شعراء الرومانسية في العصر الحديث

أبو القاسم الشابي

أبو القاسم الشّابي (1909م – 1934م) شاعرٌ عربيٌّ تونسي من شعراء العصر الحديث، ولقد كانت ثقافة الشّابي واسعة؛ فقد جمع بين الثّقافة العربيّة والثّقافة الغربيّة، وظهر أثر ذلك كلّه في أشعاره، كما أنّه لم يكن يقول الشّعر لمجرّد قول الشّعر فقط، بل أراد من ذلك أن يوصل نزعته الثّوريّة للناس ويحثّهم ليتحرّروا من الظّلم والعبوديّة، ولمّا كان شعره منفسًا لآلامه كان من الطّبيعي أن يكون كغيره من معاصريه شاعرًا رومانسيًّا، ومن أشعاره التي تجلّت فيها الرومانسيّة بشكلٍ واضحٍ قصيدته التي تحدّث بها عن الحب وأثره فيه حيث يقول:

أيُّها الحبُّ أنتَ سِرُّ بلائي  – * – * – * – * –  وهُمومي وروعتي وعنائي

ونحولي وأدمعي وعذابي  – * – * – * – * –  وسقامي ولوعتي وشقائي

أيُّها الحبُّ قدْ جَرَعْتُ بكَ الحُزْ  – * – * – * – * –  نَ كؤوسًا وما اقتنصْتُ ابتغائي

إيليا أبو ماضي

إيليا أبو ماضي شاعرٌ عربيٌّ لبناني (1889م – 1957م) من شعراء العصر الحديث، ويُعدّ أحد مؤسسي الرابطة القلميّة ومن أهم شعراء المهجر، فقد نحا أبو ماضي اتّجاه الموضوعات السّياسيّة والوطنيّة المتعلّقة بالحكم وبحقوق الشّعب، وقد تناول هذه الأشعار في إطار رومانسي فيه من الكآبة والحزن ما ينقل الألم الذي كابده المحكوم آنذاك، لذا تمّت ملاحقته من قبل الدّولة فاضطرّ للسفر خارج البلاد، ومن أشعاره التي عرض بها تلك المعاناة في قالبٍ رومانسي قوله

رعيتُمْ أرضَنا فتركْتُموها  – * – * – * – * –  إذا وقعَ الجرادُ رعى الرغاما

فباتَ الذّئبُ يشكوكم عواءً  – * – * – * – * –  وبات الظّبي يشكوكم بغاما

خليل مطران

خليل مطران شاعرٌ عربيٌّ لبناني عاش ما بين (1872م – 1949م) وهو من شعراء العصر الحديث ولقبه شاعر القطرين، وقد كانت ثقافته واسعة وقد أسهمت أيّما إسهامٍ في تجربته الشّعريّة، وممّا زاد من رفد هذه التّجربة الشّعرية مكانة الطبيعة من نفسه بالإضافة إلى أنّه نشأ في بيروت البيئة الأدبيّة الزاخرة، كما تأثّر أيضًا بالثّقافة الغربيّة،

الرومانسيّة في أشعار خليل مطران فقد ظهرت في نوعيّة الموضوعات التي اختارها، إذ كانت جميع هذه الموضوعات تدور حول المعاناة، كالفقر والخديعةٍ والموتٍ والبطولةٍ والإخلاص، وما إلى ذلك من الموضوعات التي تظهر فيها المعاناة بشكلٍ جلي، ومن أشعاره التي اتّسمت بالرومانسيّة قصيدته إلى بعلبك حيث يقول:

وذكّريني طفولتي وأعيدي  – * – * – * – * –  رسمَ عهدٍ عن أعيني متواري

يومَ أمشي على الطُّولِ السَّواجي  – * – * – * – * –  لا افترارُ فيهُنَّ إلّا افتراري

تَرِقْ بينهُنَّ عِرًّا لَعُوبا  – * – * – * – * –  لاهيًا عن تبصّرِ واعتبارِ

مُستقلًّا عظيمُها مُستخفًّا  – * – * – * – * –  ما بها من مهابةٍ ووقارِ

إبراهيم ناجي

إبراهيم ناجي أحمد ناجي إبراهيم القصبجي، (1898م – 1953م) شاعرٌ عربيٌّ مصري، كان له دورٌ مهمٌّ في الحركة الرومانسيّة في الشّعر الحديث، والتي كانت تتبع بدورها مدرسة أبولو، ولعلّ قصيدة “الأطلال” التي كتبها عن حبّه لفتاة في أيام المراهقة هي التي جعلته مشهورًا بين الرومانسيين، حيث تغنّى فيها بذلك الحب، ووصف بها حاله وآلامه

ممّا جاء من أشعاره الرومانسيّة التي تغنّى بها بآلامه ومعاناته، قصيدته التي بعنوان “ساعة اللّقاء” حيث يعبّر عمّا يعانيه ويكابده من الألم بسبب البعد عن محبوبته ثمَّ يذكر ساعة اللّقاء بها وكيف انصرمت مسرعةً كأنّها لم تكن فيقول:

يا حبيبَ الرّوحِ يا روحَ الأماني  – * – * – * – * –  لستَ تدري عطشَ الرّوحِ إليكا

وحنيني في أنينٍ غير فانٍ  – * – * – * – * –  للرَّدى أشربُه من مُقلتيكا

آهٍ من ساعةِ بثٍّ وشُجونْ   – * – * – * – * –  ولقاءٍ لم يكنْ لي في حسابْ

وحديثٍ لم يدرْ لي في الظّنونْ  – * – * – * – * –  يا طويلَ الهجرِ يا مُرّ الغيابْ

مرَّتِ السّاعةُ كالحلمِ السّعيدْ  – * – * – * – * –  ومشتْ نشوتُها مشيَ الرحيقْ

علي محمود طه

علي محمود طه المهندس، (1901م – 1949م) شاعرٌ عربيٌّ مصري من الطراز الرفيع، وهو من أهم شعراء العصر الحديث، كما يُعد من أعلام مدرسة أبولو، التي وضعت أسس الرومانسيّة في الأدب العربي، لقد عني بأشعاره بالتّغني بالجمال أكثر من التّغنّي بالمشاعر، كما اهتمّ بشكل القصيدة ولفظها أكثر من اهتمامه بالتّعبير

نسج الشّعر في الفنون المتنوّعة والأغراض المتنوّعة من غزلٍ ورثاءٍ وحكمةٍ وتأمّلٍ وفلسفةٍ، وما إلى ذلك من الأغراض الشّعريّة الأخرى، ولعلّ أكثر ما يشدّ في قصائده هو تلك النزعة الرومانسيّة الموشّاة بالمشاعر التي استغرقت معظم قصائده  وممّا جاء من قصائده التي اتّسمت بالرومانسية قوله:

أيُّها الملّاحُ قمْ واطوِ الشّراعا  – * – * – * – * –  لم نطوِ لجّةَ اللّيلِ سراعا

جدّف الآن بنا في هينةٍ  – * – * – * – * –  وجهةَ الشّاطئِ سيرًا واتّباعا

فغدًا يا صاحبي تأخذنا  – * – * – * – * –  موجةُ الأيّامِ قذفًا واندفاعا

عبثًا تقفو خطا الماضي الّذي  – * – * – * – * –  خِلْتَ أنّ البحرَ واراهُ ابتلاعا

أيّها الهاجرُ عزّ الملتقى  – * – * – * – * –  وأذبْتَ القلبَ صدًّا وامتناعا

عمر أبو ريشة

عمر أبو ريشة (1910م – 1990م) شاعرٌ عربيٌّ سوريٌّ وهو أحد أكبر شعراء العصر الحديث الذين أسهموا في رسم القصيدة العربية الحديثة، وُلد عمر أبو ريشة وسط عائلة فنّيّة تمتّعت بقول الشّعر، وقد ملأ أشعاره حبًّا ممّا كان قد حمله في قلبه تجاه وطنه وساكنيه، فعبّر في أشعاره عن حبّه العميق وتعلّقه بالوطن وأهله، وقد عني أيّما عناية بالوطن وقضاياه والأمّة العربيّة عامّةً

لعلّ رؤيا عمر أبو ريشة الرومانسيّة قد تجلّت واضحة في أشعاره الوطنيّة، إذ امتلأت هذه الأشعار بالهموم الميتافيزيقيّة للشّاعر الرومانسي، إذ إنّه يدخل في معركة مع الواقع، وهذه القصائد التي تغنّى فيها بآلام الوطن أصبحت أناشيد تُغنّى وتردّد في المحافل.

يقول في قصيدته “حماة الضّيم” التي يحاول من خلالها أن يستنهض همم الشّباب في الدّفاع عن أرض فلسطين والخروج في وجه المعتدين الفلسطينيين:

هل في روابي القدسِ كهفُ عبادةٍ  – * – * – * – * –  تحنو جوانبه على أحباره

خشبُ الصّليبِ على الرمالِ مخصّبٌ  – * – * – * – * –  بدماءِ مَنْ نعمُوا بطيبِ جوارِهِ

مهلًا حماةَ الضّيمِ إنّ لليلنا  – * – * – * – * –  فجرًا سيطوي الضّيمَ في أطمارِهِ

ما نام جفنُ الحقدِ عنكَ وإنّما  – * – * – * – * –  هي هدأةُ الرئبالِ قبل نفاره

ميخائيل نعيمة

ميخائيل نعيمة (1889م – 1988م) شاعرٌ وقاصٌّ وناقدٌ ومسرحيٌّ وكاتبُ مقالٍ عربيٌّ لبناني، يعد من مؤسسي الرابطة القلمية أيضًا، وقد أسهم في رسم القصيدة العربية وتطويرها لتظهر بحلّتها الجديدة اليوم

يعتبر أحد شعراء العصر الحديث الذين قادوا الثّورة الفكريّة والتّغيير والتّجديد في الشّعر العربي، بما يحمله من إطار تجديدي، ولم تكن تجربة ميخائيل نعيمة في اللغة العربية فقط، بل استطاع أن يترك أثرًا عظيمًا في اللغات الأجنبيَّة الأخرى مثل اللغة الروسية والإنجليزية، فكان جوهرة فريدة في عالم الأدب.

وممّا جاء من أشعاره التي انعكست فيها مشاعره الحزينة وآلامه معبرًا عن حاله وحال كلّ من عاصره فيقول

نحنُ يا ابني عسكرٌ قدْ تاهَ في قفرٍ سحيقْ

نرغَبُ العودَ ولا نذكر من أينَ الطريقْ

فانتشرنا في جهات القفرِ نستجلي الأثرْ

نسألُ الشّمسَ عن الدّربِ ونستفتي الحجرْ

وسنبقى نفحصُ الآثار من هذا وذاكْ

ريثما نُدركُ أنّ الدّربَ فينا لا هناكْ

وسنبقى في انتقالٍ وشقاءٍ وعذابْ

وصعودٍ وهبوطٍ وذهابٍ وإيابْ

وسنبقى نهجعُ اللّيلَ وفي الصّبح نفيقْ

ريثما نلقى منانا

:ريثما نلقى الطّريقْ

شعراء الرومانسية في العصر الحديث
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=11972

اقرأ في الموقع