قصة العصفور الجريح للأطفال
كان ياما كان، في قديم الزمان، وسالِف العصر والأوان، كان هناك بيتٌ صغيرٌ جميل تسكنه فتاة صغيرة اسمها مها، وكانت مها تحبّ أن تجلسَ على الشّرفة المطلّة على حديقة بيتهم، تنظر إلى الأشجار المثمرة والطّيور المغرّدة والأزهار الرّائقة الألوان الفوّاحة بعبيرها الزّاكي الفتّان
كانت الحديقة ملاذ مها حين تضجر من الجوّ المحيط بها، فتقف في الشّرفة تنظر إلى الحديقة حتّى ترتاح وتعود إليها حيويّتها، وذات يوم حدث مع مها موقف كُتِبَ عنه قصّة هي قصة العصفور الجريح.
ذات يوم خرجت مها من بيتِها تتمشّى في الحديقة، وبعد أن تجوّلت فيها، وشمّت زهورَها، وداعبت بأقدامها بركة الماء التي فيها، وبعد أن تعبت من اللعب والرّكض بين شجيرات الحديقة وأشجارها العالية أرادت أن ترتاح، فجلست في ظلّ شجرة وارفة الظِّلال
وإذا بها تسمع صوت إطلاق نار، وبعد قليل سقط عليها عصفور قد أصابت رصاصة البندقيّة جناحه، ولكنّه لم يمُت، بل كُسِرَ جناحه فقط، ولكنّه لم يعد قادرًا على الطّيران، فأخذته مها وأخفته عن الصيّادين بسرعة، وحينما جاؤوا للبحث عنه أخفته في كمّ ثوبها،
وبعد أن غادروا أخذته إلى البيت لتعالجه، فربطت له عودًا من خشبٍ على جناحه ليُجبَرَ الكسر، واعتنت به، وصار قطّها الأليف يلاعبه، وصارت مها تطعمه بيديها، وتسقيه من راحة كفّها، وظلّ عندها يغنّي لها كلّ يوم أعذب الألحان،
وأخيرًا برِئ العصفور من إصابته، وطاب جناحه، وقرّر أن يترك بيت مها الذي قضى فيه أجمل أوقاته، ولكنّه عصفور خُلِقَ ليطير وليغنّي، لا ليبقى حبيسَ بيتٍ أو قفص.
وقفت مها لتودّعه وهي تبكي على فراقه، وهو يقول لها: لا تبكي يا مها، سأعود من أجلك كلّ يوم، وأغنّي لك أجمل الألحان، ولن أترك حديقتكم ما حييت، ولكنّني عصفور لا يحيا من دون أن يطير ويسافر في البلدان، ولكنّني لن أنسى فضلكِ عليّ وإنقاذك لي من أولئك الصيادين عديمي الرّحمة
وطار العصفور وترك بيت مها، وصار يأتي كلّ يوم في الصّباح يغنّي لها أجمل الألحان وأرقّها، ثمّ يطير ويذهب بعيدًا، ليعود في اليوم التّالي ليغنّي لمها الصّغيرة.
العبرة من القصة
والعبرة من هذه القصّة هي أنّ الرّحمة هبة من اللّٰه -سبحانه- يَهبُها من يشاء، وينتزعها ممّن يشاء، ولا بدّ لمن يرحم أن يرحمه اللّٰه -سبحانه-، قال رسول اللّٰه -صلّى اللّٰه عليه وسلّم- في الحديث: “الرّاحمون يرحمهم الرّحمن” ولا بدّ لِمها من أن يُكافئ اللّٰه إحسانَها للطّير الضّعيف بإحسان يليق به -سبحانه وتعالى-، وهذه العبرة التي في قصّة العصفور الجريح.