تجد في هذه المقالة:
غسيل الاموال
يعرف غسيل الأموال : بأنها العملية التي يتم من خلالها إخفاء المصدر الحقيقي لدخل مكتسب بطريقة غير شرعية،
وهي جريمة اقتصادية نكراء تضفي صفةً شرعيّةً على أموال غير شرعيّة عن طريق إخفاء مصدرها غير القانوني أو غير الأخلاقي؛ وذلك بهدف الاستحواذ عليها وامتلاك حقّ التّصرف فيها أو إدارتها أو استبدالها أو التّلاعب في قيمتها
تم تعريف غسل الأموال في اتفاقية فيينا لعام 1988 مادة 3.1 كما يلي:
“تحويل الأموال او نقلها مع العلم بأنها مستمَّدة من أيَّة جريمة او جرائم، بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو قصد مساعدة أيَّ شخص متورَّط في ارتكاب مثل هذه الجريمة أو الجرائم على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله؛”
مراحل غسيل الاموال
عملية غسيل الاموال تتبع عادة ثلاث مراحل للإفراج النهائي عن الأموال المغسولة في النظام القانوني المالي.
مرحلة الإيداع
ويتم في هذه المرحلة التخلص من كمية كبيرة من الأموال غير الشرعية بأساليبَ مختلفةٍ إما بإيداعها في أحد المصارف أو المؤسسات المالية أو عن طريق تحويل هذه النقود إلى عملات أجنبية، أو عن طريق شراء سيارات فارهة ويخوت وعقارات مرتفعةِ الثمن أو شراء أسهم يسهل بيعها والتصرف فيها بعد ذلك.
وتعد مرحلةُ الإيداع هذه أصعبَ المراحل الثلاث كونها عرضةً لاكتشافها، خاصة أن العملية الواحدة تتضمن في العادة كمياتٍ كبيرةً جداً من الأموال السائلة، حيث إن التعرف على من قام بعملية الإيداع لهذه الأموال ليس بالأمر العسير ومن ثم علاقته بمصدر هذه الأموال.
مرحلة التمويه
يقصد بالتمويه لغويًا إخفاء حقيقة الشيء، ويقصد منه في غسيل الأموال إخفاء مصدر المال بما يصعب تتبعه وكشف الجهة المسؤولة أصلاً، هي مرحلة التجميع أو التعتيم حيث تبدأ بعد دخول الأموال في قنوات النظام المصرفي الشرعى، ويقوم غاسل الأموال بأتخاذ الخطوة التالية والتي تتمثل في الفصل أو التفريق بين الأموال المراد غسلها عن مصدرها غير الشرعى عن طريق مجموعة معقدة من العمليات المصرفية والتي تتخذ نمط العمليات المصرفية المشروعة، والهدف من هذه المراحل جعل تتبع مصدر تلك الأموال غير المشروعة أمراً صعباً.
وتتلخص أهم تلك الوسائل في تكرار عملية تحويل تلك الأموال من بنك إلى آخر، والتحويل الإلكتروني للأموال، ويزيد من حالة التعقيد في تتبع تلك الأموال تحويلها إلى مصارف تتبنى قواعد صارمة من سرية الإيداعات في بلاد أخرى، وهي ما يطلق عليها بالملاذات المصرفية الآمنة، وتتسم هذه الملاذات بتساهل قوانينها، وجودة وسائل النقل من طائرات وسفن وسهولة تأسيس الشركات.
مرحلة الإدماج
وتسمى التجفيف وتعتبر هذه المرحلة اخر مرحلة في غسل الأموال ويترتب عليها إضفاء طابع الشرعية على الأموال، لذلك يطلق عليها “مرحلة التجفيف” ومن خلال هذه المرحلة يتم دمج الأموال المغسولة في الدورة الأقتصادية والنظام المصرفى، لكى تبدو وكأنها عوائد أو مكتسبات طبيعية لصفقات تجارية، مثل الشركات الوهمية والقروض المصطنعة، وتواطؤ البنوك الأجنبية، والفواتير الوهمية. وفي هذه ا لمرحلة يصعب التميز بين تلك الأموال غير المشروعة والأموال المشروعة .
طرق غسيل الأموال
– هيكلة العمليات المصرفية لمبالغ كبيرة من الأموال في معاملات صغيرة متعددة ، غالبًا ما تكون موزعة على العديد من الحسابات المختلفة ، لتجنب الكشف .
– الاستثمار في سلع متنقلة مثل الأحجار الكريمة والذهب التي يمكن نقلها بسهولة إلى ولايات أخرى
– الاستثمار في الأصول ذات القيمة وبيعها بشكل متحفظ مثل العقارات ؛ القمار ، التزوير ، وإنشاء شركات وهمية.
– ظهور خدمات الدفع المجهولة عبر الإنترنت والتحويلات باستخدام الهواتف المحمولة في العملات الافتراضية مثل البيتكوين إلى زيادة صعوبة اكتشاف التحويل غير القانوني للأموال.
– يتم غسيل الأموال أيضاً من خلال المزادات والمبيعات عبر الإنترنت ، ومواقع المقامرة وحتى مواقع الألعاب الافتراضية ، حيث يتم تحويل الأموال غير المشروعة إلى عملة ألعاب (عملات المقامرة واللعب ..الخ)، ثم تحويلها مرة أخرى إلى أموال بحيث تصبح اموال “نظيفة” حقيقية وقابلة للاستخدام ولا يمكن تعقبها.
أثر غسيل الأموال على الحياة الاقتصادية والاجتماعية
– تعزيز انتشار الجريمة التي جُنيَ المال غير الشرعي منها؛ بسبب جشع التجّار لتحصيل المزيد من الأموال مثل المخدرات، والدعارة وتجارة الأسلحة وغيرها الكثير.
– حدوث اختلالات في اقتصاد الدولة بسبب غياب عنصري المنافسة والربح القانونيين من السوق، وهما أحد المقوّمات الأساسية له
– التهرب من سداد الضرائب المباشرة ومن ثم معاناة خزانة الدولة من نقص الإيرادات العامة عن مجمل النفقات العامة.
– حدوث فجوة كبيرة بين الاستثمارات ومعدّلات الادخار.
– تهريب الأموال غير الشرعية إلى خارج البلاد بأي طريقة من طرق غسل الأموال، مما يؤدّي إلى حدوث عجز في ميزانية مدفوعات الدولة وهو ما يؤثر سلبًا على سعر الصرف وأسعار الفائدة.
– إلحاق الضرر بالبنوك المحلية، إذ أن غسيل الأموال يتطلّب إيداعًا مفاجئًا للمال وسحب مفاجئ أيضًا، ولا تتعلق عوامل سحب المال بظروف السوق، مما يخلق مشكلة سيولة لدى البنوك.
– تدهور قيمة العملة الوطنية وتشويه صورة الأسواق المالية.
– تعزيز انتشار الرشاوى وشراء الذمم بين المسؤولين بالجهات المختصّة بمكافحة غسيل الأموال؛ مثل القضاة، والمسؤولين الحكوميين، وأفراد الشرطة. استشراء الفساد الإداري. هو باختصار البحث عن اجابة كاذبة للسؤال المعروف (من أين لك هذا؟)
– استقطاعات من الدخل القومي ونزيف للاقتصاد الوطني لصالح الاقتصاديات الخارجية.
– ارتفاع معدّلات التضخّم؛ بسبب زيادة السيولة بيد طبقة دون أخرى.
– زيادة السيولة المحلية بشكل لا يتناسب مع الزيادة في إنتاج السلع والخدمات.
– تقوية وتجذر العصابات والمنظمات الإجرامية والإرهابية في المجتمعات، فتكوّن عنصر جذب للعاطلين عن العمل بإغداق الأموال عليهم لتنفيذ أعمال تصب في مصلحتهم، وبالتالي زيادة هيمنتهم التي تهدّد الدول والمجتمعات.
– انخفاض معدل الادخار نظرا لشيوع الرشاوي والتهرب الضريبي وانخفاض كفاءة الأجهزة الإدارية وفسادها.
– تشويه المنافسة وإفساد مناخ الاستثمار.
حكم غسيل الاموال في الاسلام
من المعلوم أن الإسلام يحرم كل كسب بطريق محرم، والأموال التي تخضع لعمليات الغسل والتبييض أموال تنشأ عن الجرائم، وعن التزوير، والسرقة، والدعارة، والسلب، والاعتداء على ممتلكات الآخرين بالسطو أو النهب، إلى غير ذلك من الوسائل المحرمة التي لا يجيزها الإسلام.
وحكم هذه الأموال المحرمة بعد غسلها كحكمها قبل غسلها، ما اكتسب منها عن طريق السرقة والغصب وما شابه ذلك، فيجب رده إلى أصحابه أو إلى ورثتهم إن كان أصحابه قد ماتوا، ولو بطريق غير مباشر فإن لم يعرف أصحابه أو ورثتهم تصدق به عنهم، هذا إن كان أصحاب هذه الأموال مسلمين، فإن كانوا كفارا، فإن عرفوا أو عرف ورثتهم إن كانوا قد ماتوا وجب إيصال هذا المال إليهم، وإن لم يعرف أحد منهم كان هذا المال فيئا ينفق في مصالح المسلمين، ولا يتصدق به عنهم، لعدم صحة الصدقة عنهم لأنهم كفار.