أبرز شعراء الشعر العربي الحر

الشعر الحر

 تميزت قصيدة الشعر الحر بخصائص أسلوبية متعددة، فقد اعتمدت على الوحدة العضوية، فلم يعد البيت هو الوحدة وإنما صارت القصيدة تشكل كلامًا متماسكًا، وتزاوج الشكل والمضمون، فالبحر والقافية والتفعيلة والصياغة وضعت كلها في خدمة الموضوع وصار الشاعر يعتمد على “التفعيلة” وعلى الموسيقى الداخلية المناسبة بين الألفاظ.

شعراء الشعر العربي الحر

الشاعر :بدر شاكر السياب

يُعدّ  الشاعر العراقي بدر شاكر السّياب  (1926م- 1964م) من أشهر مُؤسّسي الشعر الحر في الأدب العربي

 وُلد الشاعر في قرية جيكور في مُحافظة البصرة، وكانت لهذه القرية دورها المُهمّ في إلهام السيّاب، فهي كانت تُمهّد للطاقة الشعريّة عند السيّاب، وذلك يعود إلى طفولته وذكرياته التي كانت تمد شعره بالحيوية والحنين والحب، والعاطفة، والتفجر،

للشاعر السياب ديوان في جُزأين، جُمع فيه أشعاره وقصائده الطّويلة التي ألّفها طيلة فترات حياته ومنها: قصيدة أزهار ذابلة، وأساطير، وأنشودة المطر، ومنزل الأقنان وغيرها الكثير، كما يُذكر أنّ للسيّاب قصائد لم تُنشر بعد، فلا شك في ذلك، فقد كان شاعرًا يفيض بالقصائد المُعبّرة.

يُعدّ السيّاب من الشعراء الذين لهم دورهم في التّجديد الشعريّ، إذ خرج عن التّعبير حول الذاتيّة الفرديّة ولجأ إلى الذاتيّة الاجتماعيّة، فأصبح يتحدّث عن آلام المجتمع ويُحارب أصحاب الظلم، وتلك كانت نزعة الواقعيّة الجديدة، أي أن يُعبّر الشّعر عن الواقع ويُصوّره تصويرًا حقيقيًّا، فأصبح الشعر بطريقته الجديدة والأكثر جُرأة على سياسة المجتمع

من قصائد السياب

بَعدما أنزَلُوني سَمِعتُ الرِّياح

في نوَاحٍ طَويل تسفّ النَّحيل

والخُطى وهي تنَأى، إذن فالجِراح

والصَّليب الذي سَمروني عَليه طَوال الأصِيل

لم تَمتني، وأنصت: كانَ العَويل

يعبُر السَّهل بَيني وبَين المَدينة

مِثلُ حبل يشدّ السّفينة

وهي تَهوِي إلى القاع كان النّواح

مثل خيط من النور بين الصباح

والدّجَى، في سَماءِ الشّتاءِ الحَزينة

ثم تغفو على ما تحسّ المَدِينة

الشاعرة : نازك الملائكة

نازك الملائكة (1923م-2007م) شاعرة عراقيّة، وُلدت في بغداد، كان والدها مُدرّسًا للغة وشاعرًا، كما أنّ والدتها كانت شاعرة أيضًا فشجّعاها منذ الصغر على القراءة والكتابة والتّعلم، فبدأت بكتابة أوّل أشعارها وهي في سنّ العاشرة،

في عام 1947م نشرت مجموعتها الشعريّة الأولى بعنوان عُشّاق الليل، إذ كتبت تلك المجموعة بأسلوب الشعر العمودي، وفي نفس العام نشرت شعرًا إبداعيًّا آخر بعنوان الكوليرا

كانت نازك الملائكة من الشعراء الذين اهتموا بالشعر الحر، فكانت لها شهرتها في حركة التّجديد الشعري، ومن أهمّ مُؤلّفاتها: قصيدة شظايا الرماد، وشجرة القمر، ومأساة الحياة، والصلاة والثورة، وقصيدة أنا وحيدة، وهي آخر القصائد التي كتبتها نازك الملائكة.

كانت نازك الملائكة في فنّها هي المُلهم الحقيقيّ للمرأة، إذ كانت مُفكّرة وكاتبة وشاعرة وباحثة استطاعت أن تُعبِّر عن نفسها بأبلغ العبارات، وهذا التفوّق العائد لها كسر الحدود بين الكُتَّاب الرجال والنساء

من قصائد نازك الملائكة

عينانِ طِلِّسْمٌ ولُغْز أصمْ

يَحَارُ في تفسيره التائهون

غيبان من عهْدٍ سحيقِ القِدَمْ

وضَفّتا شطٍّ طوتْه القُرونْ

عينانِ لونٌ نابضٌ ساخنُ

شيءٌ من الشرقِ لذيذ الفُتورْ

وفيهما العرّاف والكاهن

ومعبَدٌ مخدّرٌ بالبَخُورْ

الشاعر : محمود درويش

محمود درويش (1941م-2008م) شاعر فلسطينيّ، يُعدّ من أبرز شعراء الثورة والمقاومة الفلسطينيّة، وُلد في البروة وهي منطقة تقع قريبًا من عكا، أحبَّ محمود درويش القراءة منذ الصغر، كما أنّه أحبَّ وطنه وأخلص إليه،

تفرّد بخصائص فنيّة ميّزته عن الشعراء الفلسطينيّين، فأدّت إلى مسيرة حركة الحداثة الشعريّة، وتوصّل إلى مرحلة جعلته في مصاف الشعراء العالميّين، وله دواوين شعريّة تزخر بالموضوعات الحداثيّة، وفي أشعاره كان خير مُمثّل للوطن والنضال لأجله، إضافة إلى حثّه على الوعي الثوري.

تحمل قصائد محمود درويش القيمة الفنيّة في الدّفاع عن الوطن، كما يتميّز شعره بغزارة الإنتاج، وشموليّة المضمون، وسهولة العبارة، إضافة إلى عُمق الفكرة،

توزعت أعمال محمود درويش على مراحل، ففي المرحلة الأولى عام 1960م، صدر ديوان عصافير بلا أجنحة، وفي المرحلة الثانيّة عام 1964م، صدر ديوان أوراق الزيتون، وفي المرحلة الثالثة 1966م-1970م

 صدر له أربعة دواوين وهي: عاشق من فلسطين، وآخر الليل، والعصافير تموت في الجليل، وحبيبتي تنهض من نومها، وفي المرحلة الأخيرة صدر ديوان أُحبك أو لا أُحبك 

من قصائد محمود درويش

أحنُّ إلى خُبز أمّي

وقهوة أُمّي

ولمسة أُمّي

وتكبُرُ فيَّ الطفولةُ

يومًا على صدر يومِ

وأعشَقُ عمرِي لأنّي

إذا مُتُّ

أخجل من دمع أُمّي

الشاعرة : فدوى طوقان

فدوى طوقان (1917م-2003م) شاعرة فلسطينيّة، تُعدّ من أهمّ شاعرات القرن العشرين، لُقبّت بشاعرة فلسطين، كما وصفها الشاعر محمود درويش بأنّها أمّ الشّعر الفلطسينيّ،

كان شِعرها يتميّز بالصدق العاطفيّ المحسوس، وبجزالة غير مُتوقّعة في الوصف، وذلك يعود إلى التّجارب التي عاشتها في حياتها، فقد عاشت طفولة حزينة، وحاصرتها قيود التّقاليد والعادات في كبرها، كما يعود الفضل إلى أخيها إبراهيم طوقان، فقد كان له الدور في صقل موهبتها، وامتاز الشعر الحرّ لديها بالواقعيّة والرمزيّة، وفي بعض قصائدها امتازت بالرومانسيّة

تُعد فدوى بمثابة الرمز للمرأة الناجحة، وذلك يظهر من القيمة الفنيّة الظاهرة في شعرها، إذ بلغ ما يُقارب 1220 قصيدة، أساسًا واضحًا لتجارب المرأة في الثورة والحب، إضافة إلى رفض ضعف المرأة والدّعوة إلى الاحتجاج على المُجتمع وقت حاجتها،

أعمالها الأدبيّة، فقد خطّت كتابها الأول بعنوان أخي إبراهيم، أمّا عن ديوانها الأوّل فقد صدر عام 1952م، بعنوان وحدي مع الأيام، وفي عام 1956م صدر ديوانها الثّاني بعنوان وجدتها، وفي عام 1960م صدر ديوانها أعطني حُبًّا، وغيرها من الدواوين التي حملت قصائد كثيرة لفدوى طوقان

ها هيَ الروضةُ قد عاثت بِها أيدي الخريفِ

عصَفت بالسَجف الخُضر وألوت بالرفيفِ

تعِس الإعصارُ، كم جار على إشراقِها

جرَدتها كفَهُ الرعناء من أوراقِها

عريت، لا زهرُ، لا أفياء، لا همس حفيفُ

ها هي الريحُ مضت تحسر عن وجه الشتاءِ

الشاعر : أمل دنقل

أمل دنقل (1940م-1983م) شاعر مصري، تأثّر بالثورة المصريّة التي عاصرها، ممّا كان له الأثر الواضح في تشكيل أشعاره وكتاباته، كما تأثّر بفقدان والده وهو في عمر العاشرة، ممّا انْعكسَ عليه فظهر الحُزن في أشعاره، فكان يُساهم بإلقاء أشعاره في الاحتفالات المدرسيّة، ممّا ساهم ببداية نشر أعماله الشعريّة في مجلة مدرسته الثانويّة،

عُرف الشاعر بالنّباهة والذكاء، واشتُهر بمكتبته الداخليّة التي كان يمتلكها وهي مكتبة ضخمة ضمّت الكثير من الكتب، مثال ذلك كُتب الفقه، والتفسير، والشريعة، وغيرها من كُتب التراث الأدبي الذي يعدّ من الذخائر التي صقلت موهبته.

تحمل أعمال أمل دنقل القيمة الفنيّة الواضحة، والعائدة إلى مُعاصرته أحلام العروبة والثورة المصريّة، كما أنّه استوحى الكثير من رموز التراث الأدبيّ، فكانت أشعاره تعود إلى التّراث بلون من التجديد والرمزيّة،

من أعماله الشعريّة؛ قصيدة البكاء بين يدي زرقاء اليمامة وهي قصيدة عبّرت عن صدمته بانكسار وطنه مصر، إضافة إلى مجموعته الشعريّة بعنوان تعليق على ما حدث، كما أصدر ديوانه بعنوان مقتل القمر، وأطلق قصيدة لا تُصالح،

لا تُصالحْ!

ولو مَنحوكَ الذَّهب

أترى حِين أفقَأ عَينَيكَ

ثم أثبّت جَوهرتين مَكانهما

هل تَرى؟

هي أشياء لا تُشتَرى

لا تُصالح!

فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا فجأةً،

وهي تجلس فوق الرماد؟

الشاعر : صلاح عبد الصبور

محمد صلاح الدين عبد الصبور الحواتكي (1931م-1981م) شاعر مصري، يُعدّ من أهمّ روّاد الشعر الحر، كما يُعدّ من أبرز رموز الحداثة العربيّة، ومن أهمّ الشّعراء الذين ساهموا في التأليف المسرحيّ

درس اللّغة العربيّة وتتلمذ على أيدي أهمّ المُفكّرين أمثال أمين الخولي، كما تنوّعت المصادر التي تأثّر بها صلاح عبد الصبور في أشعاره، بداية من شعر الصعاليك وشعر الحكمة العربيّ، مرورًا إلى التأثّر ببعض أفكار الصوفيّة؛ أمثال الحلاج وبشر الحافي، كما استفاد من الشعر الرمزيّ الفرنسيّ ومن الشعر الألماني، إضافة إلى الشعر الفلسفيّ

ظهرت القيمة الفنيّة لأعمال صلاح عبد الصبور من خلال أشعاره التي ساهمت في التجديد، فقد ودّع الشعر التقليديّ، وبدأ في طريق جديد حملت قصيدته بصمته الخاصة، فابتعد عن التّكرار والصنعة

للشاعر دوره الخاص في الشعر الحديث، من خلال اكتمال نُضجه في البناء الشعريّ، ومن خلال صياغته لخبرته، ورؤيته الذاتيّة مع الثقافات المختلفة،

توزّعت مُؤلفاته بين نثريّة وشعريّة ومسرحيّة، ومن مسرحياته مسرحيّة ليلى والمجنون، ومن كُتبه النثريّة كتاب على مشارف الخمسين، ومن أشعاره قصيدة النّاس في بلادي، وغيرها الكثير من أعماله الأدبية

لو أنّنا كنّا كغُصنيْ شجرة

الشّمسُ أرضعتْ عروقَنا معًا

والفجرُ روّانا ندىً معًا

ثم اصطبغنا خضرةً مُزدهرة

حين استطلنا فاعتنقنا أذرُعا

وفي الرّبيع نَكتسي ثيابَنا الملوّنة

الشاعر :عبد الوهاب البياتي

عبد الوهاب البيّاتي (1962م-1999م) شاعر مصري، يُعدّ من أهمّ الشّعراء الذين ساهموا في تأسيس الشعر العربي

أُطلق على البيّاتي عدّة تسميات من ضمنها، الشاعر الغنائي، وشاعر الأساطير، وشاعر القصيدة الرومانسيّة، كما أنّه شاعر التشرّد والمنفى؛ لأنّه كتب مُعظم قصائده وهو في المَنفى، إذ يُعبّر كتابه (تجربتي الشعريّة) عن معنى المنفى السياسيّ والفلسفيّ والاجتماعيّ،

استطاع في أغلب قصائده أن يُعبّر عن الغربة، فكانت مادته الشعريّة مُستقاة من واقعه الحياتيّ، لذلك فقد عُدّت قصائده غنيّة بقيمة تجربته التي مرّ بها. 

اختلط البيّاتي بالعديد من أدباء وشعراء العالم الكبار، ممّا أدّى إلى تميّز شعره بنزوعه نحو العالميّة المعاصرة، وتشكّلت ملامح الحداثة والتجديد في شعره من خلال امتزاجه مع الرموز الصوفيّة، والتراث، والأسطورة، إذ أصبحت القصيدة عنده واقعيّة داخل الوطن وواقع المنفى، كما حلّت الاستعارة محلّ التشبيه، وفضّل الصور المحسوسة على التعميم الشعريّ

من أشهر أعماله؛ ديوان ملائكة وشياطين، والمجد للأطفال والزيتون، وبكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة، والموت في الحياة، وغيرها من الكثير من الأعمال الأدبية

من قصائد البيّاتي

في زَمنِ المَنشورات السِّرية

في مدنِ الثَّورات المَغدورة

جيفارا العَاشق في صَفحات الكتب المشبُوهة

يَثوي مَغمورًا بالثَّلجِ وبالأزهارِ الورقيَّة

قَالت وارتَشَفت فِنجان القَهوة في نَهَم

سقط الفِنجان لِقاعِ البِئرِ المَهجور

الشاعر :أحمد عبد المعطي حجازي

أحمد عبد المعطي حجازيّ (1935م) هو شاعر وناقد مصريّ، يٌعدّ من أبرز روّاد حركة التجديد في الشعر العربي، تلقّى تعليمه منذ الصغر، إذ نجح بحفظ القرآن الكريم كاملًا وهو في سنّ التاسعة،

أسهم في العديد من المؤتمرات العربيّة، كما ألقى الشعر في الكثير من المهرجانات، وشغل مناصب عدّة في حياته، فقد قام بتدريس الشعر العربيّ في جامعة باريس،

كان رئيس التّحرير لدى العديد من المجلّات منها مجلة إبداع، ومجلة روز اليوسف، وهو عضو المجلس الأعلى للثقافة حاليًا، ومقرّر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، وغيرها من المناصب والأعمال.

حصل حجازيّ على العديد من الأوسمة والجوائز، منها جائزة كفافيس في الشعر، وجائزة الشعر الأفريقيّ، وجائزة الدولة التقديريّة في الآداب

نشر الشاعر عام 1959م أوّل دواوينه الشعريّة بعنوان مدينة بلا قلب، وديوان أوراس، وفي عام 1965م صدر ديوانه الثالث بعنوان لم يبق إلّا الاعتراف، وفي عام 1972م صدر ديوانه الرّابع بعنوان مرئيّة العمر الجميل، وغيرها من الدواوين التي ألّفها

مَلاكَي طَيريَ الغائِب!

حزَمت مَتاعي الخَاوي إلى اللّقمة

وفتّ سِنيني العشرين في دَربك

وحنّ عليّ ملّاح، وقَال اركبْ

فألقَيت المَتاع، ونِمت في المَركب

وسَبعة أبحر بيني وبين الدَّار

أواجه لَيلي القَاسي بلا حبّ

وأحسد من لَهم أحباب

أبرز شعراء الشعر العربي الحر
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=11977

اقرأ في الموقع