حكاية السلحفاة الذكية
كان يا مكان، في قديم الزمان كان هناك الملك يعيش في قصره الجميل، الذي تحيط به الحدائق المزهرة، والأشجار الناضرة، وكانت حدائق القصر تتوسطها بحيرة كبيرة رائعة المنظر
وكان أولاد الملك يحبون اللهو في تلك البحيرة، فكانوا يسبحون فيها وقت الظهيرة، حينما تشتد حرارة الشمس، وفي المساء يركبون قواربهم الشراعية، ويجدفون في البحيرة.
وذات يوم أحضر الملك من إحدى رحلاته أسماكا ملونة رائعة المنظر، وأطلقها في البحيرة، ثم قال لأولاده: لقد وضعت سمكاً ملوناً في البحيرة، فاذهبوا لتتفرجوا عليه، ثم عودوا لتقولوا لي رأيكم فيه، وذهب الأولاد لرؤية السمك الملون
لكنهم فوجئوا برؤية سلحفاة مائية كبيرة على ضفة البحيرة، ولم يكونوا قد رأوا سلحفاة مائية من قبل، فظنوها وحشاً مفترساً، ولذلك أخذوا يصرخون في فزع وأسرعوا إلى والدهم، فقالوا له: لم نتمكن من رؤية السمك الملون، لأننا رأينا وحشاً ضخماً يقطع علينا الطريق إلى البحيرة.
تعجب الملك مما سمع حتى بعد أن وصفوا له ذلك الوحش، لأنه هو أيضا لم يكن قد رأى سلحفاة بحرية من قبل، أو سمع عنها، ولذلك أمر حراسه بمحاصرة البحيرة والقبض على ذلك الوحش الرهيب، وبقلوب فزعة تمكن الحراس الذين لم يكونوا قد رأوا سلحفاة من قبل من محاصرة الوحش الرهيب، واصطياده في شبكة
ثم حملوه إلى داخل القصر، ووضعوه أمام الملك، وجمع الملك أعوانه ومستشاريه، ليأخذ رأيهم فيما يجب أن يفعله بذلك الوحش الرهيب، فأشاروا عليه بقتله، حتى يتخلصوا من شره.
أصدر الملك أمره إلى رئيس الحراس بقتل السلحفاة في الحال، فرد عليه رئيس الحراس قائلا: ولكن ذلك الوحش الرهيب يرتدي درعا ضخمة حصينة، يحتمي بداخلها فكيف نستطيع قتله يا مولاي؟
فعاد الملك إلى أخذ آراء أعوانه ومستشاريه وكانوا جميعا يخافون الوحش الرهيب الواقف أمامهم مكبلا في الأغلال
فقال أحدهم: مرهم يا مولاي أن يضعوه في الفرن ويحرقوه، وقال آخر: مرهم یا مولاي أن يدقوا تلك الدرع بالمعاول والفؤوس حتى يُحطموها، ثم يقتلوا الوحش.
وكانت السلحفاة تنصت إلى أفكارهم الرهيبة مرعوبة، لكنها لم تستطع أن تفعل شيئا لإنقاذ نفسها.
أخيرا تكلم أحد الأعوان وكان يخاف المياه فقال: من رأيي يا مولاي أن نرمي هذا الوحش في البحيرة، حيث يفيض ماؤها في اتجاه النهر، بذلك يغرق ذلك الوحش في النهر ونستريح من شره.
ووجدت السلحفاة في ذلك النجاة، لكنها تظاهرت بالخوف من الماء، فصاحت قائلة: أيها الشيخ قاسي القلب من أين جاءتك هذه الفكرة القاتلة، لقد كانت كل أفكاركم رهيبة، لكن هذه الفكرة هي أكثرها بشاعة، ألا تشفقون على من الغرق؟
وأمر الملك بإلقاء السلحفاة في البحيرة، فسبحت في اتجاه النهر وهي لا تصدق أنها نجت من الموت.