ما هو القنوت في الصلاة وماهي صيغه

تعريف القنوت في اللغة والاصطلاح

القنوت لغةً

يرد لفظ القنوت في اللغة بعدّةٍ مَعانٍ، بيانها فيما يأتي:

الطاعة: كما ورد في قول الله -تعالى-: (وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ)؛  أي مَن أطاع الله.

الصلاة: دلّ على ذلك قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (مَثَلُ المُجَاهِدِ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بآيَاتِ اللهِ).

الدعاء: إذ إنّ العبادة والقنوت دعاءٌ في حقيقتهما.

السكوت: استدلالاً بقول الله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).

القيام: لِما رواه جابر بن عبد الله: (سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قالَ: طُولُ القُنُوتِ).

و يُعرَّف القنوت في الاصطلاح الشرعيّ بأنّه: ما شُرِع من الدعاء في صلواتٍ مُعيَّنةٍ، وبصفةٍ مُعيَّنةٍ، ويكون في الركعة الأخيرة من الصلاة.

صيغة دعاء القنوت

وردت عدّة صِيَغٍ لدعاء القنوت عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن تلك الصِّيَغ:

  • ما رُوِي عن الحسن بن علي -رضي الله عنه- أنّه قال: (اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديْتَ وعافني فيمن عافيْتَ، وتولَّني فيمن تولَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيْتَ، وقِني شرَّ ما قضيْتَ، فإنَّك تقضي، ولا يُقضَى عليك، وإنَّه لا يذِلُّ من واليْتَ، ولا يعِزُّ من عاديْتَ، تباركتَ ربَّنا وتعاليْتَ)،

 ومعنى قول: “وَقِنا شرّ ما قضيت” أي؛ التوجُّه إلى الله بالدعاء بصَرف ومَنع ما يخالف الإيمان بالقضاء والقدر؛ من التذمُّر، أو عدم الرضا بما قُدِّر، وغير ذلك من الأمور التي تُخالف الرضا بقضاء الله، وقَدَره.

  • ما رُوِي عن عُروة بن الزبير -رضي الله عنه-: (اللَّهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونحفِدُ*، ونرجو رحمتَكَ ربَّنا، ونخافُ عذابَكَ الجِدَّ، إنَّ عذابَكَ لمن عاديتَ مُلحِقٌ).
  • ما رُوِي عن عبدالرحمن بن أبزى أنّه قال: (اللهمَّ إياكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكافرينَ مُلْحِقٌ اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ ولا نَكْفُرُكَ ونُؤمنُ بكَ ونخضعُ لكَ).

مواضع القنوت

قنوت الفجر

اختلف علماء المذاهب الفقهية في حُكم القنوت في صلاة الفجر، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:

القول الأول: قال الشافعيّة والمالكية إنّ القنوت في صلاة الفجر سُنّةً، وأكّد الإمام النوويّ من الشافعيّة على سُنّيته؛ استدلالاً بما رُوِي في السنّة النبويّة من قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقنتُ في صلاةِ الصبحِ حتى فارق الدنيا)،

 وقالوا بناءً على ذلك أنّ مَن نَسِيَ القنوت في صلاة الصبح، سواءً عمداً، أو سهواً، فإنّه يسجد للسهو، ومَحلّ القنوت في صلاة الصبح يكون بعد الرفع من الركوع عند الشافعيّة، بينما يكون قبل الركوع عند المالكيّة.

القول الثاني: قال الحنفيّة والحنابلة بعدم القنوت في صلاة الفجر.

قنوت الوتر

قنوت الوتر: هو الدعاء بأيّ صيغةٍ من صِيَغ القنوت المذكورة سابقاً، والذي يدعو بها المسلم في الركعة الأخيرة في صلاة الوتر التي تُؤدّى أوّل الليل، أو وسطه، أو آخره

قنوت النوازل

تعريف قنوت النوازل

قنوت النازلة: هو الدعاء الذي يدعو به المسلمون في الركعة الأخيرة من صلواتهم المكتوبة؛ ويكون سببه عموم النوازل، والابتلاءات التي تُصيبهم؛ من قحطٍ، أو جَدْبٍ، أو بلاءٍ، أو مرضٍ، أو تسلُّط عدوٍّ، ودليله ما ورد في السنّة النبويّة عن أنس -رضي الله عنه- أنّه قال: (قَنَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو علَى رِعْلٍ وذَكْوَانَ).

حُكم قنوت النوازل

اختلف العلماء في حُكم القنوت عند حلول النوازل، والابتلاءات، وبيان خلافهم فيما يأتي:

القول الأول: قال الشافعية، والحنابلة، والحنفية، وبعض المالكية بمشروعيّة قنوت النوازل، وأنّه سُنّةٌ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وهو قول ابن تيمية، وابن القيّم؛ استدلالاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا أرَادَ أنْ يَدْعُوَ علَى أحَدٍ أوْ يَدْعُوَ لأحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ)

القول الثاني: قال المالكيّة إنّ قنوت النازلة غير مشروعٍ، واستدلّوا على ذلك بترك النبيّ له بعد أن دعا به.

أحكامٌ مُتعلِّقةٌ بالقنوت

موضع دعاء القنوت

اختلف العلماء في مَحلّ القنوت في الصلاة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، هما:

القول الأول: قال الشافعيّة والحنابلة بأنّ القنوت في الصلاة يكون بعد الاعتدال من ركوع الركعة الأخيرة، بعد قول: “ربنا ولك الحمد”.

القول الثاني: قال الحنفيّة والمالكيّة بجواز القنوت قبل ركوع الركعة الأخيرة، أو بعده، وأفضليّته قبل الركوع، وبعد القراءة، دون التكبير.

الجهر بالقنوت

اختلف العلماء في حُكم الجهر بالقنوت، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، وبيانها فيما يأتي:

الرأي الأول: قال المالكيّة والحنفية بعدم استحباب الجهر في القنوت؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: (ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ).

الرأي الثاني: قال الشافعيّة وبعض الحنفيّة باستحباب الجهر في القنوت للإمام دون المنفرد؛ إذ إنّ الأفضل في الذِّكر أن يكون بصورةٍ خفيّةٍ، ولا يُشرَع الجهر إلّا للإمام؛ ليؤمّن المُصلّون على دعائه.

الرأي الثالث: قال الحنابلة باستحباب الجهر في القنوت للإمام والمنفرد؛ استدلالاً بفعل عمر بن الخطاب، وأُبَيّ بن كعب؛ إذ كانا يجهران بقنوتهما في صلاة الوتر.

رفع اليدَين عند القنوت

اختلف العلماء في مسألة رفع اليدَين عند القنوت، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:

القول الأول: قال المالكيّة بعدم استحباب رفع اليدَين حين دعاء القنوت؛ قِياساً على الدعاء في التشهُّد، والسجود؛ إذ لا يرفع المُصلّي يدَيه فيهما.

القول الثاني: قال الشافعيّة، والحنابلة باستحباب رفع اليدين حين دعاء القنوت؛ ويكون ذلك برفعهما إلى مستوى الصدر، ثمّ جعل باطنهما نحو السماء.

القول الثالث: اختلف الحنفيّة في مسألة رفع اليدَين عند القنوت؛ فقال أبو حنيفة بإرخاء اليدَين وعدم رفعهما، وقال أبو يوسف ببَسطهما نحو السماء، ورُوِي عن محمدٍ وضع اليمين على الشمال.

مسح الوجه بعد الانتهاء من القنوت

تعدّدت أقوال العلماء في مسألة مسح الوجه بعد الانتهاء من القنوت في الصلاة، وذهبوا في ذلك إلى رأيَين، بيانهما فيما يأتي:

الرأي الأول: قال الحنابلة باستحباب مسح الوجه بعد دعاء القنوت؛ استدلالاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان يمسح وجه بعد الانتهاء من الدعاء، وقال المالكيّة باستحباب مسح الوجه بعد الدعاء المُطلَق، ولم يتعرّضوا لحُكمه بعد القنوت..

الرأي الثاني: قال الحنفيّة والشافعيّة بعدم مسح الوجه بعد دعاء القنوت؛ لعدم ورود أي دليلٍ ينصّ على ذلك، وقياساً على سائر الأدعية في الصلاة؛ حيث لا يُشرَع فيها مسح الوجه بعد الانتهاء منها.

قضاء القنوت لمن نسيه

اختلف العلماء في مسألة قضاء القنوت، سواءً تذكّره المُصلّي قبل السجود، أو بعده، وبيان خِلافهم فيما يأتي:[٣١]

الحالة الأولى: تذكُّر القنوت قبل السجود، وهذه الحالة مُختَصّةٌ برأي المالكيّة، والحنفيّة؛ إذ قالوا بأنّ موضع القنوت قبل الركوع، أمّا من يقول بأنّ القنوت بعد الركوع، فلا يُعَدّ مَحلّ القنوت قد فات قبل الركوع، وفيها أقوال، هي:

القول الأول: قال المالكيّة بقضاء القنوت بعد الركوع.

القول الثاني: قال الحنفيّة بعدم قضاء القنوت بعد الركوع.

الحالة الثانية: اختلف العلماء في مشروعيّة سجود السهو حال تذكُّر القنوت بعد السجود، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوال، بيانها فيما يأتي:

القول الأول: قال الشافعيّة، والحنابلة بمشروعيّة سجود السهو.

القول الثاني: قال المالكيّة بعدم المشروعيّة.

القول الثالث: قال الحنفيّة باستحباب سجود السهو لتارك القنوت.

الصلاة على النبيّ في القنوت

اختلف العلماء في مشروعيّة الصلاة على النبيّ محمدٍ -عليه الصلاة والسلام- في دعاء القنوت، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ، بيانها فيما يأتي:

القول الأول: قال الحنفيّة بمشروعيّة الصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في دعاء القنوت؛ باعتبار أنّ الصلاة عليه أولى من الدعاء، كما أنّ القنوت دعاءٌ في الحقيقة، والأفضل في الدعاء اشتماله على الصلاة على النبيّ، كما أنّ الصلاة على النبيّ تُستحَبّ في كلّ دعاءٍ.

القول الثاني: يرى الشافعية أنّ الصلاة على النبيّ محمدٍ -عليه الصلاة والسلام- تُسَنّ في دعاء القنوت؛ استدلالاً بما ثبت من تعليم النبيّ للحسن بن علي -رضي الله عنهما-، ومن ترك الصلاة على النبيّ في القنوت يسجد للسهو عندهم.

القول الثالث: قال الحنابلة بمشروعيّة اختتام دعاء القنوت بالصلاة على النبيّ.

القنوت في الصلاة وصيغته
  • views
  • تم النشر في:

    أحكام وتعاليم اسلامية

  • آخر تعديل:
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://gnram.com/?p=10875

اقرأ في الموقع