الصداع النصفي أسبابة وعلاجه
ما يعني الصداع النصفي؟
يطلق بعض الناس مصطلح الصداع النصفي (الشقيقة) لوصف أي شكل من أشكال الصداع الشديد. إلا أن كل أشكال الصداع الشديد ليست صداعا نصفيا، وليس كل أنواع الصداع النصفي شديدة، رغم أن الكثير منها تؤدي إلى آلام شديدة.
إن نوبات الصداع النصفي «التقليدي»، تسبقها حالات ظهور هالة بصرية aura، تتكون عادة من أشكال بصرية مشوشة غريبة – خطوط متكسرة، ومضات ضوئية، وبين حين وآخر، فقدان مؤقت للرؤية، تنميل ووخز يؤثران على جهة واحدة من الشفتين، واللسان، والوجه، وكذلك أحيانا في اليد الواقعة على نفس الجهة.
ويقود الصداع الناجم عن المرض، سواء كان مصحوبا بالهالة أو لم يكن، إلى ظهور الآلام التي تبدأ (وتظل أحيانا) في جهة واحدة من الرأس. وتتسم الآلام بوجود النبضات، كما يعاني الكثير من المصابين من الغثيان، الحساسية الفائقة للضوء أو الصوت، أو لكليهما.
وجدت بعض الدراسات أن 40 في المائة من المصابين بالصداع النصفي يعانون من آلام في نصفي الرأس كليهما، لا في نصف واحد، كما يعاني الأطفال المصابون بالصداع النصفي من آلام في نصفي الرأس.
كما يحتمل وقوع الخلط بين باقي أشكال الصداع الأخرى مع الصداع النصفي. فالصداع النصفي قد يتسبب في احتقان الأنف وسيلانه، ولذا فقد تشخص حالته أحيانا بأنه صداع ناجم عن الجيوب الأنفية. والصداع العادي الذي يعاني منه غالبية الناس له سمات تشابه الصداع النصفي، مثل الصداع الجهوي والغثيان.
وحتى الآن لا يوجد اختبار لتحليل الدم لتشخيص الصداع النصفي. وهذا المرض لا يتسبب في حدوث تشوهات في تركيبة الدماغ يمكن لأجهزة المسح بالأشعة الطبقية أو الرنين المغناطيسي كشفها، رغم أن الأطباء يطلبون إجراء مثل هذه الاختبارات لتشخيص المشكلات التي تسبب صداعا شديدا مثل الكشف عن حالات النزف في الدماغ.
وتساعد الدراسات الوبائية حول انتشار الصداع النصفي على إزالة الشكوك حوله. فقد أشارت النتائج الموثقة إلى أن النساء يصابون بالصداع النصفي أكثر من الرجال بمعدل ثلاث مرات، وأن الإصابة بالمرض تنتشر في صفوف العائلات المصابة به، وأن ظهوره يقل مع تقدم العمر.
ماهي أسباب الصداع النصفي؟
هناك إجماعا شبه تام حاليا على أن الصداع النصفي ينشأ أصلا داخل الدماغ، وليس في الأوعية الدموية المحيطة به. وإحدى النظريات السائدة تشير إلى أن الصداع النسبي ينجم عن ظهور موجات سريعة تتولد من نشاط خلايا الدماغ، وتخترق هذه الموجات لحاء الدماغ، أي الطبقة الخارجية الرقيقة لأنسجة الدماغ، ثم تعقبها فترات من الخمول.
ويطلق على هذه الظاهرة اسم يثير الالتباس وهو «الانضغاط اللحائي المنتشر
وقد رصدها لأول مرة العالم البرازيلي أريستيدس لياوا، لأول مرة عام 1944 في أدمغة الجرذان، وقد أثبت الكثير من الدراسات وجود هذه الظاهرة لدى الإنسان أيضا.
وتبدو ظاهرة «الانضغاط اللحائي المنتشر» معقولة كسبب لحدوث الهالة، إلا أن الباحثين ربطوها أيضا بحدوث الآلام. ويقدم المدافعون عن هذه النظرية نتائج التجارب التي تفترض تحفيز هذه الظاهرة على حدوث التهابات وعمليات أخرى، تحفز بدورها مستقبلات الألم على الأعصاب ثلاثية التوائم. وهذه الالتهابات «في داخل الأعصاب» ووجود بعض العوامل الأخرى تجعل تلك المستقبلات – وأجزاء الدماغ التي تستقبل إشاراتها – حساسة جدا، ولذلك يحدث الصداع النصفي.
يقول بعض الباحثين إن الصداع النصفي يمكن تفسيره أفضل ما يمكن انطلاقا من أسفل الدماغ أي من جذع الدماغ. فهذا الجزء «البدائي» من الدماغ يتحكم في الوظائف الأساسية مثل التنفس والاستجابات للألم، كما أنه يقوم بتكييف وتعديل الكثير من الوظائف الأخرى مثل المعلومات الواردة من الحواس.
والنظرية هنا هي أنه إن توقفت مناطق معينة من جذع الدماغ عن العمل بشكل مضبوط أو تم استثارتها بسهولة، فإنها تبدأ في القيام بعمليات متتالية من الأحداث العصبية ومن ضمنها الانضغاط اللحائي المنشر، الذي يقود إلى ظهور الأعراض المتعددة للصداع النصفي.
ماهي محفزات الصداع النصفي
الكثير من المصابين بالصداع النصفي حساسون للمؤثرات الحسية القوية مثل: الأضواء الساطعة، والضوضاء القوية، والروائح الشديدة.
ويعتبر الأرق واحدا من المحفزات، وكذلك أيضا النوم لفترة طويلة. كما أن الاستيقاظ من النوم العميق بسبب الصداع هو أحد الأعراض المميزة للصداع النصفي.
ويعاني الكثير من النساء من الصداع النصفي المصاحب للدورة الشهرية المرتبط بانخفاض مستوى الأستروجين في الأيام التي تسبق بداية الدورة الشهرية أو التي تعقبها. كما أن بوسع الكحول وأنواع معينة من الغذاء تحفيز حدوث الصداع النصفي.
والتوتر هو واحد من أكثر المحفزات شيوعا لحدوث الصداع النصفي، الذي لا يمكن التحكم فيه. ومن الملاحظ هنا أن الصداع النصفي لا يحدث في قمة التوتر، بل عندما يبدأ التوتر في الانحسار.
طرق الوقاية من الصداع النصفي
الصداع النصفي لا يشابه أمراض القلب، وهي حالات مرضية ترتبط بعوامل خطر كثيرة يمكن للإنسان تجنبها أو خفض تأثيراتها. وفيما عدا خفض الوزن الزائد للبدينين فإنه لا توجد أي توصيات معروفة حول كيفية درء الصداع النصفي للأشخاص الذين لم يصابوا بهذا المرض.
ولكن، إن كنت من المهددين بالصداع النصفي، فهناك الكثير من الخطوات لدرء حدوث النوبة.
– أول خطوة هي في الغالب التعرف على المحفزات، لكي يمكن تجنبها. وهذا قد يحتاج إلى بعض الوقت والتفكير.
– اتباع منهج منتظم يخلو من التوتر، يشمل الحصول على قسط من النوم، ووجبات طعام متوازنة، وتمارين رياضية، وقد يسهل الأمور. وتعتبر أي خطوة تقلل التوتر سواء كانت ممارسة رياضة اليوغا، أو التأمل، أو التمارين الرياضية.. ستكون مساعدة.
– الأشخاص الحساسون للضوء يكونون أكثر حساسية للضوء الأحمر في الطيف الشمسي، ولذا فإن ارتداء نظارات زرقاء أو خضراء يساعد على مقاومة النوبة.
– إن لم تتم الاستفادة من التغيرات غير الدوائية، فـ أدوية حاصرات بيتا ، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ، ومضادات التشنج ، تعتبر الأدوية الأكثر شيوعا الموصوفة طبيا. ولها كلها آثارها الجانبية، ولذا يجب تناولها بجرعات صغيرة وفي حالات تكرار نوبات الصداع النصفي فقط.