HBV) بهذا النوع من الالتهاب، وعادةً ما ينتج عن إصابة حادة قصيرة الأمد، إلا أنّه في بعض الحالات قد يصبح حالة مزمنة، لا سيما عند الأطفال. لا يوجد علاج شافي لالتهاب الكبد ب، إلا أنّ هنالك لقاح فعّال للوقاية منه.
  • التهاب الكبد سي: ينتج هذا المرض عن الإصابة بفيروس التهاب الكبد سي (HCV)، وقد تكون حالات الإصابة به في بعض الأحيان حادة وقصيرة الأمد، إلا أنّ معظم الحالات (ما يقارب 85%) تتطور إلى حالات عدوى مزمنة. يمكن محاربة الفيروس المسبب لالتهاب الكبد سي ببعض أنواع مضادات الفيروسات الفعّالة، إلا أنّه لا يوجد إلى الآن لقاح فعّال للوقاية من الإصابة بهذا المرض.
  • التهاب الكبد د: يسمى هذا النوع أيضأً باسم التهاب الكبد دلتا والذي يتسبب به فيروس التهاب الكبد د (HDV). يعتبر هذا النوع من أمراض الكبد الخطيرة والنادرة، والذي يمكن أن تتطور فقط عند الأشخاص المصابين فعلاً بالتهاب الكبد ب، حيث أنّ الفيروس د لا يستطيع أن يتكاثر في جسم الإنسان دون وجود الفيروس ب، لذلك فإنّ لقاح فيروس التهاب الكبد ب يوفر حماية ضد هذا النوع من التهاب الكبد أيضاً.
  • التهاب الكبد ه أو إي: تسبب الإصابة بفيروس التهاب الكبد هـ (HEV) تطور هذا المرض، والذي ينتقل بشكل أساسي عن طريق المياه الملوثة ببراز الأشخاص المصابين، لذلك تزيد الإصابة به في الأماكن سيئة النظافة والتعقيم.

 غالباً ما تكون حالات الإصابة بهذا النوع حادة قصيرة الأمد تتحسن دون الحاجة إلى علاج، إلا أنّه قد يتطور إلى حالات خطيرة، لا سيما عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. يوجد حالياً نوع واحد فقط من اللقاحات للوقاية من فيروس التهاب الكبد هـ، إلا أنّه غير متوفر بشكل واسع في العالم.

 2 – التهاب الكبد الكحولي:

ينتج التهاب الكبد الكحولي عن الإفراط في تناول المشروبات الكحولية خلال فترات زمنية طويلة (سنوات)، حيث تلحق الكحوليات إصابات مباشرة لخلايا الكبد، وهو من الحالات الصحية الشائعة في المجتمعات التي تستعمل المشروبات الكحولية بكثرة، حيث أنّ العديد من الأشخاص في هذه المجتمعات يعانون من هذا المرض دون أن يشعروا بذلك لعدم تطور أي أعراض لديهم  قد يؤدي في حالة الاستمرار في تناول المشروبات الكحولية إلى حدوث أضرار دائمة في الكبد قد ينتج عنها مضاعفات خطيرة مثل فشل الكبد   أو تشمع الكبد   

3- التهاب الكبد المناعي:

التهاب الكبد المناعي الذاتي  هو نوع نادر من التهاب الكبد، ينتج عن مهاجمة جهاز المناعة للكبد وإلحاق الضرر بخلاياه، حيث يقوم جهاز المناعة نتيجة خلل فيه بتميز خلايا الكبد على أنّها أجسام ضارة ويبدأ بمهاجمتها، ويلاحظ أنّ هذا النوع يصيب النساء أكثر من الرجال بثلاثة أضعاف

 يسبب هذا النوع حدوث التهاب مستمر في الكبد يتراوح في الحدة بين الخفيف إلى الشديد، وقد يؤثر على خلايا الكبد بشكل كبير بحيث يصبح الكبد غير قادر على القيام بوظائفه الحيوية، وقد يؤدي في حال عدم الحصول على العلاج الملائم إلى حدوث مضاعفات خطيرة مثل فشل الكبد، او تشمع الكبد، لا يزال المسبب الفعلي لهذا الخلل في جهاز المناعة غير معروفاً،   ويعتمد علاجه على استعمال أنواع معينة من كابتات   وهي أدوية تعمل على تثبيط أو تقليل قوة جهاز المناعة.

 طرق انتقال التهاب الكبد الفيروسي بين الأشخاص:

  • فيروس التهاب الكبد أ:  ينتقل هذا الفيروس عن طريق تناول الأطعمة أو المشروبات الملوثة ببراز الأشخاص المصابين به فعلاً.
  • فيروس التهاب الكبد ب : يمكن أن ينتقل هذا الفيروس عن طريق التعرض للسوائل الجسمية للشخص المصاب، والتي تشمل الدم، والعرق، والدموع، واللعاب، والسائل المنوي، والإفرازات المهبلية، والدم الناتج عن الدورة الشهرية، وحليب الثدي، حيث يمكن أن ينتقل الفيروس خلال الولادة، أو ممارسة الجنس، أو استعمال إبرة ملوثة، وما إلى ذلك، إلا أنّ الإصابة بالتهاب الكبد ب لا تعني حتمية نقل المرض للآخرين، حيث أنّ الكثير من المصابين بهذا المرض لا ينقلون العدوى إلى الآخرين.
  • فيروس التهاب الكبد سي:  ينتقل هذا الفيروس بشكل أساسي عن طريق التعرض لدماء شخص مصاب به فعلياً، أو ما يعرف بانتقال الدم إلى الدم، حيث يجب أن يصل الدم الملوث إلى مجرى دم الشخص السليم ليصاب به، ويشمل ذلك استعمال ابرة أو أدوات طبية ملوثة، أو استخدام أدوات ثقب الجسم أو رسم الوشم الملوثة، وغيرها، إلا أنّ الولادة والاتصال الجنسي لا تعتبر من الطرق الفعّالة لانتقال هذا الفيروس.
  • فيروس التهاب الكبد د :  ينتقل هذا الفيروس بنفس الطرق التي ينتقل بها فيروس التهاب الكبد ب، إلا أنّ الإصابة بهذا الفيروس تستوجب الإصابة بالفيروس ب كما ذكرنا سابقاً.
  • فيروس التهاب الكبد هـ : ينتقل هذا الفيروس بشكل أساسي عن طريق شرب المياه الملوثة بالبراز المحتوي على الفيروس، بالإضافة إلى تناول بعض أنواع اللحوم النيئة أو الغير مطهوة بشكل جيد، مثل لحم الخنزير.

  أعراض الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي:

  • الإحساس والشعور بالمرض والتعب غير المعتاد في كل وقت.
  • ارتفاع في درجة الحرارة ( حمى ) حيث أنها قد تصل إلى 38 درجة مئوية أو أعلى.
  • اصفرار الجلد والعينين ( اليرقان  ).
  • آلام العضلات والمفاصل.
  • ألم في البطن.
  • حكة في الجلد.
  • فقدان الشهية.
  • يصبح لون البراز شاحب ورمادي اللون.
  • يصبح لون البول داكن.

تشخيص التهاب الكبد الوبائي:

يقوم الطبيب أو المختص بالقيام بالعديد من التحليلات لتشخيص التهاب الكبد الوبائي والبدء بالعلاج المناسب وتتضمن هذه التشخيصات ما يلي:

  1. يبدأ التشخيص عادةً بإجراء فحص جسدي للتحقق من الأعراض التي يعاني منها المريض، مع أخذ التاريخ الطبي لتقييم عوامل الخطر التي قد يمتلكها المريض للإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (الفيروسي) أو غيره، يتضمن الفحص الجسدي الضغط على منطقة البطن للتحقق من وجود الم أو طراوة هنالك، بالإضافة إلى تفحص منطقة الكبد للتأكد من وجود تضخم فيه من عدمه، وتفحص لون الجلد والعينين للتأكد من وجود اصفرار فيها.
  2.   اختبار وظائف الكبد: هي مجموعة من فحوصات الدم الكيموحيوية السريرية الموفرة لمعلومات عن حالة الكبد؛ هل هو سليم أم معتل، يعتبر هذا الاختبار معياراً جيداً للكشف عن التهاب الكبد، إلا أنّه لا يكشف عن المسبب الفعلي لهذا الالتهاب، أي أنّه لا يحدد أي نوع من أنواع الفيروسات أو المسببات الأخرى هو المسبب الفعلي لهذا الالتهاب.
  3.  اختبار الأجسام المضادة: ينتج جهاز المناعة في جسم الإنسان أجساماً مضادة تعرف باسم الغلوبيولينات المناعية   كاستجابة للأجسام الغريبة، يوجد اختبارات للكشف عن الغلوبيولينات المناعية م والغلوبيولينات المناعية ج الخاصة بفيروسات التهاب الكبد من النوع أ، ب، سي.
  4.  الفحوصات التصويرية: على الرغم من أنّ الفحوصات التصويرية لا يمكنها الكشف عن حالات العدوى الفيروسية التي تصيب الكبد، إلا أنّها تساعد في الكشف عن التغيرات التي تصيب الكبد نتيجة إصابته بأحد أنواع الالتهابات.
  5.  خزعة الكبد: ي عبارة عن عينة يتم أخذها من أنسجة الكبد وفحصها مجهرياً للبحث عن أي علامات مميزة للمرض.

علاج التهاب الكبد الوبائي:

يتم علاج التهاب الكبد الوبائي بناءً على نوعه:

 التهاب الكبد أ:

لا يوجد علاج محدد لالتهاب الكبد إي حيث يقوم الجسم بالتخلص من الفيروس من تلقاء نفسه.

ويركّز علاج التهاب الكبد إيه في المعتاد على التزام الراحة والسيطرة على العلامات والأعراض. وقد يلزم المريض ما يلي:

  • الراحة يشعر العديد من المصابين بعدوى التهاب الكبد إيه بتعب وإعياء، وتخفت طاقاتهم.
  • التعامل مع الغثيان. قد يجعل الغثيان تناول الطعام صعبًا. جرب تناول الوجبات الخفيفة على مدار اليوم عوضًا عن تناول وجبات كاملة. احصل على القدر الكافي من السعرات الحرارية عن طريق تناول مزيدًا من الأطعمة عالية السعرات. على سبيل المثال، اشرب عصير الفاكهة أو اللبن بدلاً من الماء. من المهم شرب كمية كبيرة من السوائل للوقاية من الجفاف في حالة حدوث قيء.
  • تجنب المشروبات الكحولية، واستخدم الأدوية بحرص. قد يواجه كبدك صعوبة في معالجة الأدوية والكحول. إذا كنت مصابًا بالتهابٍ في الكبد، فلا تتناول مشروبات كحولية. فهي قد تسبب مزيدًا من الضرر لكبدك. تحدث إلى طبيبك عن الأدوية التي تتناولها، بما فيها تلك التي تصرف من دون وصفة طبية.

 التهاب الكبد ب

لا تستدعي حالات الإصابة الحادة بالتهاب الكبد ب الحصول على علاج معين، إلا أنّ حالات الإصابة المزمنة بهذا النوع يتم علاجها باستعمال الأدوية المضادة للفيروسات

تختلف مدة علاج الحالات المزمنة من التهاب الكبد ب بناءً على الحالة، حيث يمكن أن تستمر لعدة شهور، وقد تصل إلى سنوات، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على تقييم طبي وفحوصات للتأكد من فاعلية العلاج بشكل مستمر، الأمر الذي يجعل من التكلفة المادية للعلاج باهظة الثمن.

 التهاب الكبد سي

 تستعمل الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج كل من الحالات الحادة، والحالات المزمنة من التهاب الكبد سي، إلا أنّ الأشخاص الذين يصابون بالحالات المزمنة من هذا النوع يتم علاجهم غالباً بمجموعة من مضادات الفيروسات.

 التهاب الكبد د: لا يوجد إلى الآن دواء معين مضاد للفيروسات يستعمل لعلاج التهاب الكبد د، إلا أنّه قد يتم اللجوء إلى نوع من أنواع الأدوية الحيوية يعرف باسم بيجانترفيرون الفا 2 أ   في علاج الحالات المزمنة من هذا المرض

التهاب الكبد ه :  

لا يوجد حالياً أدوية معينة تستعمل لعلاج التهاب الكبد هـ، كما أنّ أغلب حالات الإصابة بهذا النوع تكون حادة قصيرة الأمد ولا تتطلب تلقي العلاج، حيث تتشافى أغلب الحالات من تلقاء نفسها، مع توصية المصابين بأخذ قسط كافي من الراحة خلال فترة الإصابة، وشرب الكثير من السوائل، وتناول الأطعمة الصحية، وتجنب شرب الكحوليات.

  التهاب الكبد المناعي:

 يتم علاج التهاب الكبد المناعي بواسطة كابتات المناعة، وهي أدوية تعمل على تثبيط أو إضعاف جهاز المناعة عند الشخص المصاب، مما يقلل من نشاط جهاز المناعة في مهاجمة خلايا الكبد.

الوقاية من التهاب الكبد الوبائي:

 1- التلقيح: يعتبر التلقيح أحد أفضل وأهم وسائل الوقاية من التهاب الكبد، إلا أنّه لا يتوفر لقاح لجميع أنواع التهاب الكبد الفيروسي أو الوبائي، حيث يتوفر حالياً الأنواع التالية من اللقاحات:

  • لقاح التهاب الكبد الوبائي أ
  • لقاح التهاب الكبد الوبائي ب والذي يحمي أيضاً من التهاب الكبد الوبائي د.
  • لقاح التهاب الكبد الوبائي هـ  إلا أنّ هذا اللقاح غير متوفر في جميع الدول، ويتم استعماله بشكل أساسي في الصين.

 2- التهاب الكبد أ، والتهاب الكبد هـ

تنتقل هذه الأمراض بشكل رئيسي عن طريق الطعام والمياه الملوثة، لذلك تتضمن بعض النصائح للوقاية منها ما يلي:

  • غسل اليدين جيداً بعد استعمال الحمام، وقبل تناول الطعام.
  • التحقق من أنّ الأطعمة محفوظة بشكل آمن، ومطهية بشكل جيد قبل تناولها.
  • شرب المياه المعبأة والمعقمة فقط عن السفر والترحال.
  • تجنب تناول الخضروات والفواكه مجهولة المصدر، وتقشير الخضروات والفواكه قبل تناولها.

3- التهاب الكبد ب، والتهاب الكبد سي

تنتقل هذه الأمراض بشكل أساسي عن طريق الدم الملوث، أو سوائل الجسم الأخرى الملوثة بالفيروسات، لذلك تتضمن نصائح الوقاية منها ما يلي:

  • عدم استعمال إبر الحقن المستعملة من قبل، وعدم مشاركة الإبر مع الغير.
  • الالتزام بأساليب ممارسة الجنس الآمن، من استعمال الواقيات، وإطلاع الشريك على أي مرض يمكن انتقاله عبر الجنس لاتخاذ مزيد من الحيطة والحذر.
  • التحقق من نظافة وتعقيم الأدوات المستعملة في أماكن تخريم الجسم، أو أماكن رسم الوشم.
  • عدم مشاركة الأغراض الشخصية مع الآخرين، بما فيها شفرات الحلاقة، وفرشاة الأسنان، وأدوات الزينة والتجميل.
  • عدم لمس الدم أو السوائل الأخرى الخارجة من الأشخاص، والحرص على لبس الثياب الواقية عند تنظيفها أو التعامل معها.

بحث عن إلتهاب الكبد الوبائي

اقرأ في الموقع