تجد في هذه المقالة:
من أهم شعراء الحكمة في العصر الجاهلي
تعريف شعر الحكمة
هو أحد الأغراض الشعريّة الشائعة بين الشعراء، ويُعرّف بأنّه: نوعٌ من الشّعر يُحاوِل به المؤلّف إيصال تجاربه وعصارة حياته التي واجهها بين الناس، وشعر الحكمة له تاريخه الطّويل في الأدب العربيّ، فقد ظهر منذ العصر الجاهليّ بقصائد كثيرة لمختلف الشعراء، ومنهم زهير بن أبي سلمى.
خصائص شعر الحكمة
- عذوبة الألفاظ وسهولة المعاني.
- كثرة تكرار الألفاظ التي تدل على تأكيد المعاني.
- قوة التراكيب والتجانس
- حضور الخصائص الأدبية؛ كالاستعارة والتشبيه والكناية.
- عذوبة القوافي وجمالها.
أبرز شعراء الحكمة في العصر الجاهلي
الشاعر امرؤ القيس:
هو امرؤ القيس بن حجر بن حارث، وهو شاعر من اليمن، من قبيلة كندة، نشأ في بيت ذي جاهٍ ومال، فكان والده سيد بني أسد، فنشأ ابنه نشأة ترفٍ، حيث اشتهر بحبه للهو والسكر وقول الشعر الماجن، وبعد اغتيال والده على يد بني أسد قال مقولته المشهورة: (ضيعني أبي صغيراً، وحملني دمه كبيراً)، إشارة واضحة أنه سيأخذ بثأر والده
وهذا ما فعل عندما طلب المعونة من قيصر الروم ليعيد إليه ملكه في بني أسد، إلا أنَّ قيصر الروم قام بتسميم جلد امرؤ القيس وذلك لروايات اختلف النقاد فيها، فمنهم من قال إنَّ بعض العرب ممن كانوا مع امرؤ القيس قد ذكروا للقيصر أنَّه كان يتواصل مع ابنته، ومنهم من قال إنَّ أصحاب القيصر قد نصحوه بأنَّ العرب قد يغدروا به بعد أن يظفروا بما يريدون، فسمي بعدها بذي القروح، ومات بأنقرة وهو عائد من القسطنطينية.
بينما شعره فكان متنوعاً بين الغزل والوصف ولا سيما في وصف النساء والفرس والصيد، يتخلله الحكمة، بالإضافة إلى ألفاظه الجزلة الموجزة، التي تعبِّر عن حياته وقومه، فكان شعره يمثل ترفه الذي يعيشه في شبابه، فعدَّه النقاد من أفحل شعراء الجاهلية وأفصحهم، وهو من أول من ابتدأ في شعره ذكر الأطلال والتغني بالمحبوبة، كما أنَّهم قالوا فيه بأنَّه من أفضل من استخدم الاستعارات في شعره، إذ لم يصل أحد إلى ما وصل إليه شعره في الغزل والهجو والوصف، أما معلقته فقال في مطلعها:
قِفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل * * * * بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
الشاعر: طرفة بن العبد:
هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة من بكر، وهو منحدر من سلالة جده الأعلى للعرب الحجازيين، واسمه عمرو، ويُكنّى بأبي عمرو،
اشتهر طرفة بن العبد بنسبه وحسبه فقومه لهم مكانة عند العرب، فجدُّه اتصف بالشرف والرئاسة، أما والده فاتصف بالشجاعة والإقدام، عاش طرفة يتيم الأب، إلى أن توفي في مقتبل شبابه وهو في العشرينيات من عمره مقتولاً بعد هجائه الملك عمرو بن هند عام 215هـ.
امتاز شعره بألفاظه العذبة إلى جانب ألفاظه الغريبة المعقّدة، ويعود سبب ذلك إلى طبيعة حياته التي بدأ فيها بنظم الشعر منذ طفولته، حيث وصف الطبيعة وجمالها بشاعرية خشنة، ومن ثمَّ نضج شعره فأخذت ألفاظه تلين، إلى أن اكتملت مراحل نضوجه الشعري
فأخذت ألفاظه تقترب من ذوق البدوي المتحضر، إلى جانب أسلوبه القوي والجزل في تصوير المعاني التي أرادها، وتنوعت أغراضه الشعرية بين الهجاء والفخر والوصف والحكمة. ونورد مطلع معلقته التي تقول:
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ * * * * تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
3- الحارث بن حلزة:
هو أبر عبيدة الحارث بن حلزة بن مكروه، وهو سيد من سادات قبيلة بكر في العراق، فكان الحارث شاعراً مجيداً خبيراً بقول الشعر، وقيل إنَّه نظم معلقته بسبب أنَّ عمرو بن هند قد جمع قبيلة بني تغلب وبني بكر بعد حرب البسوس للإصلاح بينهما، وأخذ رهناً من كل قبيلة مئة غلام ليكف بعضهم عن بعض
فكان هؤلاء الرهن يغزون مع الملك إلى أن هلك غلمان بني تغلب وسلم البكريون، فطالب التغلبيون بدية غلمانهم إلا أن قبيلة بكر رفضت، فاجتمعوا عند الملك عمرو بن هند الذي كان يؤثر بني تغلب
فقام بعدها الحارث بن حلزة يقول قصيدته من وراء حجاب لأنَّ به برص، وكان عمرو بن هند لا يحب أن يرى أحدتً به سوء، وبعدها استدرج الحارث الملك عمرو بن هند إلى أن يحكم لقومه، وبها قضى عمرو لبكر على تغلب، وكانت مطلع قصيدته:
آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ * * * * رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
4- زهير بن أبي سلمي:
هو زهير بن ربيعة، من قبيلة مزينة من مضر، وكان يلقب بأبي سلمى، وُلدَ لعائلة شاعرة، فكان والده وخاله وزوج أمه وأخته وأولاده من الشعراء، إذ إنَّ البيئة التي نشأ بها كانت الأساس في تكوين شخصية زهير الشاعرية، فجمع إلى جانب الشعر الحكمة وسدادة الرأي
فقد وصفه عمر بن الخطاب بأنَّه أشعر شعراء العرب، فكان يأخذ من الكلام ما هو خير ويترك حواشيه، فهو سيد قومه اتصف بالحكمة التي ساعدته أن يشترك في الملاحم الحربية؛ كحرب داعس والغبراء، التي حركت مشاعره بصدق، كما أنَّ مدحه في أشعاره ساعدته أن يهذب شعره وينقحه لمدة طويلة، فكان من أهم شعراء الحوليات. ومطلع معلقته المشهورة تقول:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ * * * * بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ