قصيدة البردة (كعب بن زهير)

البُردَة كساء يلتحف به، وأطلق اسماً على القصيدة اللامية: «بانت سعاد»، التي مدح بها كعب بن زهير النبي محمد ﷺ، عندما جاءه مسلماً متخفياً بعد أن أهدر دمه، فكساه بردته. واشترى معاوية بن أبي سفيان البردة من ولد كعب، وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد، واحتفظ بها الخلفاء العباسيون، إلى أن احتل المغول بغداد ونهبوها، فأحرقوا البردة، ويقال أنها لم تحرق ولم تزل موجودة باسطنبول. وأطلق أيضاً على ميمية البوصيري: «أمن تذكر جيران بذي سلم»، لأنه أصيب بالفالج، فنظمها مادحاً النبي ﷺ ومستشفعاً به، فرآه في المنام يمسح على وجهه ويلقي عليه بردته فبرئ. ويقال أن اسمها «البرأة»، وتنسب إليها عدة كرامات في شفاء المرضى. وعني العلماء والأدباء والمتصوفون بالقصيدتين، فألفت حولهما الشروح والمختصرات، وأخضعتا للمعارضة والتخميس والتثليث والتشطير، وأنشدتا في الأذكار، وترجمتا إلى كثير من اللغات. وبعض معارضاتها تعرف بنهج البردة.

بانت سعاد
(كعب بن زهير)
[من البسيط]
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُمُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلواإِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍمُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِمُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِمُوما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ

وهناك عبارات مختلفة منها:

أَحَبُّ إِلَيَّ من حُبِّي لِذاتي

ومِن حُبِّ البَنينِ ووَالِدَيَّا

وأَشهَدُ أَنَّهُ المَبعوثُ فِينَا

وأَنّي قدْ رَضِيتُ بهِ نَبِيَّا.

ومنها

‏قف أيها القلبُ وانسخْ حبَّ من سبقا
وامسح معاهد من يهوى ومن عشقا
واسكب شجونك سكب العين واردها
لسيد الخلق نوراً يقشع الشفقا
رتِّل صلاتك أنفاساً معطرةً
وبثّها في حنايا مُهجتي ألقا
طيِّب بها مجلس الأحبابِ مُحتسباً
واملأ بها كل نادٍ عامرٍ عبقا.

قال أحمد شوقي في قصيدته ” نهج البردة ” :

لزمت باب أمير الأنبياء ومن  *  يمسك بمفتاح باب الله يغتنم

علقت من مدحه حبلا أعزّ به  *  في يوم لا عزّ بالأنساب واللحم

يزري قريضي زهيرا حين أمدحه  *  ولا يقاس إلى جودي لدى هرم

محمد صفوة الباري ورحمته  *  وبغية الله من خلق ومن نسم

وصاحب الحوض يوم الرسل سائلة  *  متى الورود وجبريل الأمين ظمي

يا أفصح الناطقين الضاد قاطبة  *  حديثك الشهد عند الذائق الفهم

حليت من عطل جيد البيان به  *  في كل منتثر في حسن منتظم

وقال في قصيدته ” ولد الهدى ” :

وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ  *  وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ  *   لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ

يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً  *  مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا

خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها  *  إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ

بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت  *  وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ

وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ حَـقٌّ  *  وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ

زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ  *  يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ

أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ  *  وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ

وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ  *  مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ

فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى  *  وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ

وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِرا وَمُـقَدَّرا  *  لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ

قال عباس الجنابي :

تأبى الحروف وتستعصي معانيها  *  حتى ذكرتك فانهالت قوافيها

محمد قلت فاخضرت ربى لغتي  *  وسال نهر فرات في بواديها

فكيف يجدب حرف أنت ملهمه  *  وكيف تظمأ روح أنت ساقيها

تفتحت زهرة الألفاظ فاح بها  *  مسك من القبة الخضراء يأتيها

ياواقفا بجوار العرش هيبته  *  من هيبة الله لاتُرقى مراقيها

مكانة لم ينلها في الورى بشر  *  سواك في حاضر الدنيا وماضيها

ياسيدي يارسول الله كم عصفت  *  بي الذنوب وأغوتني ملاهيها

وكم تحملتُ أوزارا ينوء بها  *  عقلي وجسمي وصادتني ضواريها

لكن حبك يجري في دمي وأنا   *  من غيره موجة ضاعت شواطيها

ياسيدي يا رسول الله اشفع لي  *  إني افتديتك بالدنيا ومافيها

قال منهل جوريدية :

من أين أبدأ فالوجدان ملتهب  *  وبين نار المعاني جُنَّت الصور

بل كيف أبدأ والأخلاق ساطعة  *  وفي شعاع السجايا يسبح البصر

تجثوا القصائد دون المدح قاصرة  *  حتى ولو نُضِّدت في مدحك الدرر

أأذكر الجود ؟ من كفيك منبعه  *  من راحتيك عيون الجود تنفجر

أَلْبَسْتُمُ عظماء الأرض فضلتكم  *  إن النجوم بنور الشمس تستتر

فجرتم الحب في الصماء من أُحُد  *  بالله كيف يُحِبُّ الصخرُ والحجر

ذكراكم روضة في قلب صاحبها  *  أمطارها من غمام العين تنهمر

لم يصبر الجذع عن أشواقه فبكى  *  فكيف يصبر عن عن أشواقه البشر

قال الشاعر توفيق حسن :

يا من ولدت فأشرقت بربوعنا  *  نفحات نورك وانجلى الإظلام

أأعود ظمآن وغيري يرتوي  *  أيرد عن حوض النبي هيام

كيف الدخول إلى رحاب المصطفى  *  والنفس حيرى والذنوب جسام

ماذا أقول وألف ألف قصيدة  *  عصماء قبلي سطرت أقلام

مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم  *  أسوار مجدك فالدنو لمام

حتى وقفت أمام قبرك باكيا  *  فتدفق الإحساس والإلهام

وتوالت الصور المضيئة كالرؤى  *  وطوى الفؤاد سكينة وسلام

يا ملء روحي وهج حبك في دمي  *  قبس يضيء سريرتي وزمام

أنت الحبيب وأنت من أروى لنا  *  حتى أضاء قلوبنا الإسلام

حوربت لم تخضع ولم تخشَ العدا  *  من يحمه الرحمن كيف يضام

وملأت هذا الكون نورا فاختفت  *  صور الظلام وقوضت أصنام

قال خير الدين وائلي :

قالوا : تحبُّ المصطفى العَدْناني  *  قلتُ : اشهدوا فهو الحبيبُ الثاني 

والأولُ اللهُ الذي خَــصَّه  *  بشفاعـةٍ كبـرى وبـالقـرآنِ

شعر في حب الرسول قصير

اقرأ في الموقع