الوزن والقافية في الشعر الحر

مفهوم الشّعر

لقد ارتبط مفهوم الشّعر عند العرب القدامى بالكلام الموزون المقفّى،

مصطفى حركات، في تعريفه للشّعر: “يجوز لنا أنْ نعرّف الشّعر بأنّه إنتاج أدبيّ خضع في القديم إلى الوزن، وما زالت حتّى الآن أصنافٌ منه تخضع إلى هذا الوزن بصفةٍ تقليديّة أو مجدّدة

قد جاء علم العَروض لدراسة أوزان الشّعر هذه، ولتعريف الوحدات المكوّنة لهذا الوزن، وتحديد قوانين تركيبها، ووضع القواعد الّتي تحكم القصيدة العربيّة.

نشأة الشّعر الحرّ

توصّل  الشعراء  بعد عدة محاولات إلى الشّعر الحرّ، الّذي رأوا أنّ جذوره في التّاريخ العربيّ، كانت تمتدّ إلى ما قبل العصر الحديث، فقد ظهر البند في القرن الحادي عشر الهجريّ على صورة الشّعر الحرّ، على بحر الرّمل والهزج.  

ويُعرفُ الشّعر الحرّ بعدّة أسماءٍ: “الشّعر المنثور، أو الطَّلْق، أو المنطلِق، أو المحَرَّر، أو قصيدة النثر

. ومنهم من يُسمّي هذا النّوع من الكتابة في الشّعر، الشّعر الحرّ، غير فاصل بينها وبين شعر التّفعيلة. وأكثرهم يميّز بين هذين النّوعين”

ومن أهمّ روّاد هذا اللّون الشّعريّ: محمّد الماغوط، وجبرا إبراهيم جبرا، وتوفيق صايغ، وشوقي أبو شقرا، وأنسي الحاج.   

القافية في الشّعر الحرّ

تُعتبر القافية شرطًا أساسيًّا في القصيدة العربيّة، ولم يُستغنِ عنها على امتداد التّطوّر التّاريخيّ للقصيدة العربيّة، إلى أن وصل التّطوّر في الشّعر الحرّ إلى إرسال القوافي إرسالًا تامًّا

وقد اختلف علماء العرب في تحديد مفهوم القافية؛ فمنهم من كان يرى أنّ القافية هي البيت الشّعريّ، ومنهم من كان يرى أنّ القافية هي القصيدة برمّتها

وعرّفها الخليل على أنّها: ” ما بين آخر حرف من البيت إلى أوّل ساكن يليه مع المتحرّك الّذي قبل السّاكن” وقال في تعريف القافية، في سياق آخر: “ما بين السّاكنين الأخيرين من البيت مع السّاكن الأخير فقط”.  

ومن الجدير بالذّكر، أنّ الشّعراء لم يهملوا القافية في القصيدة الحرّة، بل طوّروها لتكون أكثر مواتيةً للبناء المركّب في القصيدة الحديثة، فعندما ظهرت حركة الشّعر الحرّ، عام 1949، أصبح الشّعراء ينوّعون في القوافي، دون نظامٍ محدّد، فالشّاعر يغيّر القافية فجأةً، ووقتما يشاء من دون الالتزام بشكلٍ معيّن، ولا بمقاطع متساويّة.

الوزن في الشّعر الحرّ

إنّ أساس الوزن في الشّعر الحرّ، كما ترى نازك الملائكة يكمن في وحدة التّفعيلة. وعلى هذا فإنّ النّاظم له الحرّيّة تمامًا في التّنويع في عدد التّفعيلات، أو أطوال الأشطر

 على أن تكون التّفعيلات في الأسطر متشابهة تمامًا، فينظم الشّاعر من البحر ذي التفعيلة الواحدة المكرّرة أشطرًا تجري على هذا النّسق:

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

فاعلاتن فاعلاتن

ويجري على هذا النّسق بحرّيّة من حيث اختيار عدد التّفعيلات للشّطر الواحد، دون الخروج عن القانون العروضيّ للبحر، غير مخالفٍ للسُّنن الشِّعريَّة، الَّتي جرى عليها الشَّاعر العربيّ منذ الجاهليّة.

ويقول الدّكتور محمّد بن زاوي في الوزن الشّعريّ في الشّعر الحرّ: “فالوزن العروضيّ موجود، والتفعيلة ثابتة مع اختلاف في الشَّكل الخارجيّ ليس غير

فإذا أراد الشَّاعر أن ينسج قصيدةً ما على بحر معيّن وليكن “الرمل” مثلًا استوجب عليه أن يلتزم في قصيدته بهذا البحر، وتفعيلاته من مطلعها إلى منتهاها، وليس له من الحرّيّة سوى عدم التَّقيّد بنظام البيت التّقليديّ والقافية الموحّدة. وإن كان الأمر لا يمنع من ظهور القافية واختفائها من حين إلى آخر، حسب ما تقتضيه النّغمة الموسيقيّة، وانتهاء الدّفقة الشّعوريّة.”

أمثلة على الشعر الحر

بعضُ الحجارةِ كالشموس ِ

يَغيبُ حيناً ضوؤُها

حتى إذا سَقَطَت قِلاعُ الليلِ وانكسرَ الدُّجى

جاءَ الضياءُ مغرِّدا ..

سيظلُّ شيئٌ في ضميرِ الكونِ يُشعِرُني

بأنَّ الصُّبحَ آتٍ .. أنَّ موعِدهُ غدا ..

ليَعودَ فجرُ النيلِ من حيثُ ابتدا ..

الوزن والقافية في الشعر الحر
  • views
  • تم النشر في:

    نحو اللغة والأدب

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=14028

اقرأ في الموقع