شعر عن حب الوطن للشاعر حافظ إبراهيم

القصيدة الأولى : لِمِصرَ أَم لِرُبوعِ الشامِ تَنتَسِبُ

لِمِصرَ أَم لِرُبوعِ الشامِ تَنتَسِبُ – * – * – * – * – هُنا العُلا وَهُناكَ المَجدُ وَالحَسَبُ

رُكنانِ لِلشَرقِ لا زالَت رُبوعُهُما  – * – * – * – * –  قَلبُ الهِلالِ عَلَيها خافِقٌ يَجِبُ

خِدرانِ لِلضادِ لَم تُهتَك سُتورُهُما  – * – * – * – * –  وَلا تَحَوَّلَ عَن مَغناهُما الأَدَبُ

أُمُّ اللُغاتِ غَداةَ الفَخرِ أُمُّهُما  – * – * – * – * –  وَإِن سَأَلتَ عَنِ الآباءِ فَالعَرَبُ

أَيَرغَبانِ عَنِ الحُسنى وَبَينَهُما  – * – * – * – * –  في رائِعاتِ المَعالي ذَلِكَ النَسَبُ

وَلا يَمُتّانِ بِالقُربى وَبَينَهُما  – * – * – * – * –  تِلكَ القَرابَةُ لَم يُقطَع لَها سَبَبُ

إِذا أَلَمَّت بِوادي النيلِ نازِلَةٌ  – * – * – * – * –  باتَت لَها راسِياتُ الشامِ تَضطَرِبُ

وَإِن دَعا في ثَرى الأَهرامِ ذو أَلَمٍ  – * – * – * – * –  أَجابَهُ في ذُرا لُبنانَ مُنتَحِبُ

لَو أَخلَصَ النيلُ وَالأُردُنُّ وُدَّهُما  – * – * – * – * –  تَصافَحَت مِنهُما الأَمواهُ وَالعُشُبُ

بِالوادِيَينِ تَمَشّى الفَخرُ مِشيَتَهُ  – * – * – * – * –  يَحُفُّ ناحِيَتَيهِ الجودُ وَالدَأَبُ

فَسالَ هَذا سَخاءً دونَهُ دِيَمٌ  – * – * – * – * –  وَسالَ هَذا مَضاءً دونَهُ القُضُبُ

نَسيمَ لُبنانَ كَم جادَتكَ عاطِرَةٌ  – * – * – * – * –  مِنَ الرِياضِ وَكَم حَيّاكَ مُنسَكِبُ

في الشَرقِ وَالغَربِ أَنفاسٌ مُسَعَّرَةٌ  – * – * – * – * –  تَهفو إِلَيكَ وَأَكبادٌ بِها لَهَبُ

لَولا طِلابُ العُلا لَم يَبتَغوا بَدَلاً  – * – * – * – * –  مِن طيبِ رَيّاكَ لَكِنَّ العُلا تَعَبُ

كَم غادَةٍ بِرُبوعِ الشَأمِ باكِيَةٍ  – * – * – * – * –  عَلى أَليفٍ لَها يَرمي بِهِ الطَلَبُ

يَمضي وَلا حيلَةٌ إِلّا عَزيمَتُهُ  – * – * – * – * –  وَيَنثَني وَحُلاهُ المَجدُ وَالذَهَبُ

يَكُرُّ صَرفُ اللَيالي عَنهُ مُنقَلِباً  – * – * – * – * –  وَعَزمُهُ لَيسَ يَدري كَيفَ يَنقَلِبُ

بِأَرضِ كولُمبَ أَبطالٌ غَطارِفَةٌ  – * – * – * – * –  أُسدٌ جِياعٌ إِذا ما ووثِبوا وَثَبوا

لَم يَحمِهِم عَلَمٌ فيها وَلا عَدَدٌ  – * – * – * – * –  سِوى مَضاءٍ تَحامى وِردَهُ النُوَبُ

أُسطولُهُم أَمَلٌ في البَحرِ مُرتَحِلٌ  – * – * – * – * –  وَجَيشُهُم عَمَلٌ في البَرِّ مُغتَرِبُ

لَهُم بِكُلِّ خِضَمٍّ مَسرَبٌ نَهَجٌ  – * – * – * – * –  وَفي ذُرا كُلِّ طَودٍ مَسلَكٌ عَجَبُ

لَم تَبدُ بارِقَةٌ في أُفقِ مُنتَجَعٍ  – * – * – * – * –  إِلّا وَكانَ لَها بِالشامِ مُرتَقِبُ

ما عابَهُم أَنَّهُم في الأَرضِ قَد نُثِروا  – * – * – * – * –  فَالشُهبُ مَنثورَةٌ مُذ كانَتِ الشُهُبُ

وَلَم يَضِرهُم سُراءٌ في مَناكِبِها  – * – * – * – * –  فَكُلِّ حَيٍّ لَهُ في الكَونِ مُضطَرَبُ

رادوا المَناهِلَ في الدُنيا وَلَو وَجَدوا  – * – * – * – * –  إِلى المَجَرَّةِ رَكباً صاعِداً رَكِبوا

أَو قيلَ في الشَمسِ لِلراجينَ مُنتَجَعٌ  – * – * – * – * –  مَدّوا لَها سَبَبا في الجَوِّ وَاِنتَدَبوا

سَعَوا إِلى الكَسبِ مَحموداً وَما فَتِئَت  – * – * – * – * –  أُمُّ اللُغاتِ بِذاكَ السَعيِ تَكتَسِبُ

فَأَينَ كانَ الشَآمِيّونَ كانَ لَها  – * – * – * – * –  عَيشٌ جَديدٌ وَفَضلٌ لَيسَ يَحتَجِبُ

هَذي يَدي عَن بَني مِصرٍ تُصافِحُكُم  – * – * – * – * –  فَصافِحوها تُصافِح نَفسَها العَرَبُ

فَما الكِنانَةُ إِلّا الشامُ عاجَ عَلى  – * – * – * – * –  رُبوعِها مِن بَنيها سادَةٌ نُجُبُ

لَولا رِجالٌ تَغالَوا في سِياسَتِهِم  – * – * – * – * –  مِنّا وَمِنهُم لَما لُمنا وَلا عَتَبوا

إِن يَكتُبوا لِيَ ذَنباً في مَوَدَّتِهِم  – * – * – * – * –  فَإِنَّما الفَخرُ في الذَنبِ الَّذي كَتَبوا.

القصيدة الثانية: كم ذا يكابد عاشق ويلاقي

كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي  – * – * – * – * –  في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ

إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً  – * – * – * – * –  يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ

لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً  – * – * – * – * –  يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي

كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ  – * – * – * – * –  بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ

إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً  – * – * – * – * –  طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي

وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى  – * – * – * – * –  بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ

ما البابِلِيَّةُ في صَفاءِ مِزاجِها  – * – * – * – * –  وَالشَربُ بَينَ تَنافُسٍ وَسِباقِ

وَالشَمسُ تَبدو في الكؤوس وَتَختَفي  – * – * – * – * –  وَالبَدرُ يُشرِقُ مِن جَبينِ الساقي

بِأَلَذَّ مِن خُلُقٍ كَريمٍ طاهِرٍ  – * – * – * – * –  قَد مازَجَتهُ سَلامَةُ الأَذواقِ

فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً  – * – * – * – * –  فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ

فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا  – * – * – * – * –  عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ

وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّنًا  – * – * – * – * –  بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ

وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ  – * – * – * – * –  تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ

لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ  – * – * – * – * –  ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ

كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً  – * – * – * – * –  لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ

وَفَقيهِ قَومٍ ظَلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ  – * – * – * – * –  لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَلِّ طَلاقِ

يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيهِ عِمامَةٌ  – * – * – * – * –  كَالبُرجِ لَكِن فَوقَ تَلِّ نِفاقِ

يَدعونَهُ عِندَ الشِقاقِ وَما دَرَوا  – * – * – * – * –  أَنَّ الَّذي يَدعونَ خِدنُ شِقاقِ

وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَلَّ لِطِبِّهِ  – * – * – * – * –  ما لا تُحِلُّ شَريعَةُ الخَلّاقِ

قَتَلَ الأَجِنَّةَ في البُطونِ وَتارَةً  – * – * – * – * –  جَمَعَ الدَوانِقَ مِن دَمٍ مُهراقِ.

القصيدة الثالثة: حيا بكور الحيا أرباع لبنان

حَيّا بَكورُ الحَيا أَرباعَ لُبنانِ  – * – * – * – * –  وَطالَعَ اليُمنُ مَن بِالشَأمِ حَيّاني

أَهلَ الشَآمِ لَقَد طَوَّقتُمُ عُنُقي  – * – * – * – * –  بِمِنَّةٍ خَرَجَت عَن طَوقِ تِبياني

قُل لِلكَريمِ الَّذي أَسدى إِلَيَّ يَدًا  – * – * – * – * –  أَنّى نَزَحتَ فَأَنتَ النازِحُ الداني

ما إِن تَقاضَيتُ نَفسي ذِكرَ عارِفَةٍ  – * – * – * – * –  هَل يَحدُثُ الذِكرُ إِلّا بَعدَ نِسيانِ

وَلا عَتَبتُ عَلى خِلٍّ يَضِنُّ بِها  – * – * – * – * –  ما دامَ يَزهَدُ في شُكري وَعِرفاني

أَقَرَّ عَينِيَ أَنّي قُمتُ أُنشِدُكُم  – * – * – * – * –  في مَعهَدٍ بِحُلى العِرفانِ مُزدانِ

وَشاعَ في سُرورٌ لا يُعادِلُهُ  – * – * – * – * –  رَدُّ الشَبابِ إِلى شَعري وَجُثماني

لي مَوطِنٌ في رُبوعِ النيلِ أُعظِمُهُ  – * – * – * – * –  وَلي هُنا في حِماكُم مَوطِنٌ ثاني

إِنّي رَأَيتُ عَلى أَهرامِها حُلَلاً  – * – * – * – * –  مِنَ الجَلالِ أَراها فَوقَ لُبنانِ

لَم يَمحُ مِنها وَلا مِن حُسنِ جِدَّتِها  – * – * – * – * –  عَلى التَعاقُبِ ما يَمحو الجَديدانِ

حَسِبتُ نَفسي نَزيلًا بَينَكُم فَإِذا  – * – * – * – * –  أَهلي وَصَحبي وَأَحبابي وَجيراني

مِن كُلِّ أَبلَجَ سامي الطَرِف مُضطَلِعٍ  – * – * – * – * –  بِالخَطبِ مُبتَهِجٍ بِالضَيفِ جَذلانِ

يَمشي إِلى المَجدِ مُختالًا وَمُبتَسِمًا  – * – * – * – * –  كَأَنَّهُ حينَ يَبدو عودُ مُرّانِ

سَكَنتُمُ جَنَّةً فَيحاءَ لَيسَ بِها  – * – * – * – * –  عَيبٌ سِوى أَنَّها في العالَمِ الفاني

إِذا تَأَمَّلتَ في صُنعِ الإِلَهِ بِها  – * – * – * – * –  لَم تَلقَ في وَشيِهِ صُنعًا لِإِنسانِ

في سَهلِها وَأَعاليها وَسَلسَلِها  – * – * – * – * –  بُرءُ العَليلِ وَسَلوى العاشِقِ العاني

وَفي تَضَوُّعِ أَنفاسِ الرِياضِ بِها  – * – * – * – * –  رَوحٌ لِكُلِّ حَزينِ القَلبِ أَسوانِ

أَنّى تَخَيَّرتَ مِن لُبنانَ مَنزِلَةً  – * – * – * – * –  في كُلِّ مَنزِلَةٍ رَوضٌ وَعَينانِ

يا لَيتَني كُنتُ مِن دُنيايَ في دَعَةٍ  – * – * – * – * –  قَلبي جَميعٌ وَأَمري طَوعُ وِجداني

أَقضي المَصيفَ بِلُبنانٍ عَلى شَرَفٍ  – * – * – * – * –  وَلا أَحولُ عَنِ المَشتى بِحُلوانِ.

شعر عن حب الوطن للشاعر حافظ إبراهيم
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=11969

اقرأ في الموقع