قصة سارة والسلم
كان يا مكان، في قديم الزمان في إحدى البلدان على سفح جبل من جبال بلادي، قرية صغيرة وادعة الخضرة أينما نظرت الماء شلالات تسيل من صخر ذلك الجبل، تسحر كل من أمعن النظر إليها إنها جنة الله على الأرض. وأكثر أهلها بسطاء متحابون يساعد بعضهم بعضا في كل شيء.
كانت تعيش فيها عائلة صغيرة، الأب عادل، والأم أمينة، رزقهما الله ابنة سموها سارة، الفرح يملأ البيت كلما لعبت سارة، تكلمت ومشت طار الأب والأم فرحا، لأنهما يحبان أن تكبر بسرعة، ذات يوم صيفي ذهبت الأم أمينة إلى الحقل تحمل طعام الغذاء لزوجها عادل كالعادة، وكان الوقت ظهرا، وحرارة الشمس شديدة جدا
وفور وصولها نادت زوجها عادل أن يأتي لتناول الطعام، وجلست تحت شجرة من أشجار الحقل، وبعد أن جلس عادل يتناول الطعام نظر إلى أمينة فوجدها تسند رأسها إلى جزع الشجرة، قال: ما بك ؟
قالت أمينة: رأسي يؤلمني كثيرا.
قال: اغسلي وجهك بالماء.
غسلت وجهها وظلت تعبة، فأخذها إلى البيت، ووضعها على فراشها لتستريح وتنام بعض الوقت، تأخرت أمينة في نومها
فاقترب منها وناداها أمينة أمينة استيقظي يا عزيزتي ، فلم ترد عليه فرفع صوته وصرخ لقد ماتت أمينة وتركته مع ابنته سارة الصغيرة.
فقدت سارة ذات الصدر الحنون، حزن عادل كثيرا و بكاها وتألم، كان يزور قبرها ويزرغ الورد حول القبر،
يرعى سارة ويعتني بها، وبعد مدة جاءت الجدة فاطمة أم أمينة وقالت لعادل: أريد أن آخذ سارة وأعتني بها، وأنت تتفرغ لعملك في الحقل،
قال عادل: كما تريدين.
حملت الجدة سارة وهي تبكي ابنتها أمينة، ونظرات عادل يغمرها حزن شديد.
ومرت السنوات وكبرت سارة ، وعادل مخلص لذكرى زوجته أمينة.
تعرف عادل على أبو محمود، أحد سكان القرية، كانا يلتقيان في المقهى كلما سمحت الظروف، وصار بينهما صداقة وزيارات
كان عند أبو محمود ابنتان علياء الكبرى وخديجة الصغرى، يزورهم عادل فيجلسوا جميعا إلى الطعام والحديث، لاحظ عادل أن علياء تنظر له نظرة اعجاب وهي صبية جمال وحشمة، هذه هي المناسبة له.
رحم الله زوجته أمينة، ففكر عادل أن يرتبط بعلياء، فطلبها من والدها وكان القبول من العائلة وتزوج للمرة الثانية.
وسارة ما زالت عند جدتها فاطمة يزورها والدها كل مدة يسأل عنها.
أنجبت علياء وصار عندها ابنتان مريم وفضة، مريم هي الكبرى، طلبت علياء من عادل أن يعيد سارة وستكون لها الأم الحنون
فصدق عادل وذهب إلى الجدة فاطمة وقال لقد آن الأوان أن تعود سارة إلى بيت أبيها وتعيش تحت رعايته.
سارة الابنة المطيعة، لقد ربتها الجدة فاطمة تربية صالحة صادقة
كانت سارة، تجيد أعمال البيت، جميلة الصورة، تعلمت للمرحلة الابتدائية، تقرأ وتكتب تسمع كلمة خالتها علياء، التي كانت تعاملها في وجود والدها معاملة حسنة وعند غياب الأب بسبب عمله ترى سارة نجوم الظهر كما يقال، لا تستريح دقيقة واحدة بين نظافة البيت وجلب الماء وإطعام الحيوانات وتذهب إلى السوق لجلب لوازم البيت، وتطهوا الطعام مثلما علمتها جدتها
وتعلمت فن التطريز في أوقات فراغها حيث تجلس مع لعبتها الخشبية التي تضع عليها القماش، وتبكي في غرفتها، لا يعرف عادل بحال ابنته سارة، لأنها تخاف خالتها ولا تقول لوالدها ماذا يجري في حياتها، كيف تمر الأيام عليها في عذاب وظلم، بينما تعيش أختاها مريم وفضة بكل دلال، مريم لا تحب سارة، تعاملها كأنها خادمة في البيت، وكلما أرادت حاجة من حاجياتها تنادي سارة بصوت عال حتى تقضي لها حاجتها.
وفي صباح يوم من أيام الربيع استيقظت الخالة علياء ودخلت المطبخ فلم تجد سارة تحضر الفطور كالعادة، غضبت وراحت تدق عليها باب غرفتها وهي تشتمها، تريدين أن نبقى دون طعام الفطور، فردت سارة حاضر.
دخلت الأم غرفت بناتها توقظهن بكل حنان وكلام جميل، جلست كل منهن على فراشها وهي تضحك للوالدة علياء فرحين بالصباح الجميل، وبعد أن خرجن إلى باحة الدار
قالت مريم: سأصعد السلم إلى السطح وأنظر إلى القرية بهذا الصباح الربيعي، بينما كانت مريم تصعد السلم كانت علياء تنادي سارة، أخرجي سارة
ولما رأتها الخالة ركضت لتضربها، أخذت علياء السلم بطريقها لأنها لم تره فوقعت مريم، وأخذت الأم تضرب نفسها وتصيح أنا السبب أنا السبب.
دخل الجيران، وجاء عادل، فوجد مريم ملقاة على الأرض ورأسها ينزف دما، لا يستطيع الكلام مندهش بهذا المنظر لقد ماتت مريم، وبعد أيام من الحزن جاءت علياء بكل حنان وقالت لسارة: أرجوك أن تسامحيني يا ابنتي، أنا أخطأت بحقك يا عزيزتي، نظر عادل إلى سارة فبكى وقال: غفر الله لي يا ابنتي لم أكن أعلم، وأنت لم تعلميني بشئ مما يجري في حياتك.
وقفت سارة وهي لا تعرف ماذا تقول، دموعها تسيل حزنا على أختها مريم، وتغفر للخالة أعمالها السيئة، غفر الله، إن الله غفور رحيم.