الأميرة والصياد
يُحكى أنّ ملكاً كان يحكم مملكة أنّام في قارة آسيا في قديم الزمان، وكان لهذا الملك أميرة جميلة تدعى باسم (ميْ – نونج)، وبالرغم من غناها وجمالها الأخّاذ إلّا أنّها كانت تعاني من حزنها وعدم سعادتها، وفي صباح أحد الأيّام سمعت الأميرة صوتاً موسيقياً جميلاً، لقد كان صوت آلة الناي، حيث امتلأ الجوّ بنغمات موسيقية حزينة أعجبت الأميرة، فتساءلت الأميرة في نفسها عن عازف هذه الموسيقا الرائعة، التي تكرّرت على مسمعها صباح عدد من الأيام المتتالية.
كانت الأميرة تسمع الألحان باهتمام كبير، فتسرح بخيالها بعيداً، وعلى بالها ذات التساؤل، من هو عازف هذه الألحان الجميلة؟! فكانت لا تشرب، ولا تأكل، ولا تتحدّث، وتكتفي بالاستماع لنغمات الناي الحزين، وتراودها تساؤلات وأفكار عن صاحبها، فرسمت في بالها عنه صورة بأنّه أمير شابّ ووسيم، ولا يوجد له مثيل.
لاحظ الملك حالة ابنته غير الجيّدة، فشعر بالقلق عليها، وبما أنّ وصيفة القصر كانت تعرف سرّ الأميرة الجميلة، فقد قررت أن تبوح به للملك بعد أن بدت عليه علامات القلق بشكل واضح
وعندما علم الملك بهذا الأمر؛ أرسل عدداً من الجنود حتى يبحثوا عن عازف الناي، وعندما وجدوه أخبروه بأنّ الملك معجب به، وكذلك الحال مع الأميرة، وأنهم يريدون منه القدوم معهم إلى قصر الملك.
عندما رأت الأميرة عازف الناي تفاجئت بكوْنه ليس أميراً، ولا حتّى شابّاً وسيماً، لم يشبه الصورة التي رسمتها في خيالها أبداً، فتركته الأميرة وانصرفت، فأمر الملك بطرده من القصر.
حزن الصيّاد حزناً شديداً لما فعله الملك وابنته، وأخذ ينظر في الماء؛ فكان يرى انعكاس وجهه غير الجميل، وفي نفس الوقت، يتذكّر وجه الأميرة الجميل، فتألّم الصيّاد كثيراً، وظلّ في حالة الحزن هذه إلى أن مات.
مرّت السنين، ونسي الناس أمر عازف الناي الحزين، وفي أحد الأيام وجد فلّاح حجراً جميلاً وعجيباً مدفوناً في المكان الذي دفن فيه الصيّاد، كان لونه أخضراً ملفتاً للأنظار؛ فباعه لصانع ماهر، استطاع أن يصنع منه فنجاناً جميلاً.
باع الصانع الفنجان للملك الذي أُعجب به، فقدّمه هديّة لابنته الأميرة، ولكن العجيب في الأمر أنّ الأميرة رأت وجه الصيّاد عازف الناي في الفنجان، فتذكّرت عزفه الجميل وكلّ ما حدث معه، فحزنت على ما بدر منها ومن أبيها تجاهه، ونزلت من عينها دمعة على الفنجان العجيب؛ فتحطّم، وتناثرت أجزاءه في الهواء، وهكذا اختفى وجه الصيّاد للأبد.