ماهو الفرق بين إذنْ وإذًا

اختلف عُلماء الّلغة حول وجود فرقٍ بين (إذنْ)، و(إذاً)

 فمنهم من يجد أنّ الأولى كتابتها بالألف المُطلقة: (إذاً) ومنهم من يرى أنّ رسمها بالنّون هو الصّحيح: “إذنْ”

 بالإضافة إلى فئة ثالثة أرادت التّوسّط فاختارت أن تُجيز الكتابة بأيّهما، وذلك انطلاقاً من ألا فرق بينهما إلّا بالرّسم الإملائيّ وهذا ما ذهب إليه أكثرهم

 ويجب الإشارة إلى أنّ العلماء الذين أوجدوا فروقات في الكتابة بين (إذاً)، و(إذنْ) رأوا أنّ لإزالة الّلبس على طُلّاب العِلم، والتّسهيل عليهم يُمكن استعمال (إذاً) عند التّعبير عن الظّرفيّة الزّمانيّة أو المكانيّة، أو عند استخدام أسلوب الشّرط، وفي الجانب الآخر تُستخدم (إذنْ) عند الحديث عن الاستنتاج

 وفي حالة أُخرى قِيل إنّها إذا أتت قبل فعلٍ مُضارع منصوب، فهي على هذا النّحو تُرسم “إذنْ” لأنّها تكون حينها حرف نصب، أمّا هذا النّهج قد لا يُرضي البعض، مثل قول المُبَرِّد – وهو أحد أعظم عُلماء البلاغة والنّقد والنّحو-: “أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذنْ بالألف”.

 متى تُكتب إذنْ بالنّون أو بالتنوين؟

حالات كتابة (إذاً) عطف (إذاً) للفعل المُضارع على مِثله دون فاعله

– تُكتب (إذن) على شكل (إذاً) عند وُرودها كحشو قبل حرفيّ العطف (الواو، والفاء)، فيعطفان الفعل المُضارع دون عطف فاعله، ففي الآية التّالية: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا) تكون “إذاً” فيها مُهملة باقترانها بحرف العطف (الواو)، فلا تنصب ما بعدها، ويكون الفعل “يلبثون” معطوف على “يستفزّونك” دون عطف فاعلهما، فالجملة لا تُعطف على الجُملة هُنا.

– عطف (إذاً) للجُملة الفعليّة بصيغة المضارع على مِثلها أو غيرها: إذا عطفت (إذنْ) جُملة فعليّة بصيغة المضارع على مثلها أو غيرها، يُصبح المعطوف والمعطوف عليه لهما الحكم الإعرابيّ نفسه وهُنا في هذه الحالة أيضاً يُهمل عمل (إذنْ)، فلا تنصب الفعل المُضارع، فيكون رسمها (إذًا)

 وفي الجملة التّالية: (إنّ للتّلاميذ مُعلِّماً يُوجِّهُهم وإذاً يُنبِّهُهم على أخطائهم)، عطفت “إذاً” جُملتين مُضارعتين هُما: جملة “يُوجِّههم” التي محلّها النّصب على نعت كلمة “مُعلِّماً” الواردة في الجملة، وجملة “يُنبِّهُمم” التي عُطفت بالنّصب بـ(وإذاً).

– الوقف على (إذاً): ورد عند بعض النّحاة أنّ (إذنْ) تُكتب بالألف المُطلقة (إذاً) إذا تمّ الوقف عليها، مُعلِّلين ذلك بتشابُهها مع الأسماء المنقوصة مثل: (فتى، دُمى) في حالتيّ الرّفع والجرّ مع كون الاسم المنقوص كلمة نَكِرة غير مُعرّفة، فهي عندما تُنوّن تُرسم ألفاً.

(إذاً) التّفسيريّة: عند وُرود (إذنْ) بمعنى “أيّ” التّفسيريّة تُرسم بالألف المُطلقة (إذاً)، ويتبعها الفعل في هذه الحالة على هيئة المُخاطب، وهذا ما لا يَرِد في “أيّ” التّفسيريّة، ومِثال ذلك: (استقدمتَ الخبيرَ إذاً طلبتَ قدومه).

– الرّسم القرآنيّ لـ(إذاً): ذكر النّحويّ المازنيّ أنّ (إذاً) تُكتب دائماً على هذا النّحو بالتّنوين لا بالنّون، سواء كانت تعمل ناصبة للفعل المُضارع الذي بعدها، أم في حالة إهمالها، وعلّل ذلك بأنّ الرّسم القُرآني ورد على هذه الهيئة بالتّنوين.

حالات كتابة (إذنْ) نصب (إذنْ) للفعل المُضارع:

ذكر بعض النُّحاة أنّ “إذن” تُكتب على هذا النّحو إذا عملت ناصبة للفعل المُضارع، وإلّا كُتبت بالتنّوين.

الحال الدّائمة لـ (إذنْ): ورد عند بعض النُّحاة أنّ كتابة (إذنْ) لا يتغيّر بالوقف عليها، وأنّها تبقى على شكلها هذا، وعَزوا ذلك لتشابهها في عملها مع “أنْ”، و”لنْ”، ومنهم النّحويّ المُبَرِّد الذي يرى أنّ (إذنْ) تُكتب على هذا النّحو دائماً في جميع أحوالها سواء كانت تعمل ناصبة للفعل المُضارع، أم مُهمَلة لا تنصبه، وعلّل بنفس تعليل غيره من النُّحاة.

 وُرود (إذنْ) كحشو في الكلام: أشار النُّحاة إلى أنّ (إذن) تُكتب بهذا الرّسم إذا كانت حشواً في الكلام بغضِّ النّظر عن كونها عاملة تنصب الفعل المُضارع، أو مُهمَلة لا تنصبه.

وجود حرف استئناف قبل (إذن): عند اعتبار (الواو، والفاء) حرفيّ استئناف، جاز أن تعمل (إذنْ) عملها بنصب الفعل المُضارع، فتُرسم على هذا النّحو.

حالات الكتابة بالشّكلين إذا تمّ عطف (إذنْ) على جُملة لا محلّ لها من الإعراب، يجوز أن يتمّ إعمالها فتنصب الفعل المُضارع، أو إهمالها، ومِثال ذلك أن تعطف (إذنْ) جملة شرطيّة، ففي المثال التّالي:  (إنْ يعملِ التّلميذ بِجِدٍّ وإذاً تزداد مسؤوليّته يفرح بنجاحه) تكون جملة “يعمل التّلميذ بِجِدٍّ” هي فِعل الشّرط

 وفي هذه الحال هي جملة لا محلّ لها من الإعراب، فجاز أن تعمل (إذنْ) وتبقى على رسمها هذا، فتنصب الفعل المُضارع لِتُصبح الجملة “وإذنْ تزدادَ مسؤوليّته”، أمّا إذا أُريد إهمالها يُصبح رسمها (إذاً)، ولا تنصب الفعل المضارع، فتبقى الجملة “وإذاً تزدادُ مسؤوليّته”.

مسائل تتعلّق بإذنْ

أصل إذن تعود (إذنْ) في أصلها -كما يرى مُعظم جمهور علماء الّلغة- إلى كونها حرفاً، وقد ذهب الجمهور إلى اعتبارها حرفاً بسيطاً لا مُركّباً، وكما يقول المالقيّ: “الأصلُ في الحروف البساطة، ولا يُدّعى التّركيبُ إلى بدليل قاطع بينهما”، وهُناك آراء مُختلفة حول أصلها، ومنها:

– رأي الكُوفيّين: يرى الكُوفيّون أنّ (إذن) اسم ظرف، وأنّها بالأصل “إذا” الظرفيّة، ولكنّ التّنوين لحق بها تعويضاً عن الجملة المحذوفة المُضافة إلى “إذا”، مِثال ذلك: أن تقول: (إذنْ أكرمَك)، وأصلها أن تقول: (إذا جئتني أكرمُك)

 ومن الجدير بالذِّكر أنّ الّلغويّ رضيّ الدّين له الرأي نفسه، فهو يرى أنّ أصل (إذنْ) هو “إذْ” الظّرفيّة التي تُشير إلى زمان الفعل الذي يُذكر معها، في حين أنّها عندما أصبحت على هيئة (إذنْ) قُصد منها أنّها صالحة للتّعبير عن الأزمنة الثّلاثة، وباستخدام المِثال السّابق، يكون أصل الجملة بحسب رضيّ الدّين: (إذْ جئتني أكرمُك)، والقصد فيها أنّه (وقت زيارتك لي أكرمك)

 ومن الجدير بالذِّكر أنّ (إذنْ) باعتبارها ناصبة للفعل المُضارع فهي تختلف عن أخواتها فيكونها اسماً، وهذا ما أجاز الفصل بينها وبين الفعل.

 – رأي الخليل بن أحمد الفراهيديّ : ذَهب الفراهيديّ إلى أنّ (إذنْ) تُعدّ حرفاً مُركّباً من “إذْ” و”أنْ”، بالإضافة إلى غلبة حُكمها كحرف، وأنّ الهمزة الموجودة في “أنْ” حُذفت مع نقل حركتها إلى الذّال التي في “إذْ”، كما أنّ هذا الرّأي هو رأي بعض الكوفيّين، وابن مالك وغيرهم.

 رأي أبي علي الرُّنديّ السُّهيليّ: أنّ (إذنْ) تُعدّ حرفاً مُركّباً من “إذا” و”أنْ”، ويُعلِّل أنّ حذف همزة “أنْ” يُوجب حذف ألف “إذا” منعاً لالتقاء السّاكنين، كما أشار إلى أنّ كلّ من “إذا” و”أنْ” تعمل عملها، فالأولى أداة ربط، والثّانية من أدوات النّصب.

 شروط نصب الفعل المضارع بإذنْ تُعدّ (إذنْ) حرفاً للجواب في حالها الدّائم، وحرفاً للجزاء في أغلب الأحوال، كما أنّها تُعدّ حرفاً ناصباً للفعل المُضارع ضمن شروط وجب أن تتواجد فيه.

وجب التّنويه إلى أنّه قد يُلغى عمل (إذنْ) -وإن اكتملت شروطها- وهذا ما أجازه مجمع الّلغة العربيّة في القاهرة، وقد علّلوا ذلك بوُرود ذلك في كلام العرب، وقد أُشير إلى هذا الأمر في كتاب “الوافي” في أنّ اكتمال الشّروط لا يمنع إجازة إلغاء عمل (إذنْ)، وهذا ما ذهبَ إليه قليلون

 الشروط التي توجب عمل إذن

كما قد نُسب هذا الرأي إلى البصريّين، وفيما يلي الشّروط التي تُوجب عمل (إذنْ):

  • استقبال الفِعل المُضارع من حيث زمانه: فإن كان الفعلُ في زمان الحال يتمّ إهماله، ومِثال ذلك إن تحدّث أحدهم مع شخص عن إنجازه، فرَدَّ عليه الشّخص: (إذاً أظنُّك سعيداً)، هنا يُلاحَظ أنّ الفعل المُضارع (أظنُّ) مرفوع؛ وذلك لكون وُرود (إذنْ) في حال وُقوع الإجابة، فتكون في هذه الجملة حرف جواب لا حرف جزاء، ومِثال على كونها حرف جزاء: أن يتميّز أحدهم في أداء عمله، فيقول له مُديره: (إذنْ أُرفِّعَك)، هنا تكون حرف جزاء.
  • وُقوع “إذنْ” في أولّ الكلام: أولّ الكلام في الّلغة أن تكون “مُصدَّرة”، فهي إن لم تقع في بداية الكلام لن تنصب الفعل المُضارع، كأنْ تقع في الوسط، ومِثال ذلك: (أنا إذاً أُساعدُك)، فيُلاحظ هُنا أنّ علامة الرّفع ظاهرةٌ على الفِعل المُضارع

 ويجب الإشارة إلى أنّ إيراد حرفيّ العطف (الواو، والفاء) قبل (إذنْ) يُجيز إعمالها بأن تنصب الفعل المُضارع إذا اعُتبرا حرفيّ استئناف، أمّا إذا كانا حرفيّ عطف فإنّ عملها يُهمل، فلا تنصب الفعل المُضارع، كذلك هُناك من أجاز الرّفع والنّصب للفعل المُضارع في هذه الحالة دون تقييد الأمر بكونهما حرفيّ عطف أو استئناف.

  • اتّصال “إذنْ” بالفعل المُضارع اتّصالاً تامّاً: أي لا يفصل بينهما شيء، وإلّا فإنّها تُصبح مُهملة فلا تنصب الفعل المُضارع، ومن الجدير بالذَّكر أنّ الفصل إن كان بأسلوب قسم جاز ذلك، ويبقى عمل “إذنْ” كما هو بنصب الفعل المُضارع، ومِثال ذلك: (إذنْ واللهِ أُبعدَك عنهم).

ماهو الفرق بين إذنْ وإذًا
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=14816

اقرأ في الموقع