الفرق بين الكناية والمجاز

علم البيان

 عرّف علماء البلاغة علم البيان على أنّه أحد علوم البلاغة العربية، وهو يعني “الوضوح والإفصاح، وإظهار المقصود بأبلغ لفظ، حتى تظهر الحقيقة لكل سامع”

وقد عرّفه آخرون بأنه “العلم الذي يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة” فيتضح أن هذا العلم يحتوي على مجموعة من القواعد المستخدمة لإيصال المعنى بطرق وفنون مختلفة مثل: استخدام التشبيه، والاستعارة، والكناية والمجاز.

مفهوم الكناية وأقسامها

الكناية والمجاز مبحثان يتم الخلط بينهما عند كثير من المتعلمين

 فالكناية لفظ أُريد به لازم معناه مع جواز إرادة المعنى الحقيقي، نحو: فلان طويل اليد، فالمقصود هنا أنّه سارق وقد عُبّر عن هذا المعنى بـ: طويل اليد، وقد يصح المعنى الحقيقي، وهو أن يده طويلة مقارنة مع طول يد أُخرى

أقسام الكناية

1- الكناية عن الصفة:

 وهي كناية يكون المكنى عنه فيها صفة، مثل قول الخنساء في رثاء أخيها صخر: “طويل النجاد” أي طويل القامة، لأنه يلزم طول نجاده أن تطول قامته، مع جواز أن يراد به الحقيقة، وهي أن نجاده الذي يتحلى به طويل.

2- الكناية عن نسبة:

هي الكناية التي يتم فيها ذكر المٌكنى مع صفه تسند إليه، فتكون الصفة غير ملاصقة للموصوف، إنما بما يتعلق به، ومثال ذلك: قول النبي”الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخير”، فالخير لم يتم نسبته للخيل بل لنواصيها -والناصية مقدمة الرأس- والناصية لا تنفك عن الخيل.

3- الكناية عن الموصوف:

 وهي الكناية التي يتم فيها ذكر الصفة للمكنى عنه بشكل مباشر، مثل قول القائل: “ضربت الرجل في موطن أسراره” والمقصود بموطن الأسرار: القلب.

مفهوم المجاز وأقسامه

المجاز في اللغة التجاوز والتعدي

في الاصطلاح استعمال اللفظ في غير موضعه، مع صرف اللفظ عن معناه الظاهر لوجود قرينة تمنع إيراد المعنى الحقيقي، وهذا الفارق الأساس بين الكناية والمجاز، ويُعد المجاز من الوسائل البلاغية التي تكثر في كلام الناس

اقسام المجاز

1-  المجاز اللغوي:

وهو لفظ استخدم لغير معناه الحقيقي، فكثيرًا ما يستخدم القائل لفظًا لا يُقصد به المعنى الحقيقي بل معنى آخر مغاير، فإذا قال القائل: شاهدت أسدًا يهجم على الأعداء بسيفه، فهذه الجملة تدلُّ على أن الأسد المذكور ليس أسدًا حقيقيًا، والدليل على ذلك “سيفه” فالأسد الحقيقي لا يحمل سيفًا، فالمقصود هنا بالأسد الرجل الشجاع.

2- المجاز العقلي:

 وهو إسناد الفعل أو مافي معناه إلى غير ما هو له، وذلك لعلاقة تربط بينهما مع وجود قرينة تمنع الإسناد الحقيقي، نحو: رصف الحاكم شوارع المدينة، فإن الحاكم لم يرصف الشوارع بنفسه، ولكنه هو سبب الرصف،

وهذا الإسناد يكون لسبب الفعل، والإسناد يكون للفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره، ومثال الإسناد إلى المكان: “ازدحمت المدينة” فالمدينة لا تزدحم بل الناس فيها تزدحم، فنسبة الازدحام إلى المدينة مجاز، ومثال الإسناد إلى الزمان: “دارت بي الأيام” فالإنسان الذي يدور في تلك الأيام، فنسبة الدوران إلى الأيام مجاز، ومثال الإسناد إلى المصدر: “فلان جن جنونه” فإن الذي جن هو فلان، ولكن نسبته إلى المصدر مجاز.

الفرق بين الكناية والمجاز

الكناية كلام أُريد به لازم معناه مع صحة إيراد المعنى الحقيقي، نحو: طويل اليد، فالكناية إذًا لها معنيان معنى قريب ظاهر في الجملة غير مقصود، ومعنى بعيد خفي، والمعنى البعيد هو المقصود، مع جواز إيراد كلا المعنيين

المجاز فهو أن نستعمل معنى ونقصد معنى آخر، ولا يصح معه إرادة المعنى الحقيقي للفظ، بل يجب إرادة المعنى المجازي فقط، مثل انتصر الأسد على خصمه بالضربة القاضية، فلفظ الأسد هنا مجاز عن الملاكم، ولا يصح أن يراد معناه الحقيقي وهو الحيوان المفترس المعروف، والقرينة المانعة هنا هي الضربة القاضية،

 في المجاز يوجد قرينة، أما في الكناية لا يوجد قرينة مانعة لإيراد المعنى الحقيقي فالفرق بين الكناية والمجاز إذًا وجود القرينة مع المجاز، واستغناء الكناية عنها.

أمثلة على الكناية والمجاز

الكناية

1- قال الله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}

 فالكناية في هذه الآية هي قوله تعالى: {لامستم النساء}: والمقصود كما قال ابن عباس “الجماع” وهنا جاءت الكناية عمّايستحيى ذكره، وقوله تعالى: {من الغائط} كناية عن “البول” وهنا جاءت الكناية عمّا يستقبح ذكره.

2- قال الله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ}

 فقوله تعالى: {كانا يأكلان الطعام} كناية عن قضاء الحاجة، لأن أكل الطعام من لوازمه قضاء الحاجة.

3- قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}

 فقوله تعالى{من نفس واحدة} كناية عن آدم، وهنا تنبيهًا على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى.

4- قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا ۙ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}

 فقوله تعالى: {أدبارهم} كناية عن الأَسْتاه.

المجاز

1- قال الله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ}

المجاز في لفظ أصابعهم أي أناملهم، فهنا عبر بالكل عن الجزء.

2- قال الله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ}

 المجاز في لفظ اليتامى أي البالغين، فمن المعلوم أنَّ اليتيم هو من مات أبوه قبل البلوغ، ومن لم يبلغ لا يعطى ماله.

3- قال الله تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

 المجاز في لفظة رحمة الله أي جنته، فالجنة هي رحمة الله.

4- قال الله تعالى: { إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}

المجاز في لفظة خمرًا أي عنبًا، فالخمر لا يعصر وإنما هو معصور.

الفرق بين الكناية والمجاز

اقرأ في الموقع